نجاعة الاستغلال

تبقى الطّاقة منبعا يتدفّق بالثروة وجسرا حقيقيا للإقلاع الاقتصادي، وفوق ذلك لديه القدرة ليدعم استمرارية وتيرة النمو.
 لعل حسن الاستغلال ودقة التخطيط وحنكة الاستشراف قادرة على جعل هذا المنبع لا يتأثّر بالتغيرات التي تعرفها السوق وبعيدا عن هاجس نفاد الثروة الباطنية، كون الطاقة كانت ولازالت محرك الصناعة والفلاحة والخدمات، ولا يمكن لتكنولوجيا الاتصال أن تتحرّك من دونها.
إذا يبدو أنّ المرحلة الحالية جد مناسبة حتى يتم تهيئة أرضية الانتقال بشكل تدريجي ومتأني نحو الطاقات المتجدّدة، ومن شأن ذلك أن يقلّص مستقبلا من كلفة استغلال الطاقة مقارنة بنفقات استخراج الطاقة التقليدية، وكما أنّ المستثمرين مطالبون بعد التسهيلات التي اقرها قانون الاستثمار والحسم في المناطق الصناعية، بخوض معركة التنمية في العديد من القطاعات التي مازالت في حاجة إلى تكثيف الاستثمار على مستواها، نذكر من بينها قطاعاالفلاحة والسياحة على وجه الخصوص.
 غير أن الاستثمار  بهدف تنويع الاقتصاد من الضروري أن يشمل الطاقات المتجددة، والقطاع الخاص مدعو للانخراط في هذا مسعى الذي تحرص الجهات المختصة على تجسيده، وعدم الاكتفاء بما سوف تخصصه الدولة للاستثمار في هذا المجال الحيوي الذي سوف يرافق لا محالة وتيرة النمو في مختلف القطاعات المطالبة بالنهضة حقيقية.
 تبقى الطّاقة البديلة التي توصف بأنها الأطول عمرا والأقل ضررا على البيئة، خيارا حتميا يتطلّب مشاركة الجميع حتى يتكرس وتنجح الجزائر في تنويع مصادر طاقتها، والإسراع بانتقاء المشاريع ضمن البرنامج الوطني للطاقات المتجددة المسطر بهدف تسريع التنمية الاقتصادية وضمان استمراريتها.
وفي الحقيقة القطاع الخاص ينتظر منه حركية تنعكس على الصعيد التنموي، حتى لا يبقى الاستثمار في الطاقة مقتصرا على الدولة وحدها. القطاع الخاص مدعو كذلك لبناء شراكات وتحويل التكنولوجيا والمساهمة في تكوين الموارد البشرية وانتقاء الكفاءات من الجامعات والتواصل مع مراكز البحث واستقطاب الابتكارات واحتضانها والبحث عن الأسواق الخارجية، لبلوغ الوتيرة التي تحرّرنا بشكل تدريجي من الطاقة التقليدية، وتحل محلها طاقة غير تقليدية. دون شك فإنّ حسن استغلالها يجعلها لا تنضب ويخفض من تكلفتها، ونجاعة استغلال موارد الطّاقة البديلة، التي تزخر بها الجزائر مفتاح إقلاعها ودوام نموّها.