مراجعة الحسابات وتدقيق الميزانية

سعيد بن عياد
21 ماي 2017

يحدث رمضان، خارج إطار الطابع الشرعي والعقائدي للشهر الفضيل، حركية غير عادية في الأسواق التي تتحول إلى فضاءات لمعارك يومية بين التاجر والزبون، حيث يشرع الأول (اغلبهم على الأقل) بعد أن يتجرّد من قيم وأخلاقيات المهنة في شحذ سكاكين الغلاء والتلاعب بالأسعار مسطرا هدفا مركزيا يتمثل في ضرب ميزانية المواطن، فيما يبدأ هذا الأخير في ضبط خطط مجابهة الأمر الواقع وإعادة الحسابات وتدقيق الميزانية للتعامل مع فاتورة يوميات رمضان..
خلافا لتجار بلدان بأوروبا، حيث أعلنوا مبكرا عن تخفيضات للزبون الصائم في سلوك حضاري يعكس الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، لا يتورّع غالبية التجار عندنا (ما عدا من مازال يحمل ذرة قيم وبعض الأخلاق) في التحضير لعملية على ميزانية المستهلك سطو في وضح النهار، غير أبهين بالقانون أو بالمبادئ التي تحكم النشاط التجاري، ذلك أن همهم الأول والأخير(وهو أمر شرعي لو يتم ضمن الشفافية والتوازن) تحقيق أعلى مستويات الربح وجمع الثروة.
في هذا الشهر، الذي يترك أثره في نفسية المستهلك الجزائري التواق للرفاهية والحريص على جعل رمضان موعدا للالتقاء والجلوس حول موائد مليئة بالخيرات، يسعى متعاملو الأسواق إلى فرض «قانونهم» مستغلين مناخ حرية النشاط التجاري ومؤشر القدرة الشرائية التي تواجه في هذه المرحلة العسيرة اقتصاديا وماليا تحديات صعبة تتطلب تنمية التضامن الذي يمكن للتجار أن ينخرطوا فيه بالتزام منهج عمل متوازن وعادل من خلال عدم الإفراط في الربح ومرافقة المستهلك باعتماد أسعار معقولة، خاصة وأن المؤشرات المرصودة تؤكد تحسن مستويات العرض بالنسبة للمواد الغذائية من خضر وفواكه وتطور نمط الاستهلاك لدى العائلات الجزائرية.
وهنا ينبغي التوقف قليلا لتحسيس المستهلك بمدى أهمية إتباع نمط معيشي رمضاني صحي واقتصادي يبدأ بالحذر من السقوط في قبضة تجار يجيدون التسويق ويتحكمون في ميولات الزبون المولع بتنوع الإطباق. ولأن أيام الشهر الكريم تتحول إلى أيام إنفاق، لا مجال للإفلات منه لعوامل سوسيولوجية وسلوكات جزائرية بامتياز، فإن الضرورة الاقتصادية تحتّم التزام حد أدنى من اليقظة الاقتصادية من أجل توصل العائلة الجزائرية إلى قضاء شهر في ظلّ الاستقرار والقدرة على تلبية الاحتياجات.
ولهذا الغرض، وبعد أن عاشت أسواق الخضر والفواكه قبل أيام موجة ارتفاع فاحش للأسعار أدت إلى استهجان واسع من كافة الفئات، عرفت في الأيام القليلة الأخيرة «انفراجا» بتراجع مؤشر الأسعار إلى مستويات مقبولة عاد معها الهدوء إلى النفوس ليجد كل طرف حسابه، وتساهم الأسواق الموازية وتجار المركبات المتنقلة في توفير هذا المناخ الذي يجب أن يستمر طيلة الأسابيع القادمة وفقا لمعادلة تراعي مصلحة التاجر والزبون على اعتبار أن مصلحة الأول من الثاني والعكس صحيح.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024