صنّاع التاريخ

بقلم: أسامة إفراح
22 نوفمبر 2017

لم تكن المرة الأولى التي ألتقي فيها المجاهد والدبلوماسي محمد خلادي، المعروف بخالد، ولكن لقاء أول أمس بمكتبة شايب دزاير كان له طعمه الخاص، ببساطة لأنه جاء للحديث عن كتابه الأخير: «من كينيدي إلى بوصوف»، وحينما يتمحور اللقاء حول كتاب، فلا يمكن أن يكون كغيره من المناسبات.
صحيح أن «السي خالد» تحدث عن عديد المحاور في تجربته كمجاهد في ثورة التحرير، ودبلوماسي مثّل الجزائر المستقلة في مختلف الدول والمنظمات، وقبل هذه وتلك، فإنه خرّيج «مدرسة» وزارة التسليح والاتصالات العامة (مالغ)، ولكن ما لفت انتباهي نقطتان اثنتان:
النقطة الأولى هي مسألة كتابة التاريخ، ولطالما أكدت وردّدت ترحيبي بأية مبادرة من أجل كتابة التاريخ وتدوين أحداثه، خصوصا الشهادات والمذكرات، على أن يبقى الحكم على قيمة هذه الشهادات للمؤرخين والمختصين. ويصير لكتابة التاريخ بعد آخر حينما تقوم بذلك شخصيات نشطت في مجال الاستعلامات والتسليح، بما يتطلبه هذا النشاط من تستّر وسرّية وتحفظ.
النقطة الثانية هي أهمّية اللقاء المباشر من الشهود على عصرهم، وكتبة التاريخ، لأنه يوجد فرق كبير وجليّ بين قراءة شهادة أحدهم أو كتابه، وبين أن نتناقش معه ونلمس تفاعله مع الأحداث، وإحساسه مع ما عايشه، وإذا كانت نظرته إلى تلك الأحداث قد اختلفت بين الأمس واليوم.
من أجل ذلك، نوجّه تحية لصنّاع تاريخنا الذين تصالحوا مع أقلامهم ووثّقوا ما عايشوه وعاينوه في كتب، وفوق ذلك سعوا إلى لقاء قرّائهم وسلطوا الضوء على مناطق الظل التي تكون قد بقيت في شهاداتهم.
هذه التحيّة موجّهة أيضا إلى محتضني هذه اللقاءات والقائمين عليها، ونخصّ بالذكر، في هذه السانحة، الوكالة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، وفريقها الذي حوّل مكتبة شايب دزاير إلى منبر للمثقفين وفضاء لتبادل الأفكار، والحرص على أن يكون النقاش جريئا حرّا إلى أقصى الحدود، في إطار الاحترام المتبادل والقيم الوطنية والمجتمعية المتعارف عليها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024