ودعت الساحة الثقافية والجامعية، قامة معرفية نقدية وفكرية ممثلة في شخصية الفقيد الدكتور شريبط أحمد شريبط، الإسم الثلاثي الذي إختاره «سي أحمد» كما يفضل أبناء بونة مناداته تيمننا بالكاتب جبران خليل جبران بحكم أنه كان عاشقا لكتاباته وسيرته.
إنه فقدان بحجم الخيبة الكبيرة يظل يخيم على أسوار بونة… «الكور» وساحة الأسلحة «بلاص دارم».
شريبط الإنسان، الذي أحب الجميع وأحبه الجميع لا يجيد في طلاسم الطعن والهمز والغيبة، فكان إنسانا رائعا بكل المعاني التي تتسم بها الإنسانية إلى حد كبير من السخاء ويده ممدودة بكل الأوصاف الجميلة.
شريبط الأكاديمي وهو الباحث الذي لا يهد له بال، فتجده يبحث في أمهات الكتب والدوريات والمخطوطات، يكشف المكنون من العلاقات والروابط الانسانية، يجيد هواية المطالعة وأروقة الجامعة، فلا يتغيب عن طلبته إلا لماما بدواعي مرضه الذي رافقه طويلا، وصبر على كل أتعابه وتوابعه.
شريبط المثقف، كان الحاظن الأمين والراعي والموجه لكل التجارب الإبداعية الشبابية من جيل إلى جيل، يقرأ ويستمع ويوجه، وينقد كل محاولة فتية حتى تستوي ويشتد عودها ويصر صاحبها، يحمل ملامح الكتابة الابداعية سواء في القصة أو الشعر أو الرواية.
شريبط المكافح فهو من طينة نادرة جدا، ولا عجب وأنه حمل في قلبه صبر أيوب بعد القصور الكلوي والضغط الدموي وداء السكري ظل وفيا لكتاباته، وتدخلاته في الملتقيات أو الندوات التي كانت تقام هنا وهناك وتارة مع البحث في أمهات الكتب وراء الدراسات التي أخذت من وقته الكثير.
شريبط كان مكتبة متنقلة، لا يكد ولا يمل، رغم الأمراض المستعصية التي لاحقته، ورافقته طيلة عمر من الزمن إلى آخر زفرة من حياته.. كان قويا جدا، يتألم في صمت حتى لا يثير شفقة من حوله، وعكف على حالته تلك يقاوم الأمراض في صمت.
سيظل إسمك منقوشا بأحرف كبيرة في الذاكرة الوطنية «ثقافية وأدبية» على السواء، سيظل إسمك يحمل ملامح ذلك الرجل الصمود المقاوم.. لايآبه بالأوجاع والالام مهما استعظمت وكبر حجمها وشكلها، سيظل إسمك حاضرا في الكلمات والامسيات، وستظل الأمكنة التي عاهدتها بالجلوس إلى جوارها تستحضر خيالك الانساني بكل معانيه برغم المرض العصيب كنت إنسانا استثنائيا لا تشبه الإنسان.
