تحيّة لمن ساروا على درب القرار السيـــادي

جمال أوكيلي
17 فيفري 2018

تحل علينا الذّكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمّال الجزائريّين في سياق اقتصادي واجتماعي خاص حافظ على استقرار أدائه بالرغم من الصّدمات التي لحقت بالقطاعين.
الأول تأثّر بفعل انهيار أسعار البترول ممّا أثّر على مداخيل البلد بشكل مباشر، والثاني قاوم كل المحاولات الرامية إلى نسف المكاسب المحقّقة منها بالخصوص استمرار ما يعرف بالتّحويلات الاجتماعية الواردة في قانون المالية بشكل لم يتوقّعه البعض أو بالأحرى تفاجأوا له عندما بلغ سقفه ٥ ، ١٧ مليار دولار.
بقدر ما نستحضر البعد التاريخي للحدث إلاّ أنّنا نقف وقفة إجلال وإكبار لكل أولئك الذين ساروا على درب الإستمرار في تخليص البلد من قبضة الإحتكارات الأجنبية لاستكمال حلقات التحرر بتعزيز الاستقلال السياسي بالقرار الاقتصادي السيادي.
وقيم الثّورة الرّاسخة كانت بمثابة خارطة الطّريق بالنّسبة لكل أحرار هذا الوطن بدليل مواصلة مسار هذا العنفوان في الانتقال من محطّة إلى أخرى بإرادة لا تلين من أجل تعزيز السيادة الوطنية على كامل هذا البلد بدءاً من الستينات إلى غاية السبعينات، هذه الفترة تشهد على معارك حامية الوطيس بين الجزائر والقوى الغربية من أجل الثّروات الطّبيعية في باطن الأرض وفوقها.
هكذا خرجت الجزائر منتصرة انتصارا باهرا على الشّركات المتعدّدة الجنسيات، بتأميم كل ما كان بحوزتها، وتغيّرت قواعد اللّعبة رأسا على عقب، وجذريا بخضوع هؤلاء للقرار الجزائري، والعمل وفقه دون لفّ ولا دوران، وهذا بالإشراف المباشر على البترول وما يدرّه من أرباح، نفس الشّيء بالنسبة للمواد الأخرى.
هذا الخط المتّبع في تسيير ثروات الأمّة ما زال قائما بذاته، وهو مرجعية بالنسبة للجميع حفاظا على القرار السيادي النابع من المرجعية الوطنية للجزائريّين.
إن طرأ تغيير على العلاقات الدولية اليوم، فهذا لم يؤثّر أبدا على القناعات العميقة للجزائريّين في إبداء دائما تمسّكهم بسيادتهم على القرار المتّخذ، والذي يراعي مصالح هذا الشّعب والدليل على ذلك أنّ الدستور الأخير عزّز حقّا هذا المفهوم ولم يترك أي هامش فيما يتعلق بالثّروات الوطنية.
هناك دائما الأولوية للطّرف الجزائري في إدارة أي مشروع اقتصادي في جوانب المبادرة بتقييم عملية إقامة الشّركات الثّنائية، وفي حالة تسجيل أي تجاوزات يلغى العقد مهما كانت قيمته المالية، لذلك فإنّ ترقية أساليب التّسيير مقبولة لأنها عملية تقنية، أما الجوانب الأخرى فلن يسمح بأن يستمر العمل بها.
هذه الرّؤية بعيدة المدى هي التي تركت الجزائر دائما في موقع قوة، لا يتزعزع موقفها أبدا لأنّها تدرك ماذا تفعل حقّا بهدوء وبعيدا عن الأضواء  مما جعلها نموذجا مطلوبا يحتذى به من قبل البلدان النّاشئة.
الاختلالات التي أفرزها انخفاض موارد الجزائر إلى النصف جراء ما تعرّض له النفط، تعاملت معها السّلطات العمومية بواقعية وحكمة، ولاحظنا أنّ الأصوات المتعالية التي كانت تطالب بإلغاء الدعم لم يكن لها أي رجع صدى «عبارة عن صيحة في واد» بل بالعكس فإنّ الرد كان عبارة عن إضافة ٥ ، ١ مليار دولار إلى القيمة المخصّصة لهذا الجانب، وهذه رسالة قوية من الدولة الوطنية العميقة في سياستها المتوجّهة إلى الشّعب في قطاعات السّكن، الصّحة، التّعليم والمواد الغذائية.
لذلك، فإنّ مداخيل البترول منذ الشّروع في البرامج والمخطّطات تذهب إلى التّنمية الشّاملة، ولا بديل عن هذا الخيار كونه يترجم توجّهات وطنية تمتد في السياسات المتبعة عقب استعادة السّيادة، ومبادؤها ثابتة لا تتزعزع شغلها الشّاغل هو الشّعب الجزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024