كلمة العدد

الحلقة «الضعيفة» ؟

سعيد بن عياد
10 مارس 2018

يبقى مركز المستهلك في سوق مفتوحة على المنافسة وتلازمها تجارة موازية واسعة النطاق من بين الانشغالات التي تستدعي مرافقة متكاملة تشريعية وتنظيمية من شأنها ان تعزز جهود بناء سلوكات تقوم على الاحترافية والجودة على كافة مستويات السلسلة الاقتصادية من المنبع (المؤسسة والورشة) إلى المصب(السوق). وإذا كانت القوانين توفر حقيقة كافة الشروط التي تمنح للمستهلك حقوقا تحمي سلامته وصحته غير أن الواقع يقدم صورة أخرى تستدعي الرفع من درجة اليقظة من خلال توسيع وتدقيق الرقابة على المواد والمنتجات المختلفة لتأمين جانب السلامة للمواطن.
ولا يكتفى هنا برفع شعار بناء ثقافة استهلاكية بقدر ما ينبغي التأسيس لمعرفة استهلاكية مثلما يدعو إليه البروفيسور في القانون بعجي نور الدين (طالع الحوار في الملف) على اعتبار انه كلما كان المستهلك على درجة من المعرفة لما يتناوله ويستعمله ويلبسه كلما كان في مأمن من خطر محدق يكلفه الكثير. وهو ما ينبغي أن تشتغل عليه الجمعيات التي تنشط في هذا الحقل بحيث ترفع من درجة الوعي لدى أفراد المجتمع لتقوية جبهة استهلاكية لديها من الوعي والإدراك ما يجنب المجتمع تداعيات أضرار ناجمة عن غش في سلعة أو عيب في منتوج أو تلاعب في التركيبة.
لعلّ سوق المواد الغذائية هي الأكثر عرضة للاعتداءات على المستهلكين بمختلف أشكالها من تلاعب بالأسعار وتسويق مواد فاسدة أو معرضة للتلف إلى الغش في الموازين والمكاييل مرورا بعدم احترام شروط الحفظ والنقل السليم خاصة لمواد حساسة تتطلب معالجة ملائمة. وإذا كانت السوق على ما هي عليه من حرية للأسعار فإنها لا يجب أن تبقى خارج مظلة المراقبة من حيث احترام المعايير والالتزام بالمواصفات التي تتطلبها شروط حماية المستهلك. لذلك أصبح ضروريا مرافقة مسار اقتصاد السوق بما يلزم من أدوات الحرص على مبدأ المطابقة مع معايير الجودة التي يمكن اعتبارها «بالدركي» الناجع في السوق.
 في هذا الإطار يمكن عن طريق تفعيل آليات النوعية تطهير السوق من الدخلاء وإبعاد المتلاعبين ليبقى في الساحة من لديهم احترافية في الصناعة أو التجارة وباقي حلقات السلسلة بمن فيهم الذين ينشطون في مجال الحفظ والتبريد. فالمعايير هي بمثابة ميكانيزم محايد يبعد أي شبهة عن الإدارة المكلفة بمراقبة الأسواق في كافة الاتجاهات وبذلك يضع كافة المتدخلين على درجة واحدة في المعاملة ليستمر من لديه مطابقة ويختفي غيره.
وتمتد الجودة إلى كافة القطاعات بما فيها التعليم العالي الذي يعوّل عليه في إعداد البنية البشرية لاقتصاد المعرفة الذي يلقي بظلاله على العالم المقبل على الثورة الصناعية الرابعة القائمة على العلوم والمعارف، مما يستوجب تنمية القدرات الفكرية والتحليلية للموارد البشرية حتى تكون في الموعد مع الإبداع والتجديد والابتكار حتى لا نخطئ المنعرج وندرك الأفق بأقل كلفة وفي أجل قصير. وفي الوقت الذي تم الشروع في انجاز هذا الهدف يتأكد مجددا استيفاء شرط بناء جسر التواصل بين الجامعة وعالم الاقتصاد بجميع مكوناته لإنتاج القيمة المضافة المطلوبة في سوق تعرف تنافسا شرسا سوف تزداد حدته في المستقبل.   

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024