سلوكات!

«تقنين» لذهنية التجار

جمال أوكيلي
31 مارس 2018

مهما كانت الترسانة القانونية في الممارسة التجارية، فإنها لا تستطيع حماية المستهلك، لا لشيء سوى لأن ذهنيات بائعي الجملة والتجزئة مبنية على التحايل وفي اتجاه السعي لمزيد من الدخل، هذا ما يؤدي دائما إلى علاقة متوترة، لا تخضع لمنطق البحث عن هامش الربح فقط.
التاجر الذي نقصده كل صباح أو مساء (في المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، الخضار،  اللحوم الحمراء أو البيضاء) وغيرها... لا يعطيك ما تريده، دائما يٌلاحظ أنه يمد يده إلى مكان معين ومحدد بدقة كان قد أعده من قبل للتخلص منه، كونك لست زبونا له، إنما ذهبت عنده صدفة بسبب التزامات العمل وغيره.
الكثير من الناس نسجل على محياهم الغضب وعدم رضاهم عما سلم لهم من مواد، خاصة الخضر واللحوم وفي لحظة تندلع ملاسنات بين الرجلين إحتجاجا عل تلاعبات التاجر الذي يعتقد أن كل الأشخاص الذين يدخلون عنده بالإمكان إعطائهم كل ماهو فاسد عنده أو معرض للتلف.
هذه الحالات من المناوشات اليومية التي نقف عليها، لم يشر إليها أي قانون يحمي المستهلك. للأسف، هذا الأخير هو الذي يدافع عن نفسه وليس جمعيات  شغلها الشاغل «التفلسف» على الناس في قضايا أكبر منها، كاستيراد السيارات... ما دخلها في هذا؟! وهي التي عجزت عن حل إشكالات بسيطة جدا في واقعنا اليومي، لا تستطيع حتى مخاطبة تاجر أو دعوته للكفّ عن تلك الأعمال المخالفة للقانون.
نقول هذا من باب أن الغرامات والعقوبات بالغلق وغيرها التي أبدعت فيها مصالح التجارة عبر الولاية، تبقى محدودة في أدائها إن لم تتوجه إلى المعني مباشرة ألا وهو التاجر، وفتح حوار حقيقي لتوقيف كل تلك الهوامش والحيل التي حددها أو أقرها لنفسه كي يضمن مدخولا معينا ويبعد عنه بعض المواد التي تقلقه جراء مكوثها لمدة طويلة فوق الرفوف. زيادة على عدم التعامل معه بالفاتورات أو الاستدعاءات لـ «أمر يهمه»، هذه الثقافة الإدارية هي التي تجعل منه شخصا متمردا، في نزاع دائم مع أعوان الرقابة، كل ما يردُ على مسامعه بأن المفتشين في نواحي محله، يرفض استقبالهم وهذا من خلال غلق متجره طيلة ذلك اليوم، وهذا دليل قاطع على سوء العلاقة بين الطرفين، خوفا من أي إجراء  يتخذ ضده.
ونتساءل هنا، إلى متى هذا التشنج بين الإدارة والتاجر، في غياب تلك الجمعيات المعنية بهذا القطاع، خاصة ماتعلق بجانب الثقة، الحلقة المفقودة في كل هذه السلسلة التنظيمية في مجال حساس جدا، يتطلب المزيد من العمل التحسيسي القائم على إقامة تعاملات لا تشوبها أي شكوك.
اليس الفراغ التشريعي الذي نعاني منه في ترسانتنا القانونية هو الذي أحدث هذا الشرخ المستدام في المنظومة التجارية. ومهما حاولنا معالجة هذا الأمر، استنادا إلى ذلك الطرح الأحادي، فإننا لا نصل إلى الهدف المرجو وهذا في حال نسيان التعامل مع الذهنيات خاصة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024