هذيان سياسي وعقدة التعنت

جمال أوكيلي
10 أفريل 2018

سقط المغرب في مطبّ خيار سياسي فاشل ومحدود الأفق عندما أخذ يسلّي نفسه باجترار «اللاءات» و»التصلب» و»التشدّد» المصحوبة بحالة نفسية يائسة وصلت إلى حدّ الهيستيريا والهذيان واللاوعي والجنون تجاه القضية الصحراوية العادلة الموجودة لدى الأمم المتحدة قصد البحث عن الصيغة المقبولة التي أقرتها الشرعية الدولية استنادا إلى اللوائح الداعية إلى تقرير مصير شعب يرزح تحت نير احتلال غاشم، ووحشي منذ ٤٠سنة.
عاد المسؤولون المغاربة إلى طروحات تجاوزها الزمن ولم تعد صالحة في الوقت الراهن تتناقض تماما مع الحيوية الجديدة التي جاء بها كوهلر العازم على الغوص في عمق الملف الصحراوي وعدم الاستماع إلى كل تلك الضجة المفتعلة التي ترمي إلى التشويش على مساعيه الحميدة وتحركاته الخيرة ونواياه الحسنة التي لا تخرج عن أطر ما حدّده له مجلس الأمن أي مطالبة كل الأطراف المعنية بالانصياع إلى ما تمّ إقراره في هذا الشأن والرسالة هنا موجهة إلى المغرب للعدول عن كل مناوراته الحالية التي تعدّ تجنبا على الحل المرتقب وتعديا على المهمة التي كُلّف بها المبعوث الأممي.
كل هذه الشطحات للمغرب في الوقت الراهن إنما يراد من ورائها ضرب الجهود المبذولة ونسفها ونفهم جيدا ما يريد قوله في غضون الأيام القادمة وهو نفس الكلام الذي قيل عن المبعوثين الأمميين السابقين الذين وصفهم الشخصيات غير المرغوب فيها موالية لجهات أخرى ومنعهم حتى من دخول المغرب.
هذه الذهنية المزاجية وغير المسؤولة تطفو اليوم إلى السطح من جديد لتقف حجر عثرة وحاجزا أمام كل المبادرات المتخذة للخروج من حالة الانسداد الذي لجأ إليها هذا البلد عمدا للحفاظ على الوضع القائم والاستفادة من مزاياه ربحا للوقت.
اليوم الرد الحاسم والجواب الشافي سيكون من قبل الأمم المتحدّة وفق رؤية سديدة ونظرة حكيمة مرجعيتها اللوائح الصادرة عن مجلس الأمن، وتوصيات الاتحاد الافريقي التي أكدت على المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع (المغرب وجبهة البوليزاريو) والسماح للمبعوث السامي شيسانو بزيارة مدينة العيون للاطلاع على أوضاع الصحراويين الإنسانية.
ولن تسكت المجموعة الدولية هذه المرة عن أي حماقة يرتكبها المغرب ونعني بذلك تحديه وتعديه على القرارات الأممية وهو يدرك ذلك جيدا أن أقدم على زلاّت أخرى كما كان الأمر في السابق حين عانى المبعوثون الأمميون ضغوطات رهيبة من مسؤولي هذا البلد بدرجة لا توصف.
ما تتداوله الأقلام المأجورة عن الجزائر، لن نسكن عنه أبدا لأنها أقوال مبنية على مغالطات فادحة لا تغتفر لكل من يقف وراءها عندما أطلقوا العنان لاتهامات باطلة ضد الجزائر لا تعدو ولا تحصى وذهب أحد الغلاة المتطرفين سياسيا إلى استعمال عبارات لا تليق بتاتا ويتحمل مسؤوليتها، منها الجزائر تلعب بالنار
«هذا التأجيج المفضوح إنما ينمّ على المستوى المنحط من غياب العقل الراجح في الظروف العصيبة التي يمر بها المغرب جراء الاحتجاجات الشعبية على أكثر من جبهة وما عليه اليوم إلا ايجاد المشجب الذي يعلّق عليه كل متاعبه الاجتماعية.
وقد أخطأ الخطاب السياسي المغربي خطأ استراتيجيا عندما فتح هذا الملف تجاه الجزائر. لماذا، لأن القضية الصحراوية لم تبدأ اليوم بل تعود إلى أكثر من ٤٠ سنة فما عليهم إلا العودة إلى الأرشيف الأممي لاكتشاف ذلك ولا يوجد في هذا العالم من يقع في الفخ المغربي بادعائه بأن مشكل جزائري ـ مغربي، إلا مروجوه من المغاربة الذين أرادوا إيهام الرأي العام بهذا الطرح البعيد كل البعد عن الواقع للتغطية عن قضايا داخلية توشك أن تهزّ استقرار هذا البلد.
نفس الطروحات التي كانت في منتصف السبعينات مع مسيرة «العار والدمار» تتكرر اليوم. ما أشبه اليوم بالبارحة، لكن للأسف بالأكاذيب والأباطيل، وشحن الناس فماذا يعني اللقاء الذي جرى في العيون المحتلة؟
والذي كان بمثابة مرافعة ضد الجزائر لأناس التقوا هناك لتشويه الحقائق الساطعة الموجودة في الميدان ومآل هذا الاستقطاب المكشوف الفشل الذريع والسقوط الحر، كما كان ذلك في السابق، لأن المغرب لا يفقه في المواقف المبدئية الجزائرية الثابتة ولا يعرف قوة اللائحة ١٤ / ١٥ حول تقرير مصير الشعوب المستعمرة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024