الكيماوي ..الورقة الأخيرة

أمين بلعمري
14 أفريل 2018

مرّة أخرى توظّف واشنطن الأسلحة الكيماوية لتبرير عدوانها على سوريا بدعوى استخدامها ضد المدنيّين، وهي نفس الذّريعة التي تحجّج بها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عند محاولة ضرب سوريا بدعوى تجاوزها للخطوط الحمراء واستعمال الكيماوي ضد المدنيين في الغوطة الشرقية، إلاّ أنّه عدل عن ذلك بعد خروج الوزير الأول البريطاني كاميرون من المغامرة التي كادت أن تشعل حربا عالمية ثالثة بعد إعطاء بوتين أوامره لأسطول البحر الأسود بالتحرك نحو الشرق الأوسط، ردّا على التهديدات الغربية لسوريا، وأمسك العالم حينها أنفاسه خوفا من اندلاع حرب عالمية 3.
عندما استلمت إدارة ترامب الملف السوري تبين أنّ الروس كانوا مسيطرين تماما عليه، خاصة بعد تدخّلهم عسكريا وسحب كل الأوراق من واشنطن وحلفائها، الذين يدعمون ما يسمى بالمعارضة السورية ولم يبق أمامهم إلا الأسلحة الكيماوية كورقة يمكن من خلالها توجيه ضربة عسكرية لدمشق وضمان عدم ردة فعل روسية لكي لا تتهم موسكو بأنّها تدعّم نظاما مجرما يقتل شعبه لم يعد ممكنا الدفاع عنه؟
جاء العدوان الصّاروخي الثلاثي لفجر يوم أمس بالتزامن وبسط الحكومة السورية سيطرتها على المزيد من الأراضي التي كانت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية، وآخرها دوما في غوطة دمشق التي تكتسي أهمية استراتيجية على اعتبارها الخطوط المتقدمة لحماية العاصمة السورية.
قبل قصف أمس وتحت نفس المبرّر استهدفت الغواصات الأمريكية  بصواريخ «توماهوك» قاعدة الشعيرات الجوية بسوريا شهر ديسمبر الماضي، بدعوى أنّ الطّائرات الحربية السورية التي كانت تقصف المدنيّين بالأسلحة الكيماوية تقلع منها؟ واللافت أنّ ذلك حصل في الوقت الذي كان مجلس الأمن يناقش فيه إرسال بعثة أممية لتقصي الحقائق حول استعمال هذا النوع من الأسلحة و الطرف التي استخدمها، إلا أن ترامب لم ينتظر لا اللجنة ولا مصادقة مجلس الأمن وأعطى أوامره بقصف قاعدة الشعيرات، وها هو السيناريو نفسه يتكرّر، وهذا ما قد يؤكّد اتّهامات روسية لواشنطن وحلفائها بتلفيق سيناريو الكيماوي للاعتداء على سوريا، وكان مسؤول روسي اتّهم قبل يومين المخابرات البريطانية بفبركة فيديوهات لاستخدام مزعوم للكيماوي من طرف الجيش السوري ضد المدنيين، وأضاف أنّ المخابرات البريطانية تحديدا مارست ضغوطا على منظمة أصحاب الخود البيض لفبركة هذا السيناريو؟
الضّربات الصّاروخية لواشنطن وحلفائها لا تكتسي أي أهمية استراتيجية على الأرض، وتبدو وكأنّها تسجيل حضور في المشهد السوري أكثر منه شيئا آخر كما تبدو وكأنّها تصرّف عشوائي ومتسرّع وليس عملا سريعا كما يدّعي ترامب وحلفائه من أجل ردع النظام السوري، ومنعه من قتل المزيد من المدنيين، ضف أنه خرق للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وهذا ناهيك على أنّها قرارات  لم تلق إجماعا داخليا، فلا ترامب استشار الكونغرس الأمريكي ولا تيريزا ماي سألت نواب مجلس العموم الذين كانوا في عطلة أصلا؟!

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024