اصلاحان العرب في حاجة إليهما ..

أمين بلعمري
16 أفريل 2018

جدّدت الجزائر تمسّكها بضرورة إصلاح جامعة الدول العربية خلال القمة 29 المنعقدة بالمملكة العربية السعودية، ما يثبت أن هذا المطلب لم يأت للاستجابة لتحديات ظرفية أو مجرد هدف لذاته.
تقدّمت الجزائر سنة 2005 بمشروع لإصلاح الجامعة العربية، إلا أن المقترح وبينما لقي حماس وتجاوب بعض القادة العرب فضّل بعضهم الآخر الحفاظ على الوضع الراهن وفق نظرة تراعي مصالح وتوجهات كل بلد على حدة وعلى حساب المصلحة المشتركة للدول العربية ككل.
أحداث ما سمي بـ»الربيع العربي» أثبتت أن الجزائر كان لديها ما يبرّر مطالبتها قبل 6 سنوات على اندلاعها بإدخال إصلاحات على الجامعة العربية لأنها كانت تدرك أن هذه الأخيرة لم تعد قادرة على الاستجابة للتحديات والتطورات المتسارعة التي يشهدها العالم ويكفي أن الدول العربية لم تستطع السيطرة على ملفات، ليبيا، سوريا واليمن وتركتها بين يدي قوى إقليمية، بينما اكتفت الدول العربية بلعب دور المتفرّج والنأي بالذات لتفادي عاصفة الربيع؟
عندما تمّ غزو العراق من طرف الولايات المتحدّة الأمريكية تبين حينها أن الجامعة العربية تجاوزها الزمن تماما ولم تعد قادرة على صيانة الأمن القومي العربي وإلا كيف نفسّر أن أحد أعضائها تغزوه قوة أجنبية دون أن يحرّك العرب ساكنا وأثار ذلك لا تزال بادية ليس على العراق ولكن على كل المنطقة العربية، فحالة الفوضى التي أدخل فيها العراق بسبب الغزو الأمريكي ثم حل الجيش والمؤسسات الأمنية العراقية الأخرى مهد الطريق لانتعاش الإرهاب وخلق التنظيم الدموي «داعش» الذي لم يتخلّص منه العراق السنة الماضية.
بعد ذلك بست سنوات فقط جاء الدور على ليبيا وتمّ الاعتداء الفرنسي ـ الأطلسي على ليبيا بدعوى حماية المدنيين من بطش القذافي ونظامه وإرساء الديمقراطية في هذا البلد لتتحوّل ليبيا إلى ماهي عليه اليوم من فوضى وخراب، ناهيك على أن تقارير استخبارية وإعلامية ذكرت أنها مرشّحة لاستقبال الإرهابيين العائدين من بؤر القتال في سوريا والعراق.
كل هذه المشاهد المأساوية التي تعيشها بعض الدول العربية لم تكن لتحصل لو تمّ إدخال إصلاحات على الجامعة وتزويدها بالمؤسسات والآليات القادرة على التكيّف بسرعة والاستجابة والرد على أي نوع من التحديات التي تواجه الدول العربية ككتلة واحدة وتمكنها من الرد على كل التهديدات والتحديات ضمن إستراتيجية عربية منسّقة ومدمجة كالجسم الواحد إذا أصيب منه عضو تداعى الجميع بالسهر والحمى وهذا لا يمكن أن يتحقّق إلا بإدخال إصلاحات جدية وعميقة تخرج جامعة الدول العربية من دائرة التنديد في حصد المزيد من الهزائم والانتكاسات إلى تكتل يساهم بفعالية في رسم السياسات الإقليمية والدولية لأن الدول العربية أصبحت - للأسف - مغيبة أو في أحسن الأحوال عديمة التأثير على هذين المستويين  لهذا يحتاج إصلاحين، إصلاح ذات بينهم وإصلاح جامعتهم؟!.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024