حضور ريادي

فضيلة دفوس
17 أفريل 2018

 

 

في محيط صاخب يسوده العنف والفوضى وتتراجع فيه القيم والمبادئ، تشكّل الدبلوماسية الجزائرية الهادئة، وهجا منيرا يضيئ عتمة هذا الواقع البائس بما تتمسّك به من مبادئ وما تتشبّث به من  ثوابت استمدّتها من ثورتها المجيدة والتي تقوم على احترام سيادة الدول وتبنّي الحوار السياسي لحلّ الازمات وفضّ النزاعات.
 الدّبلوماسية الجزائرية التي دأبت العمل في هدوء بعيدا عن أيّ صخب إعلامي استعراضي، اكتسبت على مرّ السنين والتجارب، احتراما وثقة كبيرين وباتت رمزا يحتذى به نتيجة دفاعها عن القضايا العادلة، ورفضها المتاجرة أوالمساومة على أيّ من مواقفها السياسية النّابعة من نشاطها النّضالي الممتد إلى معركة التحرير الكبرى.
ورغم التّعقيدات والظّروف المتشنّجة التي يعرفها العالم، فقد واصلت الآلة الدبلوماسية الجزائرية نشاطها، متشبّثة بمبادئها التي دافعت عنها عبر الأجيال لا سيما حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم التدخل في الشّؤون الداخلية للدول.
وفي السياق، تعاطت الدبلوماسية الجزائرية ولازالت بآلية حكيمة مع الأزمات التي تشهدها دول الجوار والإقليم، من منطلق إدراكها بأنّ تداعياتها يمكن أن تطالها، حيث أصرّت على أنّ الحل الوحيد للمعضلة اللّيبية والأزمة في مالي يكون داخليا وبمنظور إقليمي عبر الطّرق السياسية، خاصة بعدما أثبتت التّجارب كارثية التدخلات الخارجية والخيارات العسكرية.
ومازالت الجزائر التي أقنعت المجموعة الدولية بأن الحلّ في ليبيا لن يكون إلاّ سلمياّ، تواصل جهودها لمساعدة الأشقاء اللّيبيّين على بلوغ برّ الأمان، ولسدّ كلّ المنافذ أمام ملهبي الحروب الساعين للزجّ بالشّقيقة الشرقية في أتون صراع دمويّ سيشعل المنطقة بأسرها.
كما تواصل الدّبلوماسية الجزائرية مرافقة الماليين في عملية  تنفيذ اتفاق السّلم والمصالحة الذي كان ثمرة لوساطتها، وهي تدعم اليوم جهود تنظيم الانتخابات بهذه الدولة التي كادت الأزمة السياسية والأمنية لربيع 2012، تعصف بها لولا الدعم الجزائري المميّز.
وانطلاقا من مبدأ الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، عزّزت الدبلوماسية الجزائرية ولا زالت دورها، وكثّفت جهودها لحماية القضية الصّحراوية من المؤامرات التي يحيكها الاحتلال المغربي والمتواطئون معه للاجهاز عليها.
 كما استمرّت في دعمها الثابت للقضية الفلسطينية ،التي تواجه تحدّيات صعبة، سواء تعلّق الأمر بقرار ترامب الجائر، أو بالمذابح التي يرتكبها الصهاينة في حقّ متظاهري «مسيرة العودة».
 أما بخصوص القضايا العربية الأخرى، فإنّ الجزائر تحرص كل الحرص على أن يكون موقفها منها محايدا، لكنها في ذات الوقت لا تقف موقف المتفرّج أو الذي يصطفّ مع هذا الطرف أو ذاك وهو يحمل بنزينا يرشّ به نزاعا يمكن حلّه سلميا.  
على صعيد آخر، تعمل الجزائر التي اكتسبت خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب، على تقاسم هذه الخبرة مع أفريقيا التي  تعاني أكثر من غيرها من هذه الظاهرة العابرة للحدود.
في هدوء تعمل الدّبلوماسية الجزائرية، محقّقة نتائج كبيرة  تعزّز دورها الرّائد في حل الخلافات بين الدول سلميا، وهذا الدور يعدّ تقليدا قديما تمرّست عليه منذ الاستقلال، ونذكر على سبيل المثال اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران في 1975،ودورها في تحرير الرّهائن الأمريكيّين بطهران سنة 1979، وتسوية النّزاع الإثيوبي الأريتري سنة 2000.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024