رئيـس شبكـة ندى، عرعار لـ «الشعب»:

مشروع لحمايـة حقـوق الطفـل يمتـــد إلى 2022

أجرت الحوار: سهام بوعموشة

 حـالات تعنيـف ضـد الأطفـال خـلال الحجــر المنــزلي

دعا رئيس شبكة ندى للدفاع عن حقوق الطفل عبد الرحمان عرعار  في حديث لـ «الشعب» بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الأطفال المصادف للفاتح جوان من كل سنة لإعادة النظر في المنظومات الصحية والاجتماعية والقضائية، التي لها دور كبير في حماية الطفل، وإعطاء المسؤولية للعنصر البشري الكفء لتسيير هذه المنظومات، متأسفا أنه لحد الآن لم نستطع القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال والتسول بحكم ضعف المنظومة الاجتماعية واتساع رقعة الفقر والفئات الهشة في المجتمع،مشيرا إلى أنه لم تسجل أية حالة اختطاف خلال جائحة كورونا فقط تسجيل حالات تعنيف وتم الإبلاغ عنها.
الشعب: يعود عيد الطفولة في ظرف استثنائي، كيف واصلت شبكة «ندى» فيما يخص حماية هذه الفئة خلال الحجر الصحي؟

عبد الرحمان عرعار: فعلا المناسبة جاءت في ظرف صحي  استثنائي لم تسلم منه أي  دولة بما فيها الجزائر، و بالتالي عملت الشبكة على التكيف مع المستجدات و الإجراءات الوقائية، حيث واصلنا نشاطنا في ظل احترام إجراءات الوقاية كي لا نعرض انفسنا وأهلنا أو الاطفال أنفسهم لأي مخاطر أو مضاعفات الوباء، رغم أنه لم يكن سهلا بقاء الأطفال في المنزل طيلة هذه المدة ونعرف أن الضغط النفسي والاجتماعي كان قويا خاصة بالنسبة للفئات الهشة.
وبالنسبة للأنشطة التي كانت مبرمجة تم تأجيلها إلى غاية زوال الوباء، وهذا شيء طبيعي لأن اهتمامنا كان كله منصبا على الخروج بأقل تكلفة من هذا الوباء كجزائريين قبل كل شيء.

-   هل سجلتم حالات اختطاف أو اعتداءات؟

 لم نسجل حالات اختطاف  ولكن كان هناك بعض حالات تعنيف تعرض إليها الأطفال في المنزل، خاصة كما نعلم الحالات التي عاشت الطلاق وتوقفت نفقتها، وجود كل أفراد العائلة في مسكن ضيق، الأطفال يتعرضون للضرب والمضايقات لا توجد بدائل أخرى وغيرها من المسائل .
 فالشبكة سجلت حالات تعنيف وسوء معاملة  ولكن ليس بحدة كبيرة، لأن هناك بعض الناس فهمت ضرورة الصبر والتعايش.. لكن للأسف حالات أخرى لم تصبر، و بالتالي كان تدخلنا بعد أن سجلنا بعض الحالات وبلغنا عنها لوقف  التعنيف.

- بالنسبة للأطفال المتواجدين بالمؤسسات العقابية، هل لديكم أرقام حول عددهم وكيفية التعامل معهم؟

 المؤسسات العقابية مسيرة من طرف وزارة العدل، ولحد الآن الجزائر تتوفر على أربع مؤسسات لم نعمل مباشرة معها، لكن حسب إدارة السجون تم اتخاذ التدابير الخاصة بالوقاية من الوباء.
ونغتنم الفرصة لنقول ان الملفات كثيرة ولابد من طرحها في الإصلاحات المقبلة، كي نسير  نحو مؤسسات أكثر تطورا وانفتاحا على المجتمع.

-   أطلقت شبكة ندى مشروعا يمتد إلى غاية 2022، إلى أين وصل التجسيد؟

 هي إستراتيجية تمتد لخمس سنوات ، أطلقناها منذ 2017 وهي مستمرة لحد الآن، تعتمد على ثلاث محاور أساسية، المحور الأول هو الولوج أو توفير الحماية الاجتماعية والقضائية ذات نوعية بالنسبة للأطفال المعنفين والموجودين في وضعية سوء معاملة أو عنف أو يتعرضون إلى مضايقات في الفضاء العمومي أو الأسري، أو في الفضاءات الخاصة بهم ، وكيف نطور آليات الاجتماع إلى شكاويهم وكيفية تطوير الوساطة و مرافقتهم القضائية والاجتماعية وكيف نقضي على كل البيروقراطية في الإجراءات الإدارية التي في بعض الأحيان تعكر أجواء الأطفال.
 فملف الحضانة والطلاق يأخذ وقتا أكبر لما يكون هناك نزاع، لكن الضحية هم الأطفال ولهذا نتكلم عن النوعية وتقليص العنف في هذا المحور، لأننا لاحظنا نسبة الطلاق المرتفعة في المجتمع الجزائري بغض النظر عن الوضعيات التي يراها المواطن كعمالة الأطفال والتسول،  لحد الآن الجزائر لم تتمكن من التخلص من تسول الأطفال  نهائيا أمام  القدرات الموجودة، من المفروض نتخلص من  مشاكل الأطفال الموجودين في هذه الوضعية، زيادة على الوضعيات الأخرى كالمولودين خارج إطار الزواج، وغيرها من المسائل المتعلقة بالحماية القضائية والاجتماعية.
أما المحور الثاني الذي قمنا بتطويره أكثر هو بناء قدرات جمعيات المجتمع المدني حول حقوق الأطفال، وكيف يتم برمجة حقوق هذه الفئة على مستوى كل الجمعيات، لكن بتوفير الدلائل والتكوين وبناء قدراتهم وبتوفير الخبراء والمكونين وهذا ما عملنا عليه منذ 2017 إلى يومنا.
و تم إطلاق ثلاث برامج ،حيث أن البرنامج الثاني ينتهي هذه السنة وإنشاء الله سيكون هناك برنامج ثالث خلال هذه السنة، لكن للأسف مع الوضع الصحي الذي يعيشه العالم والجزائر على حد سواء قررنا تأجيل  هذه المواضيع إلى ما بعد.
في حين المحور الثالث يتضمن نشر الوعي والإعلان عن حقوق الأطفال، وأسسنا مدرسة متخصصة في حقوق الأطفال تسمى «المدرسة الخضراء» والتي تشتغل مع مراكز التكوين المهني وتكوين الأولياء والمنشطين والمراقبين والأطفال أنفسهم على حقوق الأطفال.
 وهنا أذكر أنه لأول مرة تم إنجاز تقرير حول حقوق الأطفال من طرف هذه الفئة وهم المراهقين، وتم نشره في 2019، ونحن بصدد إعداد تقرير آخر بمشاركة الأطفال للأسف تعطلنا لأسباب خارج طاقتنا.
2019 تزامن مع الحراك ولم يكن مسموح لنا بتقديمه، كما أن اللجنة الدولية لم تعلن لحد الساعة على موعد استقبال التقارير وهذا مهم جدا، والآن نعيش الوباء الذي عطل وتيرة العمل.

- هل هناك تنسيق مع هيئة المفوضية الوطنية لحماية حقوق الطفل؟

 طبعا نحن من المؤسسين والأعضاء في هذه الهيئة التي تأسست بناء على نضال مجتمع مدني لمدة تسع سنوات، نتيجة قانون 12-15 الذي جاء في 2015، واليوم خمس سنوات تمر على وجود هذه الهيئة، للأسف لحد الأن لم يصدر أي تقرير حول وضعية الأطفال من طرف هذه الهيئة، ولكن نحن نساند وندعم عمل الهيئة في مساعيها ، ونتكلم بكل حرية حول الوضعية التي يجب تدارك الكثير من النقاط في منظومة الحماية.
 فالمفوضية الوطنية لحقوق الأطفال تعتبر مكسبا للجزائر تحتاج إلى تطوير وترقية بما فيها قانون حماية الطفل، لأنه بعد خمس سنوات نحتاج إلى تنقيحات وإصلاحات جديدة التي تتماشى والإصلاحات المقبلة عليها الجزائر قريبا خاصة مع الإصلاحات السياسية.

- توجد ترسانة من القوانين لحماية الطفولة، هل هي كافية للحد من انتهاك حقوق هذه الشريحة؟

 لما نتحدث عن المنظومة الصحية، اليوم اكتشفنا بعد جائحة كورونا أن منظومتنا هشة كثيرا والعديد من الخدمات ناقصة من ناحية  النوعية ، لو يكون عندك طفل يتمتع  بصحة جيدة معناه أنه يتمتع بحماية ويمكن أن يتمتع بكل الحقوق وهو في صحة جيدة، نفس الأمر بالنسبة للمنظومتين الإجتماعية والقضائية هي التي لها دور كبير في حماية الفئات الهشة.
 اليوم للأسف لم نتمكن من القضاء على مسألة التسول وعمالة الأطفال، لأن المنظومة الإجتماعية ضعيفة ورقعة الفقر  للفئات الهشة تتسع وكذا التنمية بطيئة جدا،و هذا مربوط بالسياسات العمومية ولهذا اليوم نحتاج لإعادة النظر في القوانين في هذه المنظومات خاصة في السياسات العمومية ، لكن بنظرة استشرافية تتماشى والإتفاقية الدولية لحقوق الأطفال، ولا ننسى أن المجموعة الدولية في 2012 أصدرت 99 تحفظا على وضعية الأطفال في الجزائر.
 الآن بلادنا مطالبة  برفع هذه التحفظات والتوصيات وتترجمها إلى أفعال في الميدان من خلال السياسات العمومية.

- في ظل هذه الظروف كيف تقيمون واقع الطفولة وما هي اقتراحاتكم لتحسين واقعها؟
  أمام الوضعية الحالية التي تم رصدها من طرف الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ندى خاصة فيما يتعلق بسوء معاملة الأطفال وتعطيل جملة من حقوقهم على المستوى القضائي والاجتماعي كالنفقة، حق الزيارة والتقاضي وغياب البدائل لتخفيف الضغط على الأطفال،و لهذا يتعين استخلاص الدروس من الوضعية الحالية خاصة في مجال حماية الأطفال وما أفرزته من هشاشة وضعف في منظومة الحماية الاجتماعية والقضائية والصحية ...الخ
في المقابل لا بد من تعديل قانون حماية الطفل 12/15 لاسيما من المادة 21 إلى غاية المادة 32 على سبيل الذكر ولا الحصر مع إعطاء استقلالية تامة لهيئة المفوض الوطني لحماية الطفولة، ناهيك عن إعادة النظر في الإجراءات والتدابير القضائية والإدارية الخاصة بممارسة حق الزيارة ،الحضانة، النفقة بالجزائر أو خارج الجزائر بالنسبة للأطفال الموجودين في وضعية النزاعات العائلية أو الاستغلال.
و بناءا على المادة 489 من قانون الإجراءات الجزائية والمدنية الخاصة بالتأسيس كطرف مدني، نقترح تدعيم هذه الآلية بإضافة وظيفة ومهمة الوساطة.
كما اقترح ضرورة وضع مخطط وقائي،يتعلق باليقظة والتكفل بالأطفال ضحايا أو مرتكبي  المخالفات والجريمة للحد من الممارسات و السلوكات ذات العلاقة بالانحراف والجريمة والاعتداءات الجنسية والجريمة الالكترونية...الخ في أوساط المراهقين والشباب، والإسراع بمخطط وقاية والتكفل بالأطفال في وضعية التسول والاستغلال الاقتصادي بالأسواق الموازية حماية لهم وضمان إعادة إدماجهم أسريا وتربويا واجتماعيا،و التأسيس لمحاكم تهتم بقضايا وحقوق الأطفال تتماشى والتطور واستعمال التكنولوجيات الحديثة والمقاييس الدولية خدمة لحماية اجتماعية وقضائية متطورة.
و يتعين وضع نظام معلوماتي شامل ومتطور لمتابعة وتقييم وضعية حقوق الطفل بالجزائر وبمشاركة كل الهيئات والمؤسسات، تسهيلا للوصول إلى المعلومة ومتابعة السياسات العمومية وإعداد التقارير يتم عرضها على البرلمان، بالإضافة تعديل وتجديد الإجراءات والتدابير الخاصة بمراقبة تسيير المؤسسات المتكفلة بالأطفال المسعفين والأطفال في خطر مع إصلاح البرامج التربوية الخاصة بها وبرامج تأهيل وتكوين الموارد البشرية.
وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية الخاصة بالطفولة الصغرى أقل من 05 سنوات مع ضبط القوانين المسيرة للمؤسسات المستقبلة لهذه الفئة مثل الروضات والأسرة الحاضنة أو مؤسسة متخصصة،ناهيك تحسين وترقية المستوى المعيشي للأسرة محدودة الدخل مع رفع المنحة العائلية المقدرة حاليا بـ 300 دج للطفل شهريا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024