أستاذ علوم الإعلام والاتصال، عبد الرحمن صالحي لـ «الشعب»:

نجاح الانتخابات التشريعية قطيعة مع رموز الفساد

حوار: إيمان كافي

يعتبر الدكتور عبد الرحمن صالحي، أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، أن الانتخابات التشريعية القادمة موعد مفصلي في تاريخ الجزائر، مشيرا إلى أن توفر الظروف الملائمة، قد يجعل منها منعرجا مهما للقطيعة مع الفساد في الساحة السياسية والمنتخبين «الفاسدين»، الذين تمتعوا بنظام الكوطة والريع السلطوي في الفترة السابقة.
- «الشعب»: بداية كيف تتصورون استعدادات الساحة السياسية لهذا الاستحقاق الانتخابي المقرر في 12 جوان القادم؟
 عبد الرحمن صالحي: أظن أن استدعاء الهيئة الناخبة كان منتظرا، خاصة بعد حل المجلس الشعبي الوطني وبالتالي الكثير من الفعاليات السياسية، خاصة الأحزاب السياسية المهيكلة والمنظمة لن تجد أية صعوبات في التحضير للتشريعيات القادمة المزمع تنظيمها بتاريخ 12 جوان المقبل، خصوصا تلك المنظمة والمهيكلة والتي تتمتع بقواعد نضالية كبيرة في مختلف الولايات، كونها لم تتوقف عن النشاط السياسي، ما عدا في فترة الحجر الصحي المفروض بسبب جائحة كورونا.

-  يعد هذا الموعد أول استحقاق تشريعي، بعد تأكيد الجهات العليا للبلاد نيتها في أخلقة العمل السياسي، فهل ستكون الانتخابات التشريعية أول خطوة نحو تحقيق ذلك برأيك؟
 المهتمون بالشأن السياسي في الجزائر كانوا بانتظار المصادقة على القانون العضوي الجديد المتعلق بالانتخابات، بعد طرح مسودته للنقاش وإبداء ملاحظات الأحزاب السياسية حول المسودة.
كما أن خطوة الرئيس متمثلة في استقبال رؤساء الأحزاب السياسية وممثلين عنها، أعطت تطمينات عن الشروع في إشراك الأحزاب في صياغة القانون في شكله النهائي وأعطى جرعة أمل جديدة بعد الممارسات التي ميزت الفترة السابقة، حيث كانت السمة الغالبة الانفراد بكل القرارات.
وتماشيا مع الدعوة إلى أخلقة العمل السياسي، كانت الإجراءات التي تضمنتها بنود المواد الواردة في القانون الجديد، إشارة واضحة على إبعاد المال السياسي وشراء الذمم والمقاعد والترتيب في القوائم الانتخابية. وقد تجلى ذلك في القوائم المفتوحة والاقتراع النسبي على القوائم، ما من شأنه أن يقلل ويبعد المال السياسي والشكارة... ومن هذا المنطلق، تعتبر التشريعيات المقبلة خطوة حاسمة في تقييم هذه الإجراءات الجديدة ومدى مصداقية القانون العضوي الجديد في حد ذاته.

- يعول كثيرا في هذا الاستحقاق على المشاركة السياسية للشباب، ما قولكم في ذلك؟
 رئيس الجمهورية قبل انتخابه وأثناء حملته الانتخابية، ركز على فئة الشباب وخاطبها بكل حماس... وكان من بين وعوده دعم المشاركة السياسية للشباب وما حمله القانون العضوي الجديد المتعلق بالانتخابات يصب في ذلك بصورة واضحة.
حصة الشباب في القوائم الانتخابية ودعم قوائمهم وتمويل حملاتهم الانتخابية، وهذا إجراء يعتبر جد مهم ومفصلي، كون هذه الفئة الشبانية تعرضت إلى الكثير من الخذلان السياسي في العقدين الأخيرين، خاصة أمام الطاقة الشبانية الكبيرة على المستوى الوطني وما على الشباب اليوم إلا تنظيم أنفسهم وهيكلت صفوفهم لدخول المعترك السياسي القادم بقوة.

- كيف تتم هيكلة الشباب في العمل السياسي؟
 هيكلة الشباب في العمل مرهونة بمدى مشاركته في العملية السياسية ككل، بداية من إنشاء الأحزاب السياسية والانخراط فيها والمبادرات الشبانية السياسية، وهذا لا يتأتى إلا من خلال التكوين السياسي والتنشئة السياسية، لصقل الخبرة من خلال الاحتكاك بمختلف الفعاليات السياسية وتنظيم الندوات السياسية محليا وقاريا.

- الكثير لا يعتبر أن مقاعد المجلس الشعبي الوطني يجب أن تكون للشباب فقط، بل يطالب بأن تكون للشباب الكفء والمؤهل لهذا المنصب، ما تعليقكم؟
 هذا أمر واقعي ومنطقي. فمقاعد المجلس الشعبي الوطني لا يجب أن تقتصر على فئة الشباب، بل الشباب الكفء. فالحماس لا ينفع وحده ويحتاج للخبرة والأقدمية، خاصة وأن الساحة السياسية في البلاد تم تمييعها لسنوات مع إقصاء المعارضة السياسية وإضعافها وإجهاض كل مبادراتها وهو ما ساهم في تراجع العمل السياسي وعزوف الشباب عن المشاركة السياسية.
 كما أن التمثيل السياسي يخضع إلى معايير ومؤهلات حتى يستطيع المنتخب في المجلس الشعبي الوطني الإلمام بمهامه التشريعية. فمنصب النائب في البرلمان ليس بالمنصب الهين، خاصة أمام مطالبات الشارع الجزائري بالإصلاحات وأمام الآمال الكبيرة وطموحات الجزائريين وبالتالي المسؤولية ستكون كبيرة على ممثلي الشعب في المرحلة القادمة وهو ما يتطلب تكامل عدة عناصر؛ الشباب والخبرة والكفاءة والنزاهة والموضوعية.

- هل التشريعيات نذير المقاطعة مع المنتخبين الفاسدين؟
 التشريعيات القادمة مرحلة حاسمة في تاريخ الجزائر الجديدة، من خلال ما ورد في القانون العضوي الجديد للانتخابات. يمكن القول مبدئيا إن التشريعيات القادمة ستمثل القطيعة مع رموز الفساد، خاصة الكثير من المنتخبين الفاسدين الذين تمتعوا بنظام الكوطة والريع السلطوي في الفترة السابقة... لكن الحكم على ذلك لن يكون إلا بعد نتائج التشريعات المقبلة بتاريخ 13 جوان 2021.

- الإمضاء على قانون الانتخابات يعطي قراءة مختلفة للانتخابات، ما هي ملامح التغيير؟
 القانون العضوي الجديد المتعلق بالانتخابات من شأنه أن يكرس القطيعة مع الممارسات السابقة، في حال تم تطبيقه واحترامه وهذا لن يكون إلا باستقلالية الهيئة المستقلة للانتخابات ومدى قدرتها على الاستقلالية التامة وعدم إشراك الإدارة.
ووردت العديد من النصوص في هذا القانون، التي تمهد لمرحلة جديدة، من شأنها إعادة الهيبة والمصداقية للانتخابات في البلاد. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، فسح المجال أمام الشباب والقوائم والحرة، إلغاء شرط العتبة بصورة استثنائية ليتساوى الجميع في التشريعات القادمة، منع الترشح لمن أدى عهدتين برلمانيتين متتاليتين كانت أم منفصلتين، رفع التمثيل النسوي للنصف في القوائم ودعم مشاركة الشباب في القوائم ورفعه للثلث والتركيز على حملة الشهادات الجامعية في التواجد في القوائم بعد سنوات طويلة من تغلغل الشكارة والمال السياسي.
هذه الإجراءات، من شأنها أن تحدث تغييرا كبيرا ومجهريا في العملية الانتخابية، فإن من شأن القانون الجديد للانتخابات، أن يعيد الثقة للجزائريين، خاصة ما تعلق بتراجع نسبة المشاركة في الانتخابات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024