الشاعرة لمياء العامرية لـ»الشعب ويكاند»:

الشعـر فطـرة إنسانيــة يغذّيها العلـم وتنمّيهـا الخبرات

حوار: فاطمة الوحش

 الشاعـر يرى في الحـياة وتقلباتها ما لا يراه غيره

ركزت الشاعرة لمياء بودوخة في حوارها مع «الشعب ويكاند»، على ما يشكّل وجود الانسان من أفعال وقيم ومبادئ يؤمن بها، والتي تنتج من خبرته الحسّية مع كونه.
لمياء بودوخة أو كما يطلق عليها «لمياء العامرية شاعرة الهضاب»، شاعرة وأديبة وروائية، خريجة المدرسة العليا للأساتذة رياضات وشهادة البورد الفخرية في الأدب العربي، عضو باتحاد الأدباء الدولي وعضو في رابطة الشعراء والمثقفين العرب، واتحاد الكتّاب والمثقفين العرب، لها مجموعتين شعريتين من جنس الشعر العمودي ومجموعة شعرية نثرية وسردية ورواية قيد الطبع، إضافة للعديد من المنشورات الشعرية في الصحف الوطنية والعربية والكثير من المقالات الاأدبية والفكرية والأكاديمية.

-  «الشعب ويكاند»: إذا أردنا تعريفا للشاعرة لمياء.. نقول إن سيرة الشاعر هي شعره والباقي هامش فهل ينطبق ذلك على سيرتك؟
  شاعرة الهضاب: سيرة الانسان أيّا كان ركام من الأحداث والمجريات والمعطيات، وسلسلة طويلة من الخبرات والتجارب، والشاعر كإنسان تبدأ سيرة حياته من بدء طفولته بما فيها من مؤثرات وتأثيرات حسّية وشعورية وبيئية بدءاً من جوّ محيطه العائلي، وما يختلجه من أحاسيس وانفعالات وأحداث، كل هذه الحوليات وغيرها يكون لها الأثر البالغ في كينونته كشاعر أو أديب أو فنان أو كاتب.. إما عن السيرة الشعرية فقد ولدت معي منذ صباي إن لم أبالغ في القول منذ طفولتي، فالنفس الانسانية المرهفة والأعمق إحساسا هي تكوين حسّي بيولوجي بحت، ليس ضمن الاختيار، وهذه النفسيّة المرهفة هي عنصر أساس في تكوين الشخصية الابداعية شعرا أو أدبا أو فنا من الفنون الأعمق إحساسا والتي تتواءم ونفسية الشاعر.
- هل الموهبة هي التي استدعت الشعر فيك أم أن الشعر هو الذي استدعاك؟
  الشعر بطبيعة الحال فطرة انسانية وموهبة يغذيها العلم وتنميها الخبرات وعمق الاحساس بالماحول، ويمكن القول إن الشعر والأدب والكتابة تتسمّ بمخيلة واسعة وإحساس رهيف وفكر عميق، ولا يمكن البتّ في أن الشعر استدعاني أم أنا استدعيته، والأصح أنه فطرة خلقها الله لبعض خلقه، والشاعر ينمّي تلك الموهبة بالعلم والخبرة والدراسات وعلى وجه الخصوص الشعر وما يتضمنه من دراية واتقان لعلم العروض وبحور الشعر والبلاغة ناهيك عن الخزين والكم الهائل من اتقان علوم اللغة العربية وفروعها الغزيرة.
- يقال إن الشعر هو اللغة الذي يستكشف فيه الإنسان دهشته. في رأيك هل اللغة أسعفتك في استكشاف دهشة الحياة وإحداث جلبة حول الصمت في الأشياء وتحريك ركود واقعنا المتخثر؟
  الشعر لسان حال المجتمع، ولسان حال الشاعر واللغة وبديع الصياغة وبلاغة الكلام نظما أو نثرا إنما هي ترجمة لما يحسّه الشاعر ويستشعره برؤاه العميقة والمتصفة بعميق احساسه، فيرى في الحياة وتقلباتها ما لا يراه غيره، بمعنى يراه بكل مشاعره وانفعالاته الحسّية والعقلية، وهو أقرب للموسيقيّ الذي يحرّك الحول الصامت ويترجمه كنغم موسيقيّ، والشاعر يحرك كل صوامت الموجودات الحسيّة والمرئية إلى انفعال حرفيّ بليغ معمّق بأروع صوره الانسانية وما يتركه من أثر بالغ في مشاعر القارئ والمتلقي ويحرك وجدانه بإيقاع شعوري وعقلي وبما يتلاءم وألوان الحياة وتقلباتها.
- إذا كانت القصيدة هي لحظة تعيشينها، كيف تجعلين القارئ يعيشها معك؟
  قد يظن القارئ إنّ الشاعر يعيش لحظة الكتابة الانفعالية والصورية، وفي الحقيقة أن الشاعر يعيش كل انفعالات الحرف قبل الكتابة وصياغة القصيدة، ويعيش صراعا انفعاليا حسيّا عميقا جدا أثناء وبعد نظم القصيدة أو النص، وبمعنى أعمق وأدقّ تكون القصيدة بمثابة عصارة روح الشاعر بكل ما فيها من شجن أو فرح أو شوق أو غضب وجداني عميق.. فما يخرج من الروح من كلمات تتلقّفه الأرواح وتتشرّبه وتعيش انفعالاته بصدق وحب وعمق، أما النصوص التي يغلب عليها طابع الصناعة الشعرية والمتكلفة فغالبا ما نجد القارئ يمرّ بها مرور الكرام دون أن تلامس شغاف قلبه، والشاعر الحاذق الفطن يضفي لصدق وعميق مشاعره إضافات بديعية تجترّ القارئ ليعيد القراءات مرات ومرات لما يجد فيها صدق المشاعر وروعة النظم وبديع الحرف.
- ^ هل الحكم على القصيدة هو من اختصاص الشّعراء أو منوط بالحكم النقّدي أم هو مخوّل للذائقة الشعرية العميقة للقراء؟
كما أسلفت، أنّ القصيدة الشعرية هي عصارة روح الشاعر وترجمة عميقة لرهيف حسّه وانفعالاته الوجدانية، مع ما يمتلكه من خبرات في علوم الشعر وعلم العروض، وبالتأكيد هو الأكثر بعدا عن غيره في حكمه الأكاديمي على القصيدة أو النص، ويبقى للنقّاد والمتخصصين من جهابذة النحو والصرف حكما أكاديميا، أما القارئ والمتلقي وهنا تخضع النصوص لذائقته ونسبية إدراكه العلمي والأدبي ورهافة حسّه وتقبّله للنص نفسيا وشعوريا هو العامل الاكثر تأثيرا نسبيا في الحكم النهائي على النص ومدى تأثيره الجمالي والحسّي والانفعالي ومدى نجاحه..
على سبيل المثال لا الحصر فيما يخصّ المدراس والاتجاهات الشعرية الحداثوية ومنهم الشاعر الكبير الراحل نزار قباني والذي اختطّ لنفسه منهجا وأسلوبا شعريا متفردا وغريبا عن المدارس الشعرية المختلفة وما تعرّض له من آراء نقدية مضادة إن لم نقل حملة نقدية معارضة له جملا وتفصيلا، ناهيك عن رجال العلم والدين وغيرهم، لكن المساحة الواسعة من القرّاء لشعره كانت لها الغلبة ليجتاح الساحة الشعرية العربية بكل قوة وليكون مدرسة ومنهج شعري متفرّد إلى يومنا هذا..
- سؤال أخير، كيف تكتب لمياء عن المرأة بحس المرأة من جهة وبحس الشاعرة من جهة أخرى؟
  لمياء امرأة قبل أن تكون شاعرة، إن لم أقل كنت الاثنين معا في أصل وجودي، ومن الطبيعي أن أدرك تماما كلّ معاناة المرأة وانفعالاتها وخلجاتها وهواجسها وما يحيطها، بغضّ النظر عن كونها امرأة عربية او غربية او آسيوية او افريقية او غيرها، فالأنثى كائن يراه الآخر لغزاً أو أحجية مشفّرة لا يمكن فهمها، ولا يدرك في ذات الوقت رهيف تكوينها، وعلى وجه الخصوص المرأة العربية وهذا معرض الحديث ومضمون السؤال، وأنا كامرأة وشاعرة لا استطيع الفصل بين الاثنين، لذا اكتب بعمق حين اترجم كل هذي المشاعر والانفعالات التي تخصّ المرأة وأترجم الركام في اعماقها بأسلوب قد تعجز عن الافصاح عنه أو قوله ويكون الاقرب للمسكوت عنه في اعماقها .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024