المتحــدّث الرّسمـي باسم الغرفة الأمريكيـة للتجـارة..خالـد بـن نعمان لـ “الشعـب”:

الجزائر وفّرت الأمان الاقتصادي وتحظى بثقة الشركاء

حوار: فايزة بلعريبي

 الاستثمارات الأمريكية بالجزائر بلغت 3 ملايير دولار في 2022 

الهيدروجين الأخضر وتكنولوجيات الاتصال..مجالات تستعد الشّركات الأمريكية لخوضها

 الأرقام تؤكّد التّقدّم الكبير الذي حقّقته الجزائر في مجال التّكنولوجيات الحديثة

الكفاءات الجزائرية من مهندسين وتقنيين تلقوا تكوينا يرقى إلى المصاف العالمي

 يتوقّع خبراء اقتصاديّون أن يكون العام الجاري منطلقا حقيقيا لبعث الاستثمارات الأمريكية بالجزائر، في ظل معطيات اقتصادية عالمية ومحلية مشجّعة، تمثّلت في استقرار تنظيمي وتشريعي جاء به قانون الاستثمار الجديد، الذي منح ضمانات قوية للمستثمر الأجنبي، إلى جانب تنافس دولي حاد على الظّفر بمشاريع استثمارية بالجزائر الجديدة التي تقف على نفس المسافة من جميع الشركاء، كما أراد لها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، فالجميع أصدقاء، ما دام مبدأ الاحترام والندية وتكافؤ فرص الربح للشّركاء قائما، فالجزائر بوّابة مفتوحة على صناعات مستقبلية بديلة، كالطاقات المتجدّدة وتكنولوجيات الاتصال، وبوّابة على إفريقيا، وأهم مورد طاقوي نحو أوروبا، ممّا يجعلها تتربّع على قائمة الاهتمامات الإستراتيجية لكبريات الاقتصادات العالمية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يؤكّد المتحدث الرسمي للغرفة الأمريكية للتجارة التي تمّت إعادة بعث نشاطها بالجزائر مؤخرا، خالد بن نعمان، في حوار خصّ به “الشعب”، اهتمام مؤسّسات أمريكية رائدة في مجالات الصيدلة، الطاقات المتجددة، الفلاحة، وتكنولوجيات الاتصال، بالاستثمار في الجزائر، كسوق واعدة وآمنة، تمنح كثيرا من الفرص بناءً على مؤهلاتها من الموارد الطبيعية والبشرية.


- الشعب: نظّمت غرفة التجارة الأمريكية بالجزائر، الشهر الفارط، يوما إعلاميا حول قانون المالية لسنة 2023، بحضور سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الجزائر، إليزابيت أوبين، وممثلي الشركات الأمريكية والشركات المتعددة الجنسيات الفاعلة في الاقتصاد الجزائري، وذلك بمناسبة إعادة بعث نشاطها بالجزائر. هل لهذا الحدث دلالة اقتصادية معينة؟
 المتحدّث الرّسمي باسم الغرفة الأمريكية للتجارة خالد بن نعمان: تتواجد الغرفة الأمريكية للتجارة بالجزائر منذ عقود، حيث تأسّست سنة 2001، تضم إلى غاية اليوم 60 عضوا، يمثّلون عددا معتبرا من الشركات الأمريكية التي تمارس نشاطها مباشرة أو عن طريق الشراكة مع شركات جزائرية، في مجالات مختلفة أهمّها “شلوم برجي”، “هاليبرتون”، “راد ماد” في مجال المحروقات، “فايزر” في الصناعات الصيدلانية، “سيسكو” في مجال الالكترونيات والتكنولوجيات الحديثة، حيث ستعمل هذه الأخيرة على اغتنام كل الفرص الاستثمارية بالجزائر، خاصة بعد الدعوة التي قدمها الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، خلال القمة الأمريكية-الإفريقية المنعقدة بواشنطن، في ديسمبر 2022، إلى المتعاملين الاقتصاديين الأمريكيين، بالاستثمار في الجزائر، حيث تؤكّد إعادة بعث الغرفة الأمريكية للتجارة لنشاطها، النوايا الاقتصادية المشتركة بين البلدين، والرّؤية المشتركة لمستقبل الشراكة بين البلدين، وتشكّل حاليا قطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية، النفط والغاز، الطاقات التقليدية والمتجددة، الفلاحة، والصناعات الصيدلانية، فرص استثمار واعدة تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على استغلالها في ظل الامتيازات التي جاء بها قانون الاستثمار الجزائري الجديد، وما يوفّره من استقرار تنظيمي ومناخ أعمال محفّز جدا للفاعلين الاقتصاديين بصفة عامة.

- هل من الممكن أن تقدّموا لنا صورة عن حجم المبادلات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر؟
 العلاقات التّجارية بين الجزائر وأمريكا  ليست حديثة العهد، حيث تعتبر هذه الأخيرة سابع شريك اقتصادي للجزائر في العالم، كما تمثّل الجزائر ثالث شريك اقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية في إفريقيا، وقد وصلت قيمة الصادرات الأمريكية إلى الجزائر 100 مليون دولار، أغلبها من الحبوب والماكينات والبلاستيك وغيرها. في حين وصلت الصادرات الجزائرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية 2.5 مليار دولار تشكّل المحروقات ومدخلاتها، النسبة الأهم منها، حيث سجّلت المبادلات التجارية بين البلدين ارتفاعا قدّر بـ 50 %، منذ سنة 2020 إلى اليوم، وبناء على الأرقام المسجّلة، تعتبر الهيئات المالية الدولية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الولايات المتحدة الأمريكية أهم مستثمر أجنبي مباشر في الجزائر بنسبة تقدّر بـ 28 %، حيث بلغت الاستثمارات الأمريكية بالجزائر 2 مليار دولار سنة 2021، و3 ملايير دولار سنة 2022، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تحقيق ضعفها سنة 2023، ممّا سيعطي دفعا قويا للعلاقات الاقتصادية الأمريكية بإفريقيا. وفي هذا الإطار، ننتظر زيارة عدّة مسؤولين ومتعاملين اقتصاديّين أمريكيّين إلى الجزائر من أجل البحث واستكشاف فرص استثمار إمّا مباشرة أو عن طريق شركات جزائرية عمومية كانت أو خاصة، وهنا نفتح القوس للحديث عن مشروع قانون، قيد الدراسة، متعلق بالشراكة الخاصة أو العمومية، ويحدّد العلاقات بين الشركات الجزائرية والشركات الأجنبية، سيكون جاهزا هذا العام.
    
- في ظل التوجه الجديد للاقتصاد الوطني المبني على التنوع والتحرر من التبعية لقطاع المحروقات، حظيت عدّة قطاعات خارج المحروقات باهتمام السلطات العمومية ودعمها للشراكة في هذه المجالات. هل يمكن أن تعطونا أمثلة عن هذه النشاطات التي تستقطب الشريك الأمريكي؟
 بالنسبة لأمثلة عن الشراكة التي تربط الشركات الأمريكية بنظيراتها الجزائرية، نذكر تلك التي تمت في إطار القانون 49/51 وتربط بين “أمبروداكت” الأمريكية وشركة سوناطراك، حيث تعمل الشّركتان على إنتاج الغازات الصناعية كالهيدروجين الأخضر المستخرج من الماء، والرمادي المستخرج من الغاز، والأزرق المستخرج من الغاز المسترجع، والأكسجين الصحي الذي كان منتجا نفيسا ومحل طلب عالمي أثناء جائحة كورونا التي دامت لأكثر من سنتين. وقد بدت جليا إرادة السلطات العمومية الجزائرية في تشجيع إنتاج الطاقات المتجددة سواء كانت شمسية أو هوائية أو هيدروجينية كطاقة متجددة تعمل الجزائر على تصديرها، وأحد أهداف التّنمية المستدامة التي تضمنها برنامج الأمم المتحدة لسنة 2023، خاصة في ظل الأريحية التنظيمية وجو الأعمال المطمئن الذي تسعى الجزائر إلى توفيره لشركائها من خلال، كما سبق وأن ذكرت، قانون استثمار جديد مبني على الاستقرار التشريعي والشفافية في معالجة الملفات، واحترام عامل الوقت والآجال اللازمة سواء لمعالجة الملفات المودعة على مستوى الشباك الوحيد، أو على مستوى الآجال المستغرقة لإنجاز المشاريع الاستثمارية والدخول حيز الإنتاج.

- في ظل كل التّحديات الاقتصادية المطروحة حاليا، والمؤهلات التي تزخر بها الجزائر، ألا ترون أن المورد البشري الجزائري، قد أبلى البلاء الحسن في تشريف صورة الكفاءات الجزائرية كقيمة مضافة، قدمت الكثير من أجل كسب الرهان؟
 فعلا، تمتلك الجزائر الكثير من المؤهّلات التي تجعلها محل اهتمام المستثمر الأجنبي، ويشكّل المورد البشري أهم ركائزها. وهنا أشيد بالكفاءات الجزائرية من مهندسين وتقنيّين ممّن تلقّوا تكوينا يرقى إلى المصاف العالمي، بالجامعات الجزائرية، حيث تعتمد الشركات الأمريكية المستثمرة بالجزائر، بالدرجة الأولى، على المورد البشري الجزائري، الذي أعطى أمثلة مشرفة عن الكفاءة والقدرة على الابتكار والتحكم في تقنيات التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى العامل البشري، توفّر المواد الأولية، بأسعار مغرية للشريك الأجنبي، وكذا أسعار الشحن والنقل، ممّا يضاعف من فرص استقطاب الاستثمارات الأجنبية وعقد شراكات مستدامة.

-  أبدت عدّة شركات أمريكية، مؤخرا، رغبتها في الاستثمار بالجزائر بعد الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي عرفته البلاد، ما رأيكم؟
 أريد أن أشير إلى رغبة المخابر الصيدلانية الأمريكية في دخول السوق الجزائرية والاستثمار في الصّناعات الصّيدلانية، وهو ما سيكون ممكنا جدا في ظل التحفيزات الجمركية والضريبية التي يعمل المشرع الجزائري على توجيهها دوما لصالح الاستثمار، من أجل تحقيق بيئة اقتصادية مشجعة يمكن أن تجعل من الجزائر محورا، ومركز ثقل مهم للصادرات الأمريكية من المواد والتجهيزات الصيدلانية نحو الدول الإفريقية، مغتنمة فرصة تفعيل مناطق التبادل التجاري الإفريقي الحرة، ودخول حيز التطبيق الاتفاقيات التجارية المبرمة في هذا الإطار، ممّا سيجعل من المناطق الحدودية الجنوبية للجزائر، مناطق اقتصادية نشطة بامتياز.
فيما يخص مجال الطاقة، 3% من الكهرباء المنتجة بالجزائر من مصادر شمسية أو هوائية أو مائية، كانت السلطات العمومية الجزائرية قد سطّرت هدف بلوغ 27 %، آفاق 2035، ممّا يدعو إلى تكثيف الجهود من أجل الاستثمار في هذا المجال، خاصة وأنّ الجزائر تمتلك مؤهّلات هائلة تمكّنها من تحقيق هذا الهدف، نظرا للمساحات الكبيرة، وعدد الأيام المشمسة خلال السنة ما يعادل 3.5 ألف ساعة / السنة، مما يمكنها من إنتاج ألفي (2000) كيلوواط / الساعة..بالنسبة للطاقة الهوائية، تتمتّع الجزائر بشريط ساحلي يقدر طوله بـ 1400 كلم، وسرعة رياح يصل معدلها إلى 40 كلم/الساعة، إضافة إلى المورد الهام من الطاقة التقليدية التي لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة ما تعلق بالغاز الطبيعي الذي سيتعزز تصديره إلى أوروبا، عن طريق أنبوب الغاز الذي سيربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس، ممّا يعتبر تشجيعا للشركات النفطية الأمريكية المتواجدة بالجزائر منذ عقود، من أجل توسيع رقعة استثماراتها في المجال الطاقوي، خاصة في ظل تزايد الطلب العالمي على الغاز الجزائري. إلى جانب الاستثمار في الغاز المسترجع والطاقات المتجدّدة، حيث تتمتّع الشركات الأمريكية، خاصة في منطقة كاليفورنيا، بخبرة واسعة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، وإنتاج الهيدروجين الأخضر. مجال آخر، تعمل الشركات الأمريكية على الخوض فيه، هو التّجهيزات الإلكترونية عالية التكنولوجيا وتصديرها إلى إفريقيا، عبر الجزائر. كما يمكن للجزائر الاستفادة من الخبرة الطويلة لهذه الأخيرة، فيما يخص تحويل التكنولوجيا الحديثة ونقلها من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الجزائر، للاستفادة من النموذج البيئي الاقتصادي الأمريكي الذي يشمل عدة محاور مناجماتية من تسيير مؤسساتي إلى تسيير الميزانيات، إلى تقنيات التسويق الحديثة وتسيير المورد البشري، وكل ما يتعلق بتسيير المؤسسات الاقتصادية. وما تهدف إليه الغرفة الأمريكية للتجارة على الترويج إليه مستقبلا، هو التركيز على مناجمانت المؤسسات والاستثمار في الرأس المال البشري.

- يحتل التّحوّل الرقمي اليوم، صدارة الاستراتيجيات المسطرة من طرف الحكومة، حيث أكّد عليها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في إشارة صارمة منه إلى ضرورة تعميم الرقمنة..ما حصّة الشركات الأمريكية من السوق الرقمية الجزائرية؟
 هناك مجهودات معتبرة تبذلها الجزائر في مجال التحول الرقمي الذي يجب أن يستجيب لأربعة معايير أهمها تجهيزات مواكبة وعصرية، التغير العملياتي يجب أن يتم وفق شبكة التجهيزات والتطبيقات الجديدة، بالإضافة إلى تغيير النموذج المنجماتي حسب مقتضيات مرحلة التحول الرقمي. وتؤكّد الأرقام على التقدم الذي حقّقته الجزائر في مجال الالكترونيات، وتجسيد مساعيها من أجل التّخلص من العزلة الرقمية. حيث وصل استعمال الهاتف النقال في الجزائر إلى أكتر من 100 %، و5 ملايين مشترك بالنسبة للهاتف الأرضي. كما وصل حجم الألياف البصرية إلى 200 ألف كلم، في حين وصل انتشار الانترنت إلى 60%، تسجّل سنويا ارتفاعا يقدّر بـ 15 % من جهتها، تضم الغرفة الأمريكية للتجارة عددا مهما من الشركات الناشطة في مجال الاتصال السلكي واللاسلكي “سيسكو”، “دال”، “سبيد كاس” وغيرها، كما تجدر الإشارة إلى استعداد عملاق الاتصال “مايكروسوفت” لتعزيز نشاطه بالجزائر ونقل خبراته في إطار قانون الاستثمار الجزائري الجديد.

- كيف ترون مستقبل الاستثمارات الأمريكية بالجزائر، في ظل المعطيات الاقتصادية التي تعرفها البلاد خلال السنتين الأخيرتين، من انفتاح على الاقتصاد العالمي، وسهر السلطات العمومية على توفير مناخ أعمال مشجع على الشراكة الأجنبية؟
 الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال سفارتها بالجزائر، والغرفة الأمريكية للتجارة والشركات الأمريكية المستثمرة بالجزائر، سواء مباشرة أو عن طريق الشراكة، متفائلون بمستقبل العلاقات الاقتصادية الجزائرية الأمريكية. وهذا ما أكّدته سعادة السفيرة الأمريكية بالجزائر في أكثر من مناسبة، حيث تعمل جاهدة على ترسيخ العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة بعد دخول قانون الاستثمار الجديد حيز التنفيذ واستحداث الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار والشباك الموحد للاستثمارات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024