شعلة لا تنطفئ

بقلم: فنيدس بن بلة
30 أكتوير 2019

في كل المراحل التي قطعتها البلاد والصعوبات التي اعترضت ولا زالت مسار بنائها وتطورها، نعود إلى نوفمبر الشعلة التي لا تنطفئ والبوصلة التي تساعدنا على اختيار المسلك الأنسب والخروج الآمن من أي طارئ.
وثيقة نوفمبر التي حررها رواد الثورة المظفرة ومهّدوا الأرضية لانتفاضة الحرية واستعادة السيادة كاملة، حملت في مضمونها مشروع دولة وطنية، وحددت مبادئ نظام حكمها، سياستها الخارجية ودبلوماسيتها في إدارة الأزمات والتضامن الدولي عبر مساندة حق الشعوب في تقرير مصيرها، معطية إضافة إلى مفهوم حقوق الإنسان يأخذ في الاعتبار المتغيرات بعيدا عن «المركزية الغربية» واحتكارها للقرار وسعيها الدؤوب لإدراج قضايا الحرية والانعتاق ضمن قراءاتها الضيقة ومفهومها ورؤيتها.
لم تعبر وثيقة نوفمبر عن صرخة ضمير، ثار ضد استعمار استيطاني تنكر لوجود الدولة الجزائرية وتجاهل حضارتها وشخصيتها الوطنية التي ظلت تقاوم للحفاظ عليها في كل الأحوال والظروف، لكنها مشروع بناء سياسي، يحدد معالم الدولة المستقلة التي ناضل من أجلها من فجروا الثورة وضحوا بالنفس والممتلكات لإعلاء شأنها، دولة لها هويتها ونظامها الجمهوري الديمقراطي المستند دوما إلى الإرادة الشعبية والمقر بأن الوحدة الوطنية خط أحمر لا يقبل المساس..وحدة وطنية حرص قادة الثورة بحنكة ودهاء على تأمينها من أي تجاذب سياسي، تناحر قبلي أو طموحات شخصية وسلوك انفرادي يكرس الزعامة وعبادة الشخصية على حساب الشعب وطموحه وتطلعاته، مثلما حصل أيام زمان مع الحركة الوطنية التي دخلت إلى طريق مسدود لانتهاجها مسلكا آخر غير هذا الاختيار المتمثل في القيادة الجماعية ورفض الحكم الفردي الاوتوليتاري والسقوط في أية مغامرة من شأنها إجهاض المساواة في الحقوق وحق اختيار الرئيس وبناء دولة المؤسسات التي تقوم على الفصل بين السلطات لا إدماجها.
حسمت وثيقة نوفمبر وفق هذا المعطى الثابت في نظام الحكم، العلاقة بين الدولة والمواطن وحددت مسؤولية من يتولى زمام الأمور والتكفل بالجزائريين ورعايتهم ليعيشوا سادة بعد انجلاء ليل الاستعمار البغيض.
هذه الرؤية المحددة في وثيقة نوفمبر تعد قاعدة انطلاق نحو الانفراج في الظرف الحالي، يعتمد عليها في الراهن السياسي لتحديد خيارات مسعى المرور الحتمي إلى مرحلة جديدة من بناء منظومة ديمقراطية تتباين فيها الأساليب وتتفق حول الجوهر والغاية والانتخابات الرئاسية المقررة يوم ١٢ ديسمبر القادم مدخلها ومخرجها الآمن.
 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024