الجزائر تنتصر

بقلم: فنيدس بن بلة
13 ديسمبر 2019

أكبر منتصر في المعركة الانتخابية التي حملت الاستثناء في كل شيء من بدايتها إلى آخر محطة، من حيث الظرف السياسي الذي جرت فيه والسلطة المستقلة التي أشرفت عليها والمترشحون الذين خاضوا غمارها بواقعية وأخلاقيات ممارسة والمشروع المنتظر وكذا مرافعة وسائل الإعلام التي أتقنت اللعبة، هي الجزائر التي تخرج مرة أخرى من أزمتها بروح التحدي والتبصر ولا تبقى أسيرة كوابيس الراهن وتعقيداته.
شارك في صنع الحدث الذي كان بحق درسا لمن يفهم الخصوصية الجزائرية وطبيعة الجزائري الشغوف بإستقلالية القرار والرافض مطلقا لأية محاولة للتدخل في الشأن الوطني، منتخبون لبوا نداء البلاد في الاقتراع والمشاركة في التغيير السلمي تعزيزا للممارسة الديمقراطية، واستكمالا لبناء الدولة الوطنية، المترشحون الذين ظلوا أوفياء لآخر نتائج الاقتراع وقبلوا بما أفرزه الصندوق، دون الحاجة إلى تقديم طعون. كما شارك في صنع الحدث التاريخي، السلطة المستقلة التي لم تتوقف عن المرافعة من أجل إنجاح الاستحقاق الرئاسي اعتمادا على نصوص قانونية وآليات رقمنة ومورد بشري مؤهل يحفز على التصويت وترك فكرة العزوف جانبا، دون نسيان مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية التي وفرت الإمكانيات وهيأت الأجواء للاقتراع.
وساير هذا التوجه وعبر عنه بأمانة، مترجمين في الميدان شعار رئاسيات 2019 «الجزائر تنتخب»، أو «اختار الجزائر»، المتنافسون الخمسة في تصريحاتهم وندواتهم الإعلامية مشيدين بدور الناخبين في كسر حاجز التردد والتحرر من أسر من ظلوا إلى آخر دقيقة يحاولون عرقلة المسار الانتخابي واللجوء للعنف    والتطرف ضد من قرروا القيام بممارسة حقهم الدستوري والمساهمة في إخراج البلاد من الانسداد السياسي وإفشال مشروع المرحلة الانتقالية المحفوفة بالمخاطر.
حتى رسائل التهنئة الموجهة من قادة دول ورؤساء حكومات إلى الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، أشادت باختيار الشعب الجزائري وإرادته القوية في التغيير السلمي من خلال الصندوق الفصل والانطلاق الجاد في تجسيد المطالب المشروعة عبر آليات وتفعيل مؤسسات الدولة وتحريرها من سلطة الفرد والذاتية التي أفقدتها روحها ووظيفتها وكبدتها أزمة عطلت مسيرتها في البناء والإنماء مولدة غضبا شعبيا عارما أصر على القطيعة مع ممارسات نظام سابق ورموزه.
كان هذه المطلب العاجل في صدارة اهتمام الرئيس تبون في أول لقاء إعلامي موجها رسائل قوية حول بناء العهد الجديد، مقوماته وغاياته، مؤكدا على أن المقاربة السياسية التي ستكون ورقة الطريق في حكمه: «لا تهميش، لا إقصاء ولا انتقام»، مبرزا أن أول التزامه مع الحراك هو فتح الحوار معه حول مخرجات الأزمة والذهاب بسرعة إلى التغيير بدءا من إعداد أسمى القوانين، الدستور اعتمادا على أهل الاختصاص قبل المناقشة والاستفتاء عليه. ثم تجسيد ما تضمنه البرنامج الانتخابي بروح الواقعية يعوّل عليها في لم شمل الجزائريين في كنف دولة واحدة موحدة تعلو ولا يعلى عليها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024