كلّنا الجزائر

بقلم: فنيدس بن بلة
25 ديسمبر 2019

صنعت حشود المواطنين، أمس، الحدث البارز وهم يشيّعون بحسرة وتأثر فقيد الجزائر، الفريق ڤايد صالح إلى مثواه الأخير بمربع الشهداء بالعالية، مشيدين بمواقف القائد الكبير خلال ثورتي التحرير المجيدة ومرحلة الاستقلال، ومرافقته لمشروع التغيير الجذري لنظام الحكم والتداول على السلطة، تطبيقا للسيادة الشعبية. وهتف المواطنون، الذين رافقوا الموكب الجنائزي المهيب عن قرب عبر الشوارع الرئيسية للعاصمة، بأعلى الصوت بعبارة «جيش شعب.. خاوة خاوة»، التي كانت ضمن خطب الراحل طيلة زياراته التفقدية لمختلف النواحي العسكرية وجلسات العمل التي أعيد من خلالها إلى الأذهان، الرباط المقدس بين المؤسسة العسكرية والشعب المتجذر والممتد في أعماق التاريخ الوطني.
هتافات المواطنين التي رافقت جثمان الراحل مسجى بالراية الوطنية محمولا على عربة مدفعية إلى مثواه الأخير، أعادت إلينا صور ذكريات عشناها قبل 41 سنة مضت، حين توديع الرئيس الراحل هواري بومدين، وبقدر ما كشفت هذه الصور الحية ارتباط القائدين بالشعب وحرصهما على بناء جيش وطني عصري مؤهل لمواجهة الطوارئ والتهديدات، أبرزت إرادة البطلين في تشييد جزائر شامخة واقفة، تتخذ من الصعوبات محطة انطلاق إلى الأمام ولا تستسلم لليأس والإحباط.
أظهر المشهد مدى وفاء الشعب الذي يشكل إلى جانب الجيش الرقم الأساسي في المعادلة الوطنية لتوجيهات الفريق ڤايد صالح، ورسائله التي بعث بها في أحلك الظروف التي عرفتها البلاد، منبّها لخطورة المؤامرة التي تحاك ضد الوطن لضرب عمقه الأمني واستقراره، داعيا إلى الحفاظ على وصية الشهيد بالحفاظ على الجزائر المتمسكة باستقلالية قرارها السياسي وخياراتها الاستراتيجية السيادية.
المشهد الذي صنعه الملايين في توديع من أوفى بعهده في مرافقة «الحراك» والتزم بتطبيق المطالب ومرافقة العدالة في مكافحة عصابات الفساد ونهب المال العام، والتشديد على الذهاب إلى الرئاسيات، كان معبّرا إلى أقصى درجة عن الالتفاف حول خطة الفريق وخارطة طريقه في إدارة أزمة سياسية معقّدة، بالمراهنة دوما على الحل الدستوري المؤدي إلى بر الأمان والدخول في حقبة جديدة تستكمل فيها البلاد ورشات الإصلاحات العميقة التي تؤمنها من أي اختلال أواهتزاز.
إنها رسالة قوة للداخل والخارج، تثبت بالملموس أن جزائر الشموخ واقفة أبية، وتبني نفسها اعتمادا على الذات. وهي رسالة أيضا ترد على دعاة الفتنة ومحرضي حملات التشويه ومنفذي الأجندات الخارجية، الذين لم يتوقفوا لحظة عن بث أخبار مغلوطة « فايك نيوز»، أنهم أخطأوا الحسابات، أساؤوا التقدير ولم يحفظوا دروس تجارب الماضي.
الوقفة المليونية بهذه الطريقة في توديع القائد البطل الذي صغرت أمامه الأشياء وكبر الوطن، هي رسالة وفاء وقسم ببقاء المواطنين الذين يقولون لمن غادر بعد أن أكمل المهمة، نم قرير العين «عمي صالح، إننا على العهد سائرون، متشبعون بقيم نوفمبر، لمواصلة معركة التغيير المفتوحة من أجل ستكمال الدولة الوطنية، فكلنا الجزائر».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024