الجماجم مقابل الأدمغة

بقلم: السيدة أمينة دباش
04 نوفمبر 2017

 احتفت الجزائر بالفاتح من نوفمبر تاريخ الثورة الخالدة التي تشكل إحدى أهم مرجعياتنا. فهي أكبر من خارطة طريق، رسخت فينا الروح النوفمبرية، تغذي دوما إرادتنا وتقوي صمودنا أمام الصعاب كما كان الحال خلال التسعينيات الحمراء.
ما جرى مؤخرا أمام المركز الثقافي الفرنسي الخاص بجحافل الشباب الذين حددت لهم مواعيد تزامنت وإحياء ذكرى نوفمبر، وصفها البعض بالهجرة المقنعة يستوقفنا:  
في الوقت الذي تحاول فيه الجزائر وبالضبط الأسرة الثورية ووصايتها استعادة الجماجم المعروضة في المتاحف الفرنسية، هاهي القنصلية الفرنسية تستفزنا عن طريق مركزها الثقافي على العلن، وتقدم صورا أمام الكاميرات الوطنية والعالمية، توحي بأنها مستمرة في سياستها الاستعمارية، لكن بشكل مغاير: بعد توظيف عصا التعذيب والتنكيل وقطع الرؤوس وعرضها كغنيمة حرب، هاهي اليوم تستعمل وسائل راقية  لتهجير أدمغة شبابنا وبمحض إرادتهم.
كأن جوابها على مطالبنا باستعادة جماجم شهدائنا يأتي في شكل مقايضة دنيئة «الميت مقابل الحي»، «الجماجم مقابل الأدمغة الشابة».
لكننا أمام موقف كهذا وانطلاقا مما رسخته فينا ثورتنا جيلا بعد جيل، علينا تجاوز مثل هذه القراءات والابتعاد عن المحاولات الاستفزازية التي تسعى لكسر معنوياتنا ونشر الإحباط في أوساطنا لأن رغبة شبابنا تكمن في بناء مستقبله والتشبع بالعلم والتكنولوجيات.
فلا لوم عليهم لأن فضول المعرفة والعلوم يحملان في طياتهما جاذبية مغناطيسية تعبر البحار والصحاري والمحيطات.
الأساليب الاستعمارية ظلت بائدة، كتب العالم أجمع تناولتها، والأصيل يبقى أصيلا ولو ساقته الأقدار بعيدا عن وطنه، لا يباع ولا يشترى، مثلما  تنص عليه المواثيق الأممية، ومن حق أي إنسان في هذه المعمورة أن يكون مواطن هذا العالم ….citoyen du monde
دون أن ننسى أن دولا وحضارات شجعت وتشجع مواطنيها على الانتشار عبر مناطق من هذا الكون، كاستثمار تعود فوائده على موطنه الأول إما عاجلا أو آجلا وعلى شتى الأصعدة.
نحن في زمن الاحتلال الاقتصادي، فرنسا ودول أخرى عظمى، تحتل الصدارة في مجال الاستثمارات المختلفة... وبالتالي ليست في حاجة إلى تواجدنا الجسدي لأن محاولات التحكم في العقول أصبحت عملية متطورة تنفذ عن بعد.
لا للتهويل، علينا فقط أن نحسن التدبير والتسيير دون إهمال الاستشراف والتنظير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024