المسرح الجزائري بين الواقع والمأمول

تطلعات للرقي في الأعمال، اعتراف بالإبداع وتحسين الأوضاع المهنية

حبيبة غريب

يُحيي المسرح الجزائري يومه العالمي المصادف لـ27 مارس من كل سنة، على تطلعات وانشغالات جمّة يتبناها صناع العروض، من مخرجين وممثلين وكتاب السيناريو وتقنيين في الصوت والصورة والديكور وغيرها من المهن، وأيضا وزارة الفنون والثقافة التي فتحت مؤخرا باب الحوار..

يعرف المسرح الجزائري في الآونة الأخيرة، انتعاشا كبيرا بين تعدد الأعمال وإنتاج العروض من قبل المسارح الوطنية والجهوية والتعاونيات الخاصة، وتواصل المهرجانات المحلية والوطنية واستحداث أخرى وحركية متواصلة لإعادة لأبي الفنون بريقه.
 الحديث قائم اليوم حول الارشفة، هذا المجال الذي يحتاج إلى كثير من الجهود لاسترجاع أرشيف الأعمال المسرحية التي تألقت كثيرا حين عرضها على الجمهور، لكن لا يوجد لها للأسف الشديد أثر، إلا من بعض التسجيلات التليفزيونية والإذاعية.. وهي تراث لعمالقة الخشبة تأليفا وأداء وإخراجا من شأنها أن تشكل اليوم مادة دسمة لبرامج التكوين على أكثر من مستوى، وأيضا للبحث الأكاديمي والنقد والترجمة والاقتباس.
 كما تشكل الارشفة خاصة فيما يتعلق بالأعمال التي تحاكي الذاكرة الوطنية والمقاومة الشعبية، شكلا من أشكال الحفاظ على الهوية والتاريخ، ويحتاج المسرح الجزائري اليوم، إلى تثمين أعمال رواده الأوائل، وإعادة تجسيدها، وأيضا تكريم جهود ومجهودات صناعه الحاليين، من خلال تشجيع عروضهم والمساعدة على توزيعها داخل وخارج البلاد وتحفيزها من خلال الجوالات الفنية، إلى جانب تسهيل مشاركتها في المنافسات الوطنية والإقليمية والدولية..
كما يحتاج العاملون بالمسرح إلى استقرار أوضاعهم المهنية والاجتماعية والمعاملة التي تليق بإبداعاتهم ومواهبهم وعطائهم الفني. فهم يحتاجون إلى التقدير والتكريم، وأن تسلط عليهم الأضواء الإعلامية وأن يشاركوا في مختلف القرارات الخاصة بعالمهم.
وللوصول إلى الاحترافية المنشودة، لابد من تشجيع وتعميم التكوينات سواء للممثلين أو لأصحاب مهن العروض المسرحية، على غرار الإضاءة والديكور والسينوغرافيا والصوت، كما يكثر الطلب على الاهتمام أكثر والرقمنة من أجل مواكبة الحداثة والعصرنة والاستعمال الأمثل للتكنولوجيات الحديثة.
 ويستلزم المسرح الوطني أن تواكبه الدراسات الفكرية والملتقيات وبرامج الترجمة مع تشجيع خاص للمسرح الأكاديمي، ناهيك عن تشجيع الاقتباس والاتزان في كتابة السيناريو واستعمال اللغة الأقرب إلى الجمهور. كما ينتظر من العروض المسرحية أن تكون المرآة العاكسة لأحوال المجتمع، أن تعالج المشاكل وتطرح الاسقاطات على الواقع والراهن وأيضا محاولة اقتراح بعض الحلول أو حمل الكل على التفكير في سبلها.
 إنه المسرح الجزائري الذي وإلى جانب مهمة تقديم الفرجة والبهجة، يحاول صُنّاعه اليوم المشاركة في كل المشاريع والمبادرات للنهوض به ليكون مؤسسة ثقافية اقتصادية قائمة بدورها الفكري الفني والمواطناتي، ومدرسة قوية يتخرج منها أكبر الأسماء الفنية لها مركزها الارشفة والتوثيق ومعاهدها للتكوين، نقادها ومؤلفوها ومترجموها وجمهورها الوفي.. وفي انتظار تحقيق المأمول يبقى صناع المسرح الجزائري متطلعين دوما للأفضل، من أجل عروض راقية شكلا ومضمونا، فكل عام وأبو الفنون راق، صامد وقوي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024