قالت إن عالمية اللغة تقتضي عملا فعّالا.. الدكتورة نعيمة سعدية:

التنسيق بين مجامع اللّغة العربيّة.. ضروريّ

إيمان كافي

تعتبر الأستاذة بجامعة بسكرة، الدكتورة نعيمة سعدية، أنه من أجل عالمية للغة العربية، وجب استحداث عديد السبل في معظم المجالات التي لها الدور الفعّال في تحقيق عالمية اللغة العربية، وهي: البحوث التقنية، المدرسة، المخابر، السينما والمسرح والإعلام، من أجل استحداث تكامل خدماتي بينها، مع ضرورة تيسير سبل تعليمها، في هذه المجالات، وتعليم قواعدها النحوية الصحيحة، والسليمة والبسيطة، وعقد دورات تكوينية لتعليم القواعد البسيطة الواضحة، ومحاولة تمريرها داخل هذه المجالات.

وذكرت نعيمة سعدية، في تصريح لـ«الشعب” أن التطوّر العلمي أضاف كثيرا من الوسائل الجديدة التي يمكن الاستفادة منها في تعليمية اللغة العربية وإعداد جيل على مستوى عال من الكفاءة، قادر على مواجهة تحديات العصر، وتحقيق انغماس كلي للغة العربية في كل المجالات، على الرغم من الرهانات والتحديات في كل المجالات، وواجبنا كلنا تهيئة الأرضية للغة عربية بسيطة وسليمة، هدفها تحقيق بعد عالمي حقيقي وفعّال للغة العربية، على صعيد الاستعمال اليومي، أي أن يستعملها أكبر عدد ممكن من الناس، وأضافت: “كلنا، من موقعه، مطالب بأداء واجبه مهما كان بسيطا، كلنا مجاهد من موقعه، وكلنا مسؤول، للحفاظ على هويتنا ووطننا، ولا ننسى أن قوتنا في قوة لغتنا علميا واقتصاديا، وهذا تجسيد حقيقي لقوة الوطن”.
وأكدت المتحدثة أن اللغة العربية - في الوقت الراهن - تواجه  تحديًا عالميًا، من حيث الحفاظ على وجودها ومكانتها وتعزيز استعمالها، على الرغم من أنّها لغة منتشرة، بل الأكثر انتشارا، إلا أن هناك قلقًا بشأن تراجع استخدامها في مجالات حيوية معينة، أدت إليها سياسة العولمة (ونقصد هنا هيمنة اللغة الإنجليزية)، ما خلق تحديا للغة العربية من أجل الحفاظ على أهميتها، في عالم التكنولوجيا والرقمنة، خاصة وأن مجمل البرمجيات باللغة الانجليزية، وتشكل المنصات التي تركز على اللغة الإنجليزية عقبة أمام الوجود الرقمي للغة العربية، وجب فهم أبعاده، وخطورته، وكيفية الاستفادة منه.
وقالت المتحدثة إن “اللغة العربية تواجه تحديات أخرى، وهي عدم وجود مناهج موحدة للغة العربية، ما يعيق أساليب التدريس الفعّال، ويجعل الأمر أكثر صعوبة على المتعلمين في جميع أنحاء العالم، إلى جانب عائق اللهجات المتنوعة داخل اللغة العربية، وهو أمر غاية في التعقيد، ما يؤثر على التواصل الجيد والناجح، بين المتحدثين باللغة العربية، وربما يحدّ من تأثيرها العالمي، الأمر الذي يدفعنا إلى أن ننادي بإنشاء نموذج موحد للتواصل اللغوي العربي العالمي”.
اللغة العربية.. لغة علم ومعارف
واعتبرت الدكتورة نعيمة سعدية أن اللغة العربية لم تكن أبدا لغة انعزال، بل كانت دائما لغة الحياة والانفتاح، ولغة العلم وإنتاج المعارف. وعليه، وجب نبذ التعصّب اللغوي، المتمثل في توقيفها تارة، وتقديسها تارة أخرى، مشيرة إلى أنه علينا أن لا ننافق اللغة، أو نخدعها، حين نلبسها ثوب القداسة الزائفة التي تجمدها، وتمنعها عن التطوّر، وتعوقها عن الانطلاق.
وفي هذه الحال، يتوجّب على أبنائها بحث سبل، وكيفية تفعيلها خارج أوطانها، لأن اللغة الحية المعاصرة والعلمية هي تلك التي تتعدى حدودها، لتنال وضعها جيدا في الخارج، وإن البعد العلمي والعالمي يجب أن يطغى في اللغة العربية، إذا أريد لها البقاء، والتفعيل في هذا المحيط، خاصة وأن لها القدرة والقوة والقبول، لتتمكّن من حمل الإنتاج العلمي، مهما كان نوعه بأسلوب واضح محكم وسليم، يخضع لقواعد التحدّث العالمية.
وأبرزت محدثتنا أن اللغة العربية في ظلّ التقدّم الرقمي تواجه تحديات أخرى، وهي أن تضع للتعليم متغيرات جديدة، وفق ما جاءت في الرقمنة أو التكنولوجيا عموما، الأمر الذي أثر على كثير من مجالات الحياة، فخلفت تأثيرا سلبيا وتيارا يرى بدعوى تخلف اللغة العربية عن مسايرة العلم، وعجزها عن اللحاق بالركب الحضاري والتنموي، واتهامها بالعجز والقصور عن مواكبة التقدم العلمي والمعرفي، والقصور في احتوائه، في مشروع مخطط له سلفا ضد العربية، ما أدى إلى تأثير مباشر على تخاطبهم واتصالهم فتراجعت اللغة العربية تدريجيا عند أهلها.
في المقابل - قالت الدكتورة سعدية - نجد اللغة العربية على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث حظيت بانتشار كبير على الصعيد العالمي من خلالها، وقدمت نوعا من التواصل بين الناس سمي بالتواصل الاجتماعي عبر الشبكات، ربطت به أجزاء هذا العالم المترامية. وعلى الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل تحديا للغة العربية، إلا أنها واحدة من أهم الوسائل التي تعمل على ترويجها، وإن كان في ترويجها - هنا - كثير من المآخذ اللغوية، مشيرة إلى إمكانية الاستفادة من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنشئي المحتوى، والمجتمعات عبر الإنترنت، لتعظيم مدى وصول اللغة العربية وجاذبيتها للجمهور العالمي.
توصيات لتجاوز تحديات اللغة العربية
ومن أجل تجاوز كل هذه التحديات، اقترحت الدكتورة سعدية بعض التوصيات الممكن تجسيدها وتتمثل في تفعيل المجامع اللغوية في كل الدول العربية، بل واستحداث تنسيقية للمجامع، من أجل توحيد الجهود على اختلافها خدمة للإنسان ولعالمية اللغة، في ظلّ ما يخدم سياسة الدولة واحترام التعاون بين البلدان.
وللحدّ من الجرف وراء المأزق اللهجي، والبحث الحقيقي في واقع وسيرورة الممارسة اللغوية، تؤكد الدكتورة سعدية أننا لا يجب أن ننسى أن الأمن اللغوي جزء أساس من الأمن الثقافي، وأمن الهوية.
وتطرّقت المتحدثة إلى أهمية تعزيز إتقان اللغة العربية بين مختلف الفاعلين وتعزيز استخدامها في المحافل الدولية، لأن إسهام اللغة العربية في العلوم والتكنولوجيا تاريخياً لا يستهان به، وليس بالأمر الهيّن، الأمر الذي يجعلها في مواكبة التطورات الحديثة، بالإضافة إلى تشجيع البحث والابتكار باللغة العربية والذي يمكن أن يضمن استمرار أهمية استعمالها، كما أكدت على ضرورة الحفاظ على سلامة اللغة العربية وتكيّفها مع الاتجاهات اللغوية المعاصرة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19483

العدد 19483

الأربعاء 29 ماي 2024
العدد 19482

العدد 19482

الثلاثاء 28 ماي 2024
العدد 19481

العدد 19481

الإثنين 27 ماي 2024
العدد 19480

العدد 19480

الأحد 26 ماي 2024