في تأبينية للبروفيسور الأخضر شريّط

أسرة جامـعة الجــزائر تستعيـد مـآثر المــفـكّـر الـعـميـد

إيمان كاسي

شهدت جامعة الجزائر 2 “أبو القاسم سعد الله” تنظيم تأبينيه لروح فقيدها البروفيسور الأخضر شريّط الذي وافته المنيّة يوم 15 ديسمبر 2023 بعد صراع مرير مع المرض، وقد دامت اللّفتة التي سهرت عليها كليّة العلوم الإنسانيّة و«مخبر مشكلات الحضارة والتّاريخ في الجزائر”، الّذي أداره الفقيد خلال حياته بكلّ اقتدار، حوالي ثلاث ساعات من الزّمن.

ولأنّ الرّاحل خرّيج قسم الفلسفة، شهد مدرّج مفدي زكريّا بالمبنى “ج” - جامعة الجزائر 2- حضورا نوعيّا أغلبه من أساتذة القسم، وكذلك من أقسام أخرى، نظرا للصّيت والمحبّة اللّذين حباه الله بهما؛ وهو الّذي تحدّى المرض بابتسامته المعروفة التي تسرّ ناظريه؛ وبل وافاه زملاؤه حتّى من خارج الولاية كمدير جامعة برج بوعريريج البروفيسور بوعزّة بوضرساية الذي أدلى بدلوه هو الآخر.
تخلّلت التأبينيّة شهادات زملاء ومحبّي وأهل المرحوم الّذين حضروا بدورهم هذا الحدث، مستذكرين محطّات من حياته من خلال فيديوهات جمعت بين نشاطات المرحوم وكلمات للذّكرى تركها محبّوه؛ هذا العمل الذي سهرت على إنجازه البروفيسور جاري جويدة زميلة المرحوم وأستاذة الفلسفة بجامعة الجزائر 2، بمعاضدة تقنيّة من المنشّطة الجامعيّة أوهيب ليلى.
هذا “الأستاذ الفذّ”، كما وصفه مدير الجامعة البروفيسور السّعيد رحماني، لم يذهب دون ترك أثر يخلد ذكراه، حيث نجد له رصيدا من عديد الكتب على غرار: “أعلام وأنوار فكريّة من الثّقافة الجزائريّة”، “أسس في البناء الحضاري”، ومؤلّفات أخرى كالّتي عالجت فكر مالك بن نبي الذي اختصّ فيه المرحوم الأخضر شريّط في متون دراساته الجامعيّة، وأحبّه إلى درجة تسمية اثنين من أبنائه عليه “مالك” و«بن نبي”، إلى جانب “طارق” الذي أبى إلّا أن يفي والده بكلمات أمام الحضور.
وأبرز البروفيسور عبد الرزّاق قسّوم، الذي نادى بتخليد اسمه وأسماء العلماء الّذين أضاؤوا سماء جامعة الجزائر 2 على مدرّجاتها وقاعاتها، ألم الفقد بقوله: “المصيبة تزداد عظمتها لمّا تصيب الأعالي منّا”، وقالت فيه زميلته البروفيسور جاري “كيف لي أن أختزل في كلمات مسار زميلي وأخي الذي لم تلده أمّي!”، قبل أن تتعرّض إلى مولده ونشأته، هو الذي أتى إلى العالم في 16 من أكتوبر 1958 ببلديّة أولاد ابراهيم، ولاية المديّة. وهنا لا يفوتنا أنّه كانت لصفات البروفيسور الأخضر شريّط، سليل شهيد ثورة التّحرير، النّصيب الأوفر من الشّهادات بالنّظر إلى التّواضع والتّسامح وطيبة القلب ومختلف الخصال التي طبعت شخصيّته على الدّوام.
للذّكر، عكف الراحل على تدريس عدّة وحدات فلسفيّة كالمنطق وفلسفة العلوم وفلسفة اللّغة وفلسفة الحضارة. وربّما من أكثر الشّهادات عمقا فلسفيّا تلك الّتي أدلت بها طالبته، عميدة كليّة العلوم الإنسانيّة حاليّا، البروفيسور آمال موهوب بقولها: “يعدّ الاعتراف بعطاء الآخر وتضحياته، بشكل عام، قيمة أدبيّة وأخلاقيّة وإنسانيّة رفيعة، وهذا المفهوم من أهمّ المفاهيم الفلسفيّة المعاصرة.. لسنا نبغي التّفصيل في فلسفة الاعتراف التي تجنح بنا إلى مسائل غير ذي صلة، بل نحاول أن نستوحي من المفهوم المعنى الّذي يؤطّر هذا المقام. فقد ساهم الأستاذ شريّط، رحمه الله، في الكثير من الملتقيات والأعمال العلميّة.. من منّا لا يتذكّر بساطته وهدوءه وتعابير وجهه المحمرّ المعبّر عن سريرته الطيّبة! لقد جمعتنا ظروف العمل بأساتذتنا الأجلّاء الذين لا يمكننا إيفاؤهم حقهم من التّقدير والعرفان...”.
ومن باب العرفان بالجميل، كرّمت المتحدّثة أسرة الفقيد بدرع على شكل خريطة الجزائر محاكاة لفكره الوطنيّ، وهذا بعد تكريم آخر من طرف رئاسة الجامعة والمخبر الذي انتمى إليه أستاذ الفلسفة الرّاحل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024