تحف وديكورات منزلية جزائرية عريقة

محمـد الصالح فيلالي..إبـداع على النّحاس

أمينة جابالله

استطاع الحرفي محمد الصالح فيلالي من خلال معرضه الفردي المنظم بقصر الثقافة مفدي زكرياء الموسوم بـ “فن الزخرفة على النحاس”، أن يستقطب الزوار الشغوفين بالصناعة التقليدية من مختلف ولايات الوطن، حيث اشتمل في أركانه على أجمل التحف النحاسية بأشكال بديعة تجمع بين أصالة التراث غير المادي وحداثة الفن المعاصر.

 لقي المعرض ترحيبا كبيرا من الزوار الباحثين عن هذه القطع التراثية التي أبدع في صنعها الحرفي ابن مدينة قسنطينة الصالح الفيلالي، حيث اكتشفوا طيلة 30 يوما التنوع الموجود في صناعة النحاس بكل ألوانه الأحمر، الأصفر والأبيض.
استعرض صاحب التحف المبثوثة في رواق العرض التي ناهز عددها 300 تحفة، أبرز القطع التي تشتهر بها الصناعة النحاسية القسنطينية، بالخصوص “البراد”، “الصحون” و«المهارس”، وغيرها التي زيّنت بزخارف متناسقة وأزهار مختلفة الأشكال والأحجام، ناهيك عن إدراج الكتابة العربية والزخرفة الإسلامية على مختلف اللوحات التي حوّلت النحاس إلى تحف غاية في الجمال والروعة، لاسيما اللوحة النحاسية التي نقش عليها صورة جامع الجزائر، ومجسم كبير لإحدى السفن الجزائرية كمحاكاة للأيالة التي كانت بقيادة سلاطين البحر الأبيض المتوسط أمثال خير الدين بربروس، إضافة إلى لوحات ضمّت مواقع أثرية لكل ولايات الجزائر.
كما أبدع الفيلالي ايضا في صناعة السينيات التي نقشها بأسلوب مبتكر يعكس احترافيته وخياله الضارب في التاريخ والتراث الجزائري العريق، حيث يخيل للناظر إليها أنه يشاهد قطعا نحاسية مطرزة بصورة دقيقة تجعلك تعجب لدقة التصميم، إلى جانب عرض بعض الأواني، على غرار طاسة الحمام، المحبس بلونيه الأبيض والأصفر، المرش، السكرية، القطارة والمزهريات التي لا تزال بعض العائلات القسنطينية تحرص على وجودها في منازلها.
ضمّ المعرض تشكيلة مميزة وراقية من الثريات المزخرفة النحاسية والشمعدانات، وكذا بعض اللوحات التي عكست تراث المنطقة مجسما على النحاس إلى جانب فوانيس ضخمة، حيث اعتمدت أنامل الحرفي الصالح الفيلالي على إبراز الجانب الجمالي للنحاس بتحويله من مجرد مادة تستخدم في صناعة الأواني النحاسية إلى لوحات فنية، جسدها بالاعتماد على تقنية الضغط على أوراق النحاس كرسومات لمناطق أثرية ومعالم تراثية.
لم يقتصر المعرض على ما سبق ذكره من التحف، بل ضمّ أشكالا وأنواعا من مرايا وأباريق وموائد، بالإضافة إلى قطع من الديكور، حيث خصص جانب كبير منها لتصميمات خيالية للأثاث المنزلي، خزائن، لوحات، تحف فنية، مجسمات...عرضها بأشكال مختلفة جمعت بين ما هو قديم وعريق وبين وما هو حديث ومبتكر، سمحت للمار بينها أن يكتشف ما تزخر به الجزائر من موروث عريق في مجال صناعة النحاس التي يناهز عمرها 5 قرون، خاصة أن التحف النحاسية كانت ولا زالت إحدى العناصر الجمالية في الديكور الجزائري الأصيل للقصور والبيوت الجزائرية.
للاشارة، يعتبر محمد الصالح فيلالي بن ابراهيم البالغ من العمر 60 سنة واحدا من أفضل حرفي النحاس في الوطن العربي، تقلّد منصب رئيس سابق للرابطة الوطنية للصناعات التقليدية والفنون الشعبية، ورئيس سابق لرابطة حرفي النحاس لولاية قسنطينة، عضو اللجنة التحضيرية لأول معرض لشيوخ الحرفة بمناسبة الذكرى 32 لاندلاع الثورة الجزائرية، حيث كان ذلك الوقت بالكاد يبلغ سن التاسعة أي في نهاية الستينات.
الطفل محمد صلاح فيلالي بن ابراهيم بدأ تدريبه في ورشات عمل غير صحية والشاهد على ذلك ضيق شارع اولاد ابراهيم، ثم انتقل للتكوين والعمل في باردو المكان المعروف باسم الزميلي الشهير في قسنطينة بصناعة الفن على النحاس تحت الأعين الساهرة للحرفي الماهر الشيخ “مجوب”، الذي لا زالت واحدة من أعماله المتقنة معروضة حتى الآن في أحد المتاحف الكبرى في باريس.
يقال إنه العمل هو الذي يعرّفنا بالفنان، ولا يمكن للفنان أن يعبر عن نفسه إلا من خلال أعماله، وعليه نجد من انجازات محمد الصالح الفيلالي على غرار دار الثقافة لولاية قسنطينة، كل من فيلا جنان المفتي بالجزائر العاصمة، مسجد سيدي ابراهيم بتلمسان، مسجد سيدي بومدين بتلمسان، مسجد باريس بفرنسا، معهد عبد الحميد بن باديس في قسنطينة، تذكار العناب للمهرجان الدولي للسينما بعنابة 1988، ميدالية مهرجان المرأة والسينما 1984، كما قام بتنفيذ العديد من الاعمال التي قدمتها الرئاسة لدول وشخصيات صديقة للجزائر من 1983 الى غاية 1992.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024