أعلن عـن كتابين جديدين يصـدران قريبا..

محمـد شوقي الزيـن يعـزّز مفهوم “الثقاف”

أسامة إفراح

كشف الدكتور محمد شوقي الزين عن كتابين جديدين، يصدران قريبا عن دار ابن النديم والروافد الثقافية ناشرون. وينضوي العملان تحت مسمّى “كتابات سياسية”، وحمل الجزء الأول عنوان “ثقاف السياسة والأخلاق”، وحين استحضار سؤال السياسة والأخلاق، ندرس الفعل البشري في فرادته، وعفويته، وسلوكه، وكذلك في قصديته وتأويليته. أما الجزء الثاني “ثقف العنصر السياسي”، فيركّز على الكيفية التي يدرك فيها الفعل السياسي، ليس بناءً على سلوكيات ووظائف فحسب، بل وأيضا باللجوء إلى مواقف، وذاكرات، وبطولات.

أما الجزء الأول فيحمل عنوان “ثقاف السياسة والأخلاق”، ويقول محمد شوقي الزين عنه إنّ فصوله هي قراءات وتأمّلات تهتدي بما أعطاه الكاتب اسم “الثقاف”، أيّ ما يشدُّ الأشياء إلى بعضها بعضًا كالأوتار. و«الثقاف” هو “المفهوم الإجرائي الذي سبق لنا أن عنونّا به محاولة عن فلسفة الثقافة، وأردفناه بمعقولية خاصة في الجزء الثاني من “نقد العقل الثقافي”، يقول شوقي الزين، مضيفا أنّ هذا المفهوم “يُعاد استثماره في نطاق الكتابات السياسية، على هامش المشروع واستمرارًا له، ومن أجل رؤية واسعة عن طبيعة الفعل البشري وتجليَّاته في الثقافة والسياسة والأخلاق”.
وعن مؤلّفه، يقول شوقي الزين إنّه “عندما نستحضر سؤال السياسة والأخلاق، فإنّنا ندرس (الفعل) البشري في فرادته، وفي عفويته، وفي سلوكه، وكذلك في قصديته وفي تأويليته. ليست السياسة والأخلاق مجرَّد عمران بشري عن طبيعة الحكم المراد أداؤه أو السلوك الواجب تأديته، بل هما (السؤال) الذي ينبري من الفعل البشري في عتبته الأولى ونصاعته الأنطولوجية (“كينونة” الفعل ذاته)”. ويضيف “نتعلم من السياسة والأخلاق طبيعة الفعل البشري قبل أن نقرأ الأحكام والأوامر والزواجر وما ينبغي القيام به أو الامتناع عنه. الفعل سابق على كلّ إرادة في تغليفه في أمر أو نهي، وفي حكم أو ظنّ، فصول هذا الكتاب هي قراءة في العتبة المبدئية للفعل البشري وكيف يتمفصل هذا الفعل مع الأبنية الموضوعة في السياسة والأخلاق وعبر مباحث متنوّعة تخصّ تأويل الفعل، وفهم طبيعة العلمانية، وفقه سؤال الحرية والسعادة، واستجلاء دلالة الديمقراطية، ودراسة ألغاز الغُربة والغيرية، واستشكال موضوع الثقافة والمقاومة، واستكناه طبيعة الثّورة؛ الكلّ في حوار ملح مع نماذج نافذة مثل حنه آرنت وجاك دريدا ، وميشال دو سارتو، ويوهان إيرهارد، ورونيه جيرار وهشام جعيط.
ولعلّ شوقي الزين، حين حديثه عن محاولة سابقة في هذا الصدد، يشير إلى كتابه “الأمير والداهية: ثقاف السياسة والأخلاق” (دار لوسيل، 2018) الذي يحمل العنوان نفسه، وقدّم فيه “قراءة في العتبة المبدئية للفعل البشري وكيف يتمفصل هذا الفعل مع الأبنية الموضوعة في السياسة والأخلاق”.
ويتضمّن الكتاب مقدمة تتطرق إلى “الفعل السياسي بين العقل والحيلة”، وتعالج صورة “الأمير” في الأدب السياسي بين ماكيافيلي والعتائقي، وأبجديات في القول السياسي (العقل، والذكاء، والدهاء، والحيلة).
ثم نجد الكتاب مقسّما إلى ثمانية فصول، موزّعة على قسمين. ويتضمّن القسم الأول “مقدّمات في السياسة والأخلاق” الفصل الأول تحت عنوان “الإيالة والعيالة: نحو تأويلية في اعتبار سؤال السياسة”، ويتطرق إلى العقل اللغوي والمدلول الرمزي، فالعقل التأويلي والمدلول السياسي، ثم العقل التداولي (الإيالة أداءً براكسيًا)، فالتأويل بوصفه تفعيل الآلة.
وفي الفصل الثاني “السعادة والحرية: رؤية أخرى في علاقة الأخلاق بالسياسة في الفكر الفلسفي”، يتطرق الكاتب إلى السعادة قبل الحرية، والسعادة والإرادة (لحظة الفارابي الاستثنائية)، ثم كانط والتأسيس الأخلاقي للحرية أو ما يسميه شوقي الزين بـ«المنعطف الحداثي”، وبعده حنه آرنت والاعتبار الأدائي للحرية وهو ما يسميه “المنعطف التداولي”، ليتحدث بعد ذلك عن الإرهاب العالمي والضرورة الأمنية (التضحية بالحرية من أجل السعادة؟). ثم يأتي الفصل الثالث حول “العلمانية ومعوّقات فهمها”، وهو آخر فصل من فصول القسم الأول من الكتاب.
وفي القسم الثاني “نماذج نقدية حديثة ومعاصرة”، نجد الفصل الرابع الذي حمل عنوانا في شكل سؤال “هل الفعل السياسي أرقى أشكال “البراكسيس”؟ تأمّلات في النظرية السياسية لدى حَنَّه آرَنْت”، يليه فصل خامس خصّص لجاك دريدا، يعالج فيه الكاتب “سؤال العقل في سياسة التفكيك (العقل، والسياسة، والديمقراطية). وعلى نفس النمط، يخصّص الكاتب الفصل السادس، “تكتيكات الهامش أمام استراتيجيات المركز”، للثقافة والمقاومة ميشال دو سارتو. ثم نجد فصلا سابعا تحت عنوان “التثوير والتنوير: سؤال الثورة انطلاقا من نص يوهان ينيامين إرهارد”، يليه الفصل الثامن “الفتنة والمحاكاة: مدخل إلى نظرية رونيه جيرار عن العنف والمقدّس”.

من الفعل إلى العنصر السياسي

وحين حديثه عن الكتاب الثاني “ثقف العنصر السياسي”، يقول محمد شوقي الزين إنّ مقدمة كتابات سياسية (1) كانت موجّهة خصيصا “لفهم طبيعة الفعل البشري بناءً على نموذجي ماكيافيلي والعتائقي، بالإشارة إلى جدل الحظ والموهبة، ودور الحيلة في تعقل الأشياء وإدارة العمليات، وتجليات ذلك في المباحث المدروسة في ثمانية فصول”.
ومن هذا المنطلق، يتبين بأنّ ما أشار إليه المؤلف هناك يخصّ “ثَقف” اللحظة الوجودية في الموقف من العالم، و«ثقف” اللحظة السياسية في إدارة الشؤون. “وهذا بالضبط ما تعمل (كتابات سياسية 2) على إبرازه في هذا الكتاب بفصوله التسعة، لكن بالتوكيد على المخيال السياسي أو الكيفية التي يدرك فيها الفعل السياسي، ليس بناءً على سلوكيات ووظائف فحسب، بل وأيضا باللجوء إلى مواقف، وذاكرات، وبطولات ومثالات عليا”، يقول المؤلف.
وإذا كان عنوان الكتاب الأول يحمل كلمة “ثقاف” (السياسة والأخلاق)، فإنّ هذا الكتاب الثاني يحمل كلمة “ثَقْف” (العُنصر السياسي)، “وليس بين الكلمتين من تعارض، وإنما تشتغلان بالموازاة وفي تضايف تام”، يؤكّد شوقي الزين، مضيفا أنّ كلّ “ثقاف” كإجراء ثابت واستراتيجي ومثقل بالإكراهات والضوابط والقواعد إنما يقابله (معجميًا)، ويعتمل فيه (فعليًا) “ثَقْفٌ” كإجراء متحول وتكتيكي، وفار وغير مستقر، وطارئ ومباغت، يُحرّكه ويُليّن من خشونته.
ويلاحظ المؤلف أنّ حقل الإمكانات الذي ترتع فيه السياسة هو مجال “الثقف” بامتياز، مع بقاء الحقل نفسه، بقواعده ووسائله، وبرواسخه القاعدية ورواسبه التاريخية والتراثية، “الثقاف” الذي ينعتُ “الإطار أو الحلبة”.
وبعد استهلال بعنوان “العنصر السياسي وبيئته الثَّقْفية”، نجد هذا الجزء الثاني “ثقف العنصر السياسي”، كسابقه، موزّعا على قسمين، جاء أولهما تحت عنوان “نحويات الهوية والمخيال السياسي”، وتضمن أربعة فصول: الفصل الأول “الأنا والآخر: نحويات الهوية وسؤال المحاكاة”، ونجد هذا الفصل يختتم بفكرة “المغلوب مولع دائمًا بتقليد الغالب” (فص كلمة خلدونية في نظرية جيرارية).
أما الفصل الثاني فيحمل عنوان “الطريق (المستحيل) نحور الديمقراطية: من السياسة إلى الثقافة”. ثم يأتي الفصل الثالث “الشعب والشعبوية: صورة الجمع الغفير في المخيال السياسي”، يليه الفصل الرابع “الهجرة، والمسكونية، والمنزل المفقود: محنة الغريب”.
أما القسم الثاني من الكتاب “بين الأمس واليوم: السياسة في المخيال العربي الإسلامي”، فيتضمّن فصلا خامسا تحت عنوان “سياسة التراث: قراءة أيقونولوجية في مشكلة الثقافة العربية الإسلامية مع الصورة”، يليه فصل سادس عنوانه “ابن باجة، والصورة الروحانية، والسياسة المدنية”، ثم الفصل السابع “التنوير، والتكوين، ورؤية العالم في النهضة العربية: قراءة في “غابة الحق” لفرنسيس فتح الله مراش”.
وفي الفصل الثامن، يتطرق الكاتب إلى المفكر الجزائري الزواوي بغورة، وجاء الفصل بعنوان “الشمولية والحرية من وجهة نظر الزواوي بغورة: العصر الإيدولي للعنصر السياسي”. ويختتم محمد شوقي الزين كتابه بفصل تاسع تحت عنوان “إمكانية المستحيل: منبت التطرف الديني ومآله. قراءة تأويلية في التجربة الجزائرية”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024