تشهد السّاحة الجامعية المغربية خلال الأشهر الأخيرة موجة غير مسبوقة من التعبئة والاحتجاجات، يقودها طلاب وأساتذة في مؤسسات التعليم العالي، تنديدا بما يعتبرونه “تطبيعا أكاديميا” مع الكيان الصهيوني.
ويزداد الحراك زخما منذ أن بادرت مجموعات طلابية وأكاديمية إلى المطالبة العلنية بوقف الشراكات المبرمة بين بعض الجامعات المغربية ونظيراتها الصهيونية، والتي يعتبرها المحتجون خرقا للأخلاقيات الأكاديمية وتواطؤا مع الاحتلال الصهيوني، خاصة في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من تصعيد.
وكان منطلق هذا الحراك في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، المؤسّسة التعليمية الخاصة التي تعد من بين الأبرز في المغرب. ففي 27 ماي الماضي، وجّه 1، 256 طالبا وخريجا من هذه الجامعة عريضة إلى رئاسة المؤسسة، طالبوا فيها بقطع العلاقات مع ثماني جامعات صهيونية تشارك في برامج بحثية مع الجيش الصهيوني وأجهزة الأمن، ممّا يجعلها شريكة في انتهاكات جسيمة ضد الشعب الفلسطيني.
هذا، وتجاوزت التعبئة حدود الجامعات الخاصة لتشمل المؤسسات العمومية التي وقعت عرائض تطالب بإنهاء التعاون مع جامعات الكيان ومراجعة الاتفاقيات الموقعة معها والتي لا تؤدي غالبا إلى تبادل علمي أو تكنولوجي حقيقي، وإنما تعكس منطقا سياسيا يهدف إلى تلميع صورة العلاقات الرسمية مع الكيان الصهيوني، التي تم استئنافها منذ ديسمبر 2020.
الحراك مستمر رغم القمع
ورغم انتهاء السنة الجامعية وإغلاق الحرم الجامعي، لا يزال الحراك المناوئ للتطبيع الأكاديمي مستمرا، مع وعود بتوسيع رقعة التعبئة لتشمل مزيدا من الجامعات، منها الجامعة الدولية للرباط وجامعة يوروميد في فاس، وكلاهما يرتبط باتفاقيات تعاون مع مؤسسات صهيونية. وينتظر أن تتكثف الاحتجاجات خلال الدخول الجامعي المقبل، كما صرّح بذلك حميد أبشير، النقابي وأستاذ التعليم العالي، الذي اعتبر أن “الدخول الجامعي المقبل سيكون ساخنا”.
في الأثناء، منعت إدارة كلية الآداب والعلوم الإنسانية السويسي بالرباط، أمس الثلاثاء، فصيل طلبة اليسار التقدمي من تنظيم الملتقى الطلابي الشبابي لمناهضة التطبيع ودعم ومساندة المقاومة الفلسطينية، الذي كان مزمعا تنظيمه ما بين 13 و15 ماي الجاري.
وقال الفصيل الطلابي إن إدارة الكلية أقدمت صباح اليوم على إغلاق القاعات والمدرجات ومنع الطلبة من ولوج مرافق المؤسسة، في خطوة ترمي إلى التضييق على فعاليات الملتقى، وهو ما خلف حالة إغماء في صفوف الطلبة نتيجة التعرض لاعتداء من طرف حراس الأمن الخاص بالكلية.
واستنكر عماد داخمو المنسق الوطني لفصيل طلبة اليسار التقدمي منع النشاط، وحمّل الإدارة مسؤولية سلامة الطلبة والمشاركين في النشاط، معتبرا أنّ المنع يجب أن يكون مكتوبا ويتم التواصل مع الطلبة، وأكد على أن الفصيل مصر على تنظيم نشاطه.
وكان من المقرر أن تشارك في الملتقى الطلابي عدة هيئات، من بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والنهج الديمقراطي العمالي، وشبيبة اليسار الديمقراطي، وأطاك المغرب، وبي دي إس المغرب، وغيرها. ويتضمّن برنامج الملتقى مهرجانا خطابيا وندوات حول التطبيع الأكاديمي ومهام الحركة الطلابية، وكذا حول مقاطعة الكيان الصهيوني، ومواجهة التطبيع، ودعم صمود الشعب الفلسطيني.
وخلّف هذا المنع استنكارا واسعا، وعزما أقوى على إسقاط التطبيع ومناصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته الوطنية وقضيته العادلة.