للأمّهات

اجعلــي المدرسـة مكانـا جاذبــاً للطّفــــل

قد يكون اليوم الأول للطفل في المدرسة من أجمل وأروع الأيام، ليس فقط للطفل، بل لوالديه أيضا. وقد يكون على النقيض من ذلك تماما، حيث تبدأ معركة يومية من البكاء والهروب والتمارض والرجاء بأن لا يذهب إلى المدرسة، ولعل النسبة الأعلى - وللأسف - في مجتمعنا هي من النوع الثاني، فمع افتتاح المدارس تبدأ الشكاوى والأسئلة ترد عن أفضل الأساليب التي تعالج هذه الظاهرة.

ولعل الإجابة تكمن في كلمات بسيطة، وهي أن «نجعل المدرسة مكانا جاذباً للطفل»، وهذا ليس بالشيء الصعب إطلاقا، لكن شريطة أن تقوم الأسرة بدورها، وكذلك أن تقوم المدرسة بدورها.
فمن واجبات الأسرة حتى تجعل من المدرسة مكانا جاذبا اختيار العمر المناسب الذي يستطيع فيه الطفل أن ينسجم مع البيئة الجديدة. فمن المشاهدات في السنوات الثلاث الأخيرة، ميل الكثير من الأسر لأن يلتحق الطفل في عمر مبكر بالروضة، فيتناسى الأهل أن بناء القدرة الاجتماعية عنده لم يكتمل بعد، ولم يزل التعلق الوجداني بوالدته من أهم ما يسعى إليه في حياته، في حين أنّ السن المناسب لذهاب الطفل للروضة اجتماعيا ووجدانيا هو عمر الأربع سنوات، وليس قبل هذا العمر.
الإصغاء..
من جهة أخرى، فإنّ طبيعة الحديث عن المدرسة أمام الطفل تلعب دورا هاما في ذهنه عن طبيعة هذا المكان الجديد، فالبعض يميل إلى التهديد بالمدرسة، وأن الأم ستكون سعيدة عندما يذهب الابن إلى المدرسة لأنها ستتخلص منه لساعات، وبأنه لن يستطيع أن يتحرك في المدرسة كما يتحرك بالبيت، وغيرها من الأوصاف التي تجعل من المدرسة مكانا لا يرغب الطفل بالذهاب إليه، بل يعتبره مكانا للعقاب ولطمس معالم شخصيته.
ناهيكم عن التعلق الذي يصل في بعض الأحيان إلى التعلق المرضي ما بين الأم وطفلها، فبعض الأمهات يبالغن في ردات أفعالهن الحزينة، جراء ذهاب الابن إلى المدرسة، الأمر الذي ينعكس عليه هو كذلك بخوف وقلق من ترك الأم والذهاب إلى الروضة أو حتى إلى الصف الأول الابتدائي.لذلك، ومن البديهيات التي ننصح بها الأسرة في تهيئة الطفل للمدرسة، أن تُوجد رابطا إيجابيا بينه وبين المدرسة من مشاركته في اختيار مدرسته وحاجياته المتعلقة بالمدرسة، إضافة إلى الحديث بطريقة في غاية الإيجابية والتشجيع عن المدرسة، وسحب كل لغة تهديد بالمدرسة، ولا ننسى أن نوجه نصيحة للأم بأن تتمالك أعصابها عندما يذهب -خاصة أول أبنائها - إلى المدرسة.
وفي الأيام الأولى التي يعود فيها الابن من المدرسة، على الأم أن تهتم بحسن الإصغاء إلى تعبير الطفل الوجداني واللفظي عن المدرسة، لتكون الأم داعمة له بطريقة إيجابية، ولا داعي لتأمين الحماية الزائدة له من مشاكل المدرسة، بل عليها أن تمدحه على ما قدم من عطاء أثناء اليوم المدرسي، وتبين له أنه قادر على حل مشكلاته والتواصل مع الآخرين بكل كفاءة واقتدار.
علاقات اجتماعية سريعة
 من ناحية أخرى، فإنّنا ننصح الأمهات بتكوين علاقات اجتماعية سريعة بين الأسرة وأسرة طفل آخر على الأقل تكون هذه الأسرة مناسبة لاختيارها كأسرة ولطفلها كذلك، لأنّ هذه الصداقة خارج أسوار المدرسة تنعكس بظلالها على الأطفال داخل المدرسة.
وفي بعض الحالات الصعبة التي يستمر الطفل فيها بالبكاء كلما دخل المدرسة لأول مرة، فهنا قد ننصح الأم بأن ترتّب مع المدرسة ما تسمى بزيارات الانسحاب التدريجي، بحيث تمكث الأم لمدة من الزمن ثم تنسحب بطريقة متناقصة خلال أسبوع، مع تركيز المدرسة على إجراء عملية الدمج بينه وبين المعلمة وبين الطلبة الآخرين.
ومن أهم الوصايا للأمهات والآباء هو عدم التركيز والإلحاح على الطفل لكي يحدثهم بكل ما جرى في المدرسة، والأولى ترك الطفل ليتحدّث براحته عن يومه المدرسي، فهذا يشعره بالثقة والراحة أكثر من يوجد في وسط والديْن لحوحين في معرفة كل ما جرى في مدرسته.
أما فيما يتعلق بواجب المدرسة، فلا بد في هذه الحالات أن تفتح المدرسة أبوابها قبل بدء العام الدراسي بشهر على الأقل للطلبة الذين سيلتحقون بها لأول مرة، وتعد برنامجا ترفيهيا مميزا لمدة يومين في الأسبوع على الأقل يتواصل فيه الطلبة وأولياء الأمور والمدرسون في جو من المرح والسعادة، حتى يربط الطفل مشاعر السعادة والسرور بهذا الجو الجديد سواء من المباني إلى المعلمين إلى الطلبة الزملاء، وبهذا تكون المدرسة من خلال تنظيم نشاط من هذا النوع قد اختصرت أكثر من نصف المشكلة التي تواجهها كل سنة لليوم الأول من الدوام للطلبة الجدد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024