أزمة الوعي وغياب المتابعة.. تحديات تواجه المنظومة الصحية
شكّل أسبوع الوقاية من أجل صحة أفضل الذي بادرت إليه وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبر ولايات الوطن ومنها ولاية بومرداس فرصة لتعبئة كل الطاقات والتجنّد من قبل الفاعلين في القطاع عبر المؤسسات الصحية وكذا الشركاء في الميدان كمكاتب النظافة بالبلديات، فعاليات المجتمع المدني ووسائل الاعلام، من أجل تفعيل آليات الوقاية والتحسيس لمواجهة الأخطار التي تهدّد سلامة وصحة المواطن الجسمية وباقي الآفات والأمراض المتنقلة عن طريق المياه، والتسمّمات الغذائية التي تمسّ الوسط المغلق خصوصا تلاميذ المدارس.
يبرز أسبوع الوقاية من أجل الصحة الذي أطلقته مديرية الصحة والسكان لولاية بومرداس إلى غاية يوم 11 مارس الجاري الأهداف الكبرى لمختلف البرامج الوطنية التي سطّرتها السلطات العمومية والوزارة الوصية في مجال الوقاية وكيفية تفعيل آلياتها في الميدان حتى تحقق أهدافها المرجوة.
وأيضا محاولة ترسيخ هذه الثقافة لدى المواطن باعتبارها آداة ناجعة لمواجهة تداعيات تصاعد الأمراض والأوبئة التي تهدّد صحة وسلامة المجتمع خصوصا منها التسممات الغذائية، الأوبئة المتنقلة عن طريق المياه والحشرات الضارة، إلى جانب الاصابات التي تهدّد حياة الأشخاص بصفة مباشرة كالسكري، البدانة، الضغط الدموي وأغلبها ناتجة عن التغيرات التي مسّت النظام الغذائي وتداعيات الحياة العصرية.
وقد تحوّّلت هذه الأمراض الحديثة التي تهدّد حياة الانسان وسلامة المجتمع إلى تحدي حقيقي للهيئات الصحية وكل الفاعلين في القطاع، حيث لم يعد الأمر يقتصر فقط على أداء وخدمة المؤسسات الاستشفائية ومصالح الوقاية المنتشرة في عدة إدارات على علاقة مباشرة بحياة المواطن اليومية على رأسها مكاتب النظافة بالبلديات، ومصلحة الرقابة وقمع الغش لمديرية التجارة المكلفة بمتابعة طبيعة ونوعية ما يسوق من مواد غذائية ومشروبات في المحلات ونقاط البيع ومدى مطابقتها للمعايير الصحية، وغيرها من المؤسسات المطالبة بتجسيد ومتابعة تطبيق هذا البروتوكول الصحي العابر للهيئات الرسمية ليمس باقي التنظيمات الناشطة في المجتمع خصوصا منها الجمعيات المهتمة بمجال حماية البيئة والمحيط السكني والعمراني وجمعيات تنشط تحت مظلة مديرية الصحة لمكافحة بعض الأمراض الأكثر شيوعا وانتشارا كمرض السكري والسرطان.
هذه الانشغالات العامة التي تواجه المنظومة الصحية العالمية وليست المحلية فقط بسبب ما أصبح يعرف بتحديات أمراض العصر وتداعياتها الخطيرة على صحة الانسان، شكّلت أهم المحاور والمنطلقات التي ارتكزت عليها فعاليات اسبوع الوقاية الذي تحتضنه ولاية بومرداس في محاولة لفهم وتشريح هذه المتغيرات ومواجهتها ببرنامج وقائي تحسيسي واستباقي من أبرزها محاربة كل العوامل المتسببة في أخطار الإصابة بداء السكري وتعقيداته المستقبلية كالقصور الكلوي، بتر الأعضاء وفقدان البصر، الضغط الدموي وأمراض القلب والشرايين، داء السمنة الناجم عن النظام الغذائي السيء كالإفراط في السكريات والملونات الاصطناعية والقائمة طويلة من هذه الآفات السلبية المتحكمة في سلوك وتحركات المواطن.
مسؤولية مشتركة
مقابل هذه التهديدات الخطيرة الزاحفة يوميا على صحة وسلامة المواطن، ومجهودات المنظمات الصحية، تطرح البدائل الوقائية نفسها اليوم لمواجهة هذه الصعوبات والتعامل معها بأكثر وعي ودراية، وهي تقريبا مجمل الأهداف التي تعمل عليها وزارة الصحة وهيئاتها عبر الولايات التي تسعى من خلال هذه الأنشطة التي تحتضنها المراكز الاستشفائية بالولاية، إلى تفعيل الحملات التحسيسية والاعلامية للوصول إلى المواطن واقناعه بأهمية العناية بصحته وتجنب كل ما قد يهدّد حياته بسبب هذه المظاهر والسلوكيات السلبية التي يقوم بها يوميا، والتوجّه نحو تشجيع الفعل الايجابي كتجنب الأغذية المصنعة والمعلبة واستهلاك كل ما هو طبيعي «بيو»، الاقلاع عن التدخين وممارسة النشاط الرياضي وغيره من الأمور الأخرى المفيدة للجسم.
تبقى في الأخير مسؤولية انجاح هذه الحملة الوقائية مشتركة بين الجميع، ولا يمكن دائما توجيه تهم التقصير إلى الهيئات الصحية ومصالح الوقاية المعنية بمتابعة مهمة صحة وسلامة المواطن المطالب بمزيد من الوعي، على الرغم من تحمل الجماعات المحلية ومكاتب النظافة بالبلديات مهمة كبيرة في حماية السكان من ببعض الآفات والأمراض الخطيرة المتنقلة سواء عن طريق المياه الملوثة بسبب ظاهرة النقاط السوداء التي تعرفها قنوات وشبكة الصرف الصحي، أو عن طريق الحشرات والزواحف بسبب أزمة النفايات المكدسة التي تشكّل تهديدا للصحة العامة خصوصا ونحن مقبلون على فصل الصيف والحرارة حيث تزداد المخاطر الناجمة عن هذه البؤر.
