شهدت البنى التحتية في الجزائر تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة بفضل جملة المشاريع التي حملتها المخططات التنموية التي سطّرتها الحكومة في مختلف البرامج التنموية الموجهة خصيصا لتنمية مناطق الوطن وربطها بشبكة الطرقات الحديثة والعصرية كان من أهمها الطريق السيار شرق ـ غرب الذي يعد من أهم المكاسب التي تحقّقت بفضل هذه الرؤية المستقبلية، وكذا طريق الوحدة الافريقية شمال جنوب التي فتحت آفاقا اقتصادية واجتماعية هامة لشعوب المنطقة والمساهمة في رفع وتيرة التبادلات التجارية وفتح أسواق جديدة بفضل هذه الشبكة التي ساهمت أيضا في ربط موانئ الشحن الكبرى بشمال الوطن التي تعتبر بوابة لإفريقيا والعالم..
تعتبر شبكة الطرقات شريان الحياة الاقتصادية والاجتماعية في أي بلد أو مجتمع وبدونها لا نجد للحركية التنموية أثرا خصوصا في الوقت الحالي الذي يعرف فيه العالم تحولات كبيرة ومتسارعة زادت من أهمية حركة النقل بكل قنواتها سواء البحرية، الجوية أو عبر الطرقات والسكك الحديدية لتقريب المسافات الجغرافيا واختزال الزمن كعامل أساسي لكسب معادلة التنمية، وعليه أعطت الجزائر أهمية خاصة لهذا القطاع من خلال تخصيص وتسجيل برامج ومشاريع هامة لتطوير وعصرنة هذه الشبكة وتنويعها أيضا لكسب المعركة الاقتصادية ومرافقة المشاريع الاستثمارية الهامة خصوصا بولايات الجنوب الكبير ومنها مشروع استغلال منجم غار جبيلات.
وعليه حظي قطاع الأشغال العمومية باهتمام خاص في البرامج والمخططات الحكومية من أجل تجسيد هذه الرؤية والمساهمة في تطوير وعصرنة الشبكة عبر كل ولايات الوطن ومنها ولاية بومرداس التي استفادت في الفترة الأخيرة من عدة عمليات ومشاريع لفتح وتجديد الطرقات الوطنية، الولائية والبلدية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة والمساهمة في فكّ العزلة على المناطق النائية والجبلية في إطار القضاء على ما كان يسمى مناطق الظل لتحسين الظروف المعيشية للمواطن وتسهيل حركة التنقل، وأيضا تشجيع ومرافقة حاملي المشاريع الاستثمارية الذين استفادوا من عقار صناعي بالمناطق الصناعية ومناطق النشاطات المصغّرة بالبلديات التي كانت تعاني سابقا من ضعف البنى التحتية وتدهور كبير لشبكة الطرقات ما أفقدها الكثير من المزايا الاقتصادية والتنموية.
في هذا الإطار شهدت ولاية بومرداس عدة مكاسب في هذا المجال كان آخرها وضع حيز الخدمة للطريق الاجتنابي الرابط بين قورصو اتجاه الصغيرات مرورا ببلدية تيجلابين على مسافة 15 كلم، حيث أشرف وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية لخضر رخروخ على تدشين المقطع الهام الذي جاء لفكّ الخناق على مركز المدينة التي تعرف حركية كبيرة خلال موسم الاصطياف، وأيضا ربط أجزاء الولاية ببعضها وبالولايات المجاورة بعدما تحولت الولاية إلى منطقة عبور هامة وقطب اقتصادي واعد بفضل مشروع المنطقة الصناعية ببلدية الأربعطاش التي تعتبر من أكبر وأهم المناطق على المستوى الوطني، في انتظار تجسيد مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 24 والطريق الوطني رقم 25 باتجاه ولاية تيزي وزو التي يتوقف عليها نجاح مشروع توسعة الميناء التجاري لدلس المسجل للإنجاز ضمن هذه المقاربة الاقتصادية المتكاملة.
كما يشهد مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 68 الرابط بين برج منايل وبلدية رأس جنات وتيرة متسارعة في الانجاز لتسليمه قريبا، حيث يعتبر كذلك من المحاور الهامة التي ستساهم في تحسين حركة التنقل وربط المنطقة بالطريق الوطني رقم 12، ودعم الحركية التنمية التي تعرفها هذه البلدية الساحلية التي استفادت من مشاريع استثمارية هامة منها مشروع محطة تحلية مياه البحر ومحطة انتاج الطاقة الكهربائية مع تدفق عشرات المصطافين على شواطئها من مختلف الولايات المجاورة التي تسلك هذا المحور، إلى جانب باقي المشاريع الأخرى التي استفادت منها جل البلديات من خميس الخشنة إلى اعفير شرقا مع التركيز أكثر على الطرق الولائية والبلدية التي تدعّمت بأشغال تهيئة وصيانة مع فتح مسالك لربط القرى والتجمعات السكنية النائية.
ويمكن الاشارة في الأخير إلى أهمية عامل الصيانة الذي يعتبر من العوامل الاساسية لاستدامة شبكة الطرقات ونجاح المشاريع الجديدة التي كلفت الملايير، وهي النقطة الأساسية التي تطرّق إليها وزير الاشغال العمومية لدى حديثه على أهمية هذه المكاسب التي تدعّم بها قطاع الأشغال العمومية في إطار دعم وتطوير البنى التحتية بتأكيده “أن شبكة الطرقات بالجزائر عرفت توسعا كبيرا تعدت 144 الف كلم في اطار مواكبة الحركية الاقتصادية، الديمغرافية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا، لكن يبقى عامل الصيانة مهم جدا للحفاظ على هذه المكاسب واستدامتها، وعليه أبدت السلطات العمومية والوزارة الوصية اهتماما خاصا بهذا الجانب من خلال الحرص على تخصيص نسبة لا تقل عن 10 بالمائة من الميزانية السنوية للقيام بأشغال الصيانة في حدود القدرات المالية المتاحة”.