تسعى الجزائر إلى تقريب الخدمات الصّحية من كل مواطنيها عبر ولاياتها الثماني والخمسين، بغية تحسين الخدمات العلاجية العمومية، وتخفيف الضغط عن المستشفيات المتخصصة الكبرى، مع التركيز على توفير التقنيات التكنولوجية الطبية الحديثة بالمؤسسات الاستشفائية والعيادات على غرار العناية التي تحظى بها مراكز مكافحة السرطان الجهوية بكافة نواحي الوطن الكبير.
تعمل وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات على لعب دورها اللازم في التكفل بالمواطنين المرضى بالسرطان، بالتركيز على توفير التغطية الصحية الضرورية، وتقريب الخدمات العلاجية من المواطنين للحيلولة دون تكبدهم عناء التنقل إلى الجزائر العاصمة وباقي المدن الكبرى للعلاج بالمستشفيات الجامعية والمراكز المتخصصة في مكافحة هذا الدّاء الخطير والقاتل.
ولتحقيق هذه المقاربة الصحية، سهرت الدولة الجزائرية على انجاز الكثير من المراكز الاستشفائية الخاصة بمكافحة مرض السرطان عبر كل التراب الوطني مثل الجزائر العاصمة ووهران والجلفة وعنابة وأدرار وباتنة وقسنطينة والوادي وبشار وورقلة وغيرها من الولايات، حيث يُلاحظ في هذا التّوزيع إنشاء مؤسسات بمناطق مختلفة بين الشمال والجنوب والوسط والجنوب الشرقي والغربي، بغرض تقريب المسافات على المواطنين الراغبين في الاستشفاء.
وقد ساهمت هذه الاستراتيجية في الحدّ من عناء تنقل المرضى من أقاصي مناطق الجنوب إلى مستشفيات العاصمة وعنابة ووهران، وأتاحت علاج مجاني قريب منهم في ولايتهم أو الولايات القريبة من مقر سكناهم، مع تجهيز المراكز المحلية بكل التجهيزات والمعدات الطبية الحديثة، وفتح تخصصات علاجية نوعية متعددة، من أجل تمكينها من لعب دورها في التكفل بالمواطنين، وتوفير التغطية الصحية لهم دون إجبارهم على التنقل إلى المستشفيات الجامعية والمتخصصة البعيدة عنهم.
كما تدعّمت المراكز ذاتها، في السنوات الأخيرة، بإدراج تخصّصات علاجية جديدة للدّاء، وفتح أقسام ومصالح استشفائية نوعية على غرار مصلحتي العلاج بالأشعة والطب النووي، طب أورام الأطفال وغيرها من الفروع الضرورية، ناهيك عن انتهاج وزارة الصّحة لأسلوب التكوين والتدريب المتواصلين لمستخدميها من أطباء وممرضين، من خلال تكثيف تنظيم التوائم الطبية الداخلية والأجنبية بمشاركة متخصصين من الخارج في إطار تحسين الجودة ورفع الكفاءة العلاجية المحلية.
وعلى غرار العناية بمرضى السرطان المؤمّن عليهم اجتماعيا، سبق وأن ألزم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، بالتكفل التام والفوري بمرضى السرطان، غير المؤمّن عليهم اجتماعيا، ومن دون قيامهم بأي إجراء إداري قبلي، وذلك خلال تنصيب اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته.
وأمر رئيس الجمهورية أثناء ذات المناسبة، بالتكفل بالمرضى فور وصولهم إلى المشافي، مع اتخاذ كل الإجراءات العلاجية بشتى الوسائل، وتوفير المستلزمات الطبية من أدوية وكواشف مخبرية، كسرا لكل الإجراءات البيروقراطية.
وفي نفس السياق، وجّه بتكوين أطباء مختصين في الأشعة للكشف المبكّر عن السرطان، في المعاهد المتخصصة وباستعمال كل الطاقات التكوينية، بما فيها إمكانيات الصحة العسكرية، مع استحداث جهاز تنفيذي للتسيير الإداري والمالي والمراقبة ومكافحة السرطان، كون اللجنة الوطنية سالفة الذكر تعد هيئة استشارية.
إلى ذلك، أعلن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في رسالة بعث بها إلى المشاركين في المؤتمر الثاني والعشرين لرابطة الأطباء العرب والمؤتمر الخامس عشر لطب الأورام المنعقدان بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”، في الثاني من نوفمبر 2023م، عن مبادرة وطنية لمكافحة داء السرطان في إطار تجسيد التزامه بحماية صحة المواطنين وترقيتها، على أن يتم متابعة تجسيد هذه المبادرة وتقييم نتائجها على مستوى رئاسة الجمهورية.
وأبرز رئيس الجمهورية في رسالته التي قرأها نيابة عنه أحد مستشاريه، أن المبادرة تقوم على جملة من الأهداف والبرامج التي يُعتزم تحقيقها في مجال الوقاية والتشخيص المبكر عن المرض ومكافحة عوامل الخطر، مؤكدا أيضا على أهمية تشجيع وتطوير البحث العلمي في هذا المجال، وكذا توجيه الاستثمارات الكهرونووية للاستعمال الطبي، وترقية الإنتاج الوطني لأدوية السرطان، فضلا عن إشراك جميع المتدخلين في الشق الوقائي ومكافحة السرطان.
ومن جهته، أوضح وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، أن قطاعه يعمل على تغطية السوق الوطنية من الأدوية المصنعة محليا إلى 80 % مع نهاية سنة 2024، مع منح الأولوية لأدوية الأمراض المزمنة التي تشهد ندرة في سوق المحلية ومنها أدوية السرطان.