أصبحت مهنة صناعة المناخل والغرابيل محدودة بمنطقة القبائل، بسبب التطور الكبير الذي طرأ على عادات السكان، سيما تغير العادات الاستهلاكية ،ما جعل هذه الحرفة تسير نحو الزوال، باستثناء وجود بعض الطلبات لدى العائلات بالأرياف والقرى.
«الشعب» التقت صانع الغرابيل بقرية قندوز التي تعدّ المركز الإداري لآيت أرزين ببجاية ، وهو يحمل كيسا به كلّ أدوات العمل الخاصة به، يجوب أنحاء هذه القرية الكبيرة عارضا خدمته، حيث يتنقل من مكان إلى آخر من أجل إصلاح وصنع هذه الأواني التقليدية.
صرّح بائع الغرابيل والبسمة على شفاهه لنا قائلا:» ‘أنا أمارس هذه المهنة منذ ما يقارب ثلاثين عاما، وقد قدِمت من ولاية المسيلة حيث تنتشر هذه الحرفة بكثرة.وبالرغم من تغيّر نمط الحياة، إلّا أن استعمال المنخل من طرف ربّات البيوت لا يزال قائما، بالرّغم من ضآلة عدد النّساء اللّواتي يتقنّ صنع الكسكس واللّواتي تعدّ غالبيتهنّ من الأجيال السابقة، ولكن هذه الأداة المطبخية لا تزال تقاوم الزّمن، خاصّة في المناطق الريفيّة، حيث يبقى الكسكس الطّبق المفضّل في حفلات الزّفاف والاحتفال برأس السّنة الأمازيغية يناير»
وفي هذا الصدد قالت السيدة عائشة ل»الشعب»:»اذا طُلِب منّا تسليط الضوء على أحد الميزات الجديرة بالإعجاب التي يتّسم بها هذا الحرفيّ، فما من شكّ أنّها ستكون استعماله لأدوات جدّ بسيطة لصنع وإصلاح المناخل والغرابيل، وبقولنا أدوات بسيطة، نقصد أدوات بدائيّة تتمثّل في مجرّد مسامير صغيرة، مقصّ ومطرقة، فهو يُلصق الشريط الخشبي الرّقيق مع تسمير الشبيكة المقطّعة بكل حذر على شكل دوائر على الحواف.»
المدهش في الأمر هو أنّ هذا الرجل الذي يقارب عمره السّتين، ينجز عمله بمهارة وإتقان لا يوصفان، وإن كان ذلك يدلّ على شيء، فإنّما يدلّ على خبرته الكبيرة في هذه الحرفة المهدّدة بالزوال.
أمّا فيما يتعلّق بالأسعار، فإنه يصلح المناخل والغرابيل القديمة بـ 200 دج ويبيع التي يقوم بصنعها بـ 300 دج، وكلّ ما يمكننا قوله أنه يكسب قوته بكل أمانة وجدارة، ولعلّ هذا هو السرّ الكامن وراء السعادة التي نراها بادية على محياه بمجرد ممارسته لمهنته.
