جمع بين العلم والأخلاق وفتح قلبه دوما لجريدة «الشعب»

البروفيسور في طب الجلد إسماعيل بن قايد علي في ذمة الله

سعيد بن عياد

كانت له مسيرة طويلة في طب الجلد ممارسا ومكوّنا، قبل أن يرحل في لحظة مؤثرة، مودعا أسرته وأحبته ومرضاه، بمصلحة طب الجلد لمستشفى باشا الجامعي، الذي ترأسه باحترافية عالية إلى أن أحيل على التقاعد سنة 2016. إنه الأستاذ البروفيسور اسماعيل بن قايد علي الذي انتقل إلى رحمة الله صباح السبت 5 جانفي 2019 عن عمر ناهز 71 سنة، ووري الثرى بمقبرة سيد الطيب، المنظر الجميل، بالحراش، بحضور جمع من الأصدقاء، الجيران والطلبة إلى جانب أفراد أسرته.
الراحل، الذي مارس نفس الاختصاص والمسؤولية سابقا بمستشفى «مايو» بالعاصمة. الراحل، بعد أن درس بمدينة البرواقية، مسقط رأسه، زاول التعليم الثانوي بثانوية «ابن شنب» بالمدية، لينتقل إلى جامعة الجزائر مواصلا مسيرة العلم، بتفان واجتهاد، حتى أصبح متخصصا في طب الجلد. فقد تميّز اسماعيل بن قايد علي بتواضعه، وبساطته في التعامل مع الطلبة والمرضى، فقد جمع بين العلوم الطبية والأخلاق الرّاقية، وكم كانت تغمره السعادة والابتهاج لما يحقق طلبته نجاحا في دراسة التخصص، أويشفى مرضاه من مختلف أمراض الجلد.
طيلة تولّيه رئاسة مصلحة طب الجلد بمستشفى باشا، تميز بانتهاج سلوك إنساني، يليق بمركزه العلمي ومساره المهني، فنسج علاقات جيدة مع مستخدمي المصلحة من أطباء وأعوان وموظفين، بفضل رحابة صدره وتفتحه على الحوار الجاد الذي يخدم الطب والمرضى. ولم يكن الطبيب صاحب الابتسامة التي لا تفارقه في كل الظروف، يتحجج بضيق الوقت أوالانشغال باجتماعات أوبنقص الوسائل للتكفل كما ينبغي، بمرضاه المقيمين بالمستشفى أومن خارجه، وبكل الجدّية العلمية المطلوبة، وكم كان يسعد لما يتماثل مريض للشفاء. لم يكن يفرق بين من يدخل مصلحته، المتميّزة دوما بالنظافة والهدوء والتكفل الدّقيق بالمريض والتوجيه السليم لمرافقه، من اجراء لتحاليل، أشعة ونصائح.
كان البروفيسور اسماعيل شديد الحرص على حماية مكسب الطب المجاني، خاصة في زمن يشهد هجمة معاكسة، فلا يرد مريضا ولا يبخل بنصيحة، ولم يكن ذلك غريبا عنه، كونه أتى من أوساط شعبية من أعماق الجزائر، إلى عالم الطب من بوابه العلم الاجتهاد بلا كلل. معرفته للحرمان والتهميش خلال الحقبة الاستعمارية تركت في سلوكه المهني الأثر الإنساني فكان يعامل كل من يصل إلى مصلحته بالمستشفى برقة وحب غير مبال بالوضع الاجتماعي للمريض، بل انه يحرص على تكفل سريع وفعال بمن يقصدون مصلحته قادمين من مناطق بعيدة وليس لديهم إمكانيات أومراكز اجتماعية عالية.
مما يتذكر عن الرجل خارج التخصص، انه كان يولي أهمية للاتصال من خلال الرد على استفسارات الصحفيين بدون تمييز في اللغة، الى جانب تقديم النصائح والمشاركة في منابر إعلامية هادفة، بلغة بسيطة تصل بها المعلومة إلى المواطن البسيط خاصة في الأرياف والبلدات النائية، حيث للصحة قيمة وثقل في حياة الناس. ومن بين العناوين التي كان يفتح لها قلبه جريدة «الشعب» التي كبر مع مسيرتها، قناعة منه بأهمية الإعلام باللغة التي تصل إلى الجماهير، فلم يبخل إطلاقا، وفي سنوات مضت، في الرد على سؤال أوتقديم نصيحة للقراء، خاصة وأنه كان يضع الوقاية في مقدمة العلاج المسبق والإفلات من أي أذى، وبالذات في موسم الصيف الذي يكثر فيه خطر إصابات الجلد. رحم الله إسماعيل بن قايد علي، وأسكنه فسيح جنانه، وألهم كافة ذويه جميل الصبر والسلوان.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024