قال أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، إدريس عطية في تصريح لـ»الشعب» إنّ الجزائر تجيد الهندسة الانتخابية من خلال المحافظة على انتظامها، وهوأكبر دليل على رسوخ العمل الديمقراطي وتوطينه، ويحافظ على رتابة العمل السياسي وديمومته.
اعتبر ادريس الهندسة الانتخابية عملية ديمقراطية، ترتكز على محددات أساسية، تستوي في أربعة أركان، بداية بعنصر الانتظام واحترام مدة العهدة الانتخابية المحددة في الدستور الجزائري دون افتعال أسباب وظروف استثنائية لتبرير تأجيل الاستحقاقات الانتخابية.
عرف الدكتور إدريس عطية الانتظام من المنظور الانتخابي، على أنه احترام للعهدة الانتخابية المحدد مجالها والمعبرة عن حق المواطنين في تفعيل حقوقهم لأحكام شروط التداول أوالتغيير، قبل أن يضيف معقبا إلا أن أركان العملية الانتخابية الديمقراطية لا تكتمل إلاّ بوجود عناصر أخرى، تتمثل في التعددية والحرية السياسية من خلال تمثيل التيارات والتشكيلات السياسية وحتى المستقلين.
وأشار عطية إلى أنّ الحرية في النظام الانتخابي الجزائري، تعني بالأساس حرية التعبير والتفكير والمبادرة، مع ضرورة غياب أي شرط أوفعل يحدث الإكراه أوالتوجيه القسري لخيارات الموطنين.هي ممارسة يومية تقوم على القناعة والإقناع لإثراء النقاشات العامة وتشكيل حلقة اتصال إضافية بين الحاكم والمحكوم، وآلية فعالة لديمقراطية الثقافة السياسية المتمحورة حول حقوق الإنسان والمواطنة والفعالية والمحاسبة.
وعن النزاهة قال المحلل السياسي إنها أحد الشروط الأساسية التي تجعل التنافس شريفا وعادلا بين القوى السياسية لإقرار قدسية حقوق المواطنة والصوت الانتخابي، من خلال حرص الهيئة الوطنية العليا للإشراف على الانتخابات على القوائم الانتخابية وسلامة الوعاء الانتخابي، إلى جانب عدم التلاعب بصناديق الاقتراع وعدم تزوير محاضر الفرز والاحترام الشامل لنتائج الصندوق، وذلك في ظل الحياد الايجابي للإدارة المنظمة والمشرفة على العمليات الانتخابية، والذي هوبحد ذاته التزام للنظام السياسي، الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.
وعلى ضوء ذلك، أكّد محدّثنا أنّ دعوة رئيس الجمهورية للهيئة الناخبة، تحسبًا لاستحقاق 18 أفريل 201٩ «دليل واضح على التزام النظام السياسي الجزائري بانتظام الانتخابات ورسوخ العملية الديمقراطية، إلى جانب الفعالية الايجابية للمؤسسات الدستورية الوطنية»، منوها في الوقت نفسه إلى أنّها أول انتخابات رئاسية في ظل الدستور الجديد والقانون العضوي الجديد المتعلق بالانتخابات، وهذا بعد نجاح التجربة في الانتخابات التشريعية التي نظمت في ماي 2017، والانتخابات المحلية التي نظمت في شهر نوفمبر من ذات السنة.
واعتبر المحلل السياسي في سياق متّصل أنّ «النظام السياسي الجزائري لم ينظر للانتخابات كغاية في حد ذاتها، وإنما وسيلة وسلوك إنساني يسعى لتحقيق غاية أعلى منها، تتمثل في المقاصد العليا للانتخابات، تدور أساسا حول التعبير عن مبدأ أن الشعب هومصدر كل سلطة، بالإضافة إلى أنها تمثل وسيلة لتوعية وتثقيف المواطنين من جهة، ومصدرا للتجنيد السياسي للمجتمع الجزائري والفاعلين السياسيين من جهة أخرى...».
وبناء على ما سبق، يقول المحلل السياسي، أنّ المرسوم الرئاسي المتعلق باستدعاء الهيئة الناخبة جاء مفصلا واضحا ويشمل كل مراحل العملية الانتخابية المقسمة إلى ثلاث مراحل، بداية من المرحلة التحضيرية والمراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، وكذا فترة إبداء نية الترشح في وزارة الداخلية وسحب الإستمارات، وصولا إلى فترة إيداع ملفات الترشح النهائية ودراسة الملفات وإعلان نتائجها وتلقي الطعون، ومن ثم دخول مرحلة الحسم من مراحل تنفيذ الحملة الانتخابية والتي تدوم 22 يوما، ومن ثم الصمت الانتخابي الذي يدوم ثلاثة أيام، يليه الاقتراع، لتنطلق المرحلة الأخيرة بالإعلان عن النتائج وترسيمها دستوريا، إلى جانب دراسة الإخطارات ومعالجتها خلال فترة الحملة الانتخابية وبعد فرز النتائج من قبل الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.
تطرّق أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، عطية إلى الوجوه التي عبرت عن رغبتها في الترشح، مثيرة للتساؤلات والاستهجان من قبل المواطنين، ولفت إلى ضرورة عدم التغافل عن «المشهد المترهل للأحزاب السياسية الجزائرية» العاجزة عن تجنيد المناضلين والفاشلة في تكوين الكوادر الوطنية، بحيث لا تمتلك أغلب هذه الأحزاب أي برنامج انتخابي وغير مؤهلة بأن تقدم شخصيات كاريزماتية قادرة على دخول المعترك السياسي وإنجاح العرس الانتخابي بشكل منطقي ومقبول.
