تكاد الطبقة السياسية في الجزائر لا تظهر في الميدان، لا من خلال الحراك الشعبي ولا حتى في إطار التحضير للانتخابات الرئاسية المقررة يوم الرابع جويلية المقبل، يحدث هذا تزامنا وتغيير في المشهد السياسي أفرزته المستجدات منذ 22 فيفري الفارط، التي قلبت موازين الأحزاب السياسية وبعدما سجلت حضورها في الأسابيع الأولى، إلا أنها تراجعت بشكل لافت للانتباه في الآونة الأخيرة.
ما موقع الأحزاب السياسية في الجزائر فيما يحدث اليوم؟ سؤال يصعب الإجابة عليه لأنها لا تظهر كثيرا في الأسابيع الأخيرة، لاسيما منها التشكيلات التي تمثل المعارضة بعدما برزت بقوة في بداية الحراك الشعبي وإن لفظها الأخير، إلا أنها كانت ترافقه وتؤكد التزامها بالمطالب التي رفعها الشعب، وسارت على النهج الذي اختاره بعدما فشلت طيلة سنوات في إقناعه بالسير على نهجها.
وبعد أسابيع بات غياب المعارضة لافتا للنظر، وأكدت بذلك التحاقها بركب أحزاب الموالاة التي انهارت مع انطلاق الحراك الشعبي، بعد دخولها في نزاعات داخلية رفضت القيادات التي كانت والتي لازال البعض منها موجودا، ورغم أنها أعلنت عن رفضها للاستحقاقات الانتخابية ورفض دعوة رئيس الدولة للحوار آنذاك، إلا أنه لا يبرر الغياب في وقت تشهد فيه الساحة الوطنية حركية غير مسبوقة.
وإذا كان اجتماع اللجنة المركزية لـ»الأفلان» بات وشيكا للحسم في شكل مشاركتها، بعدما حسمت أمرها بإعادة ترتيب بيتها وانتخاب أمين عام جديد رسم مغادرة ولد عباس، وأنهى تسيير الحزب من قبل هيئة كان يشرف عليها رئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، في أعقاب حل هياكل الحزب، فإن الأمر مختلف تماما بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي عاش وضعا مماثلا، إلا أنه لم يحسم أموره بعد.
فالخرجات التي قام بها الناطق الرسمي صديق شهاب، والمعارضون للأمين العام أحمد أويحىي الذين اعتصموا مرتين، توقفوا عن احتجاجهم دون سابق إنذار، وعكس الإشاعات التي تم الترويج لها فإن أويحيي لم يستقل وهو باق في منصبه، إلا أن القيادة لا تجتمع على الأرجح وإن اجتمعت فإنها لا تصدر بيانات، ولم تصدر أي موقف من الانتخابات، إذا ما تم استثناء تصريح شهاب، الذي استبعد تقديم مرشح في الانتخابات المقررة، إن جرت في الآجال المحددة لها أي يوم 4 جويلية.
وبالنسبة للمعارضة التي أعلنت عموما عن عدم مشاركتها في اقتراع ينظم من قبل أشخاص ينتمون إلى المرحلة السابقة، موعزة السبب إلى تخندقها مع الشعب الذي كان قد أعلن عن رفضه للباءات، فإنه وباستثناء مجموعة قوى التغيير من أجل نصرة الشعب التي أعلنت عن اجتماع كبير يرجح أن يعقد في غضون شهر رمضان الكريم، وفق ما أكد العضوالقيادي بجبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف لـ«الشعب»، فإن الأحزاب الأخرى لا تكاد تظهر بدورها.
كل هذه المعطيات قد تؤشر على أن الطبقة السياسية تجد صعوبة في التموقع في مشهد سياسي جديد، يخلومن الموالاة والمعارضة على حد سواء إذ يتميز كل حزب عن غيره بالتيار الذي ينتمي إليه وليس الجهة التي يؤيدها عكس السنوات السابقة.