عندما انتفض الشعب الجزائري وخرج بالآلاف إلى الشوارع في كل ربوع الوطن، يوم 22 فيفري رفع مطلبين جوهريين رحيل الرئيس وعدم ترشحه لعهدة خامسة، وكذا محاسبة كل من تورط في نهب المال العام، اليوم وبعد مرور 114 يوما عن مسيرات الجمعة تحقق ما دعا إليه، في انتظار إجراء انتخابات رئاسية تكلل حوارا مرتقبا، تتيح لرئيس الجمهورية الانطلاق في بناء الاقتصاد الوطني ووضع الجزائر على السكة الصحيحة، أمر جعل الجزائريين يجعلون من جمعة أمس جمعة الاحتفال بالانتصار.
تفعيل محاسبة المسؤولين عن الفساد المالي مهما كان منصبهم، وإحالتهم على المحاكمة التي تفصل نهائيا في تورطهم من عدمه، انعكس بشكل مباشر على الحراك الشعبي في جمعته 17 التي تزامنت ونهار أمس، أمر كان متوقعا لأن أهم مطالب الحراك عندما انطلق ذات 22 فيفري 2019 كان المطالبة برحيل الرئيس المستقيل، وكذا محاسبة كل المتورطين في هدر المار العام، خطوة تؤكد المضي قدما في الاستجابة لانشغالات الشعب.
تحرك العدالة في ملفات الفساد بعد تلقيها ضمانات تتيح لها العمل في ظل استقلالية تامة، الذي يسير بوتيرة سريعة وبدأت نتائجه تظهر من خلال تحقيقات تقوم بها الجهات المختصة، في انتظار إجراء المحاكمات التي تكشف الحقائق وتحدد المتورطين، تكرس الاستجابة لأهم المطالب التي رفعها الجزائريون في مسيرات مليونية انطلقت قبل قرابة 4 أشهر.
وإذا كانت أهم مطالب الشعب الجزائري قد تحققت في انتظار مطالب أخرى، فإن الأمر الأكيد أن محطة الانتخابات الرئاسية تكتسي بالغ الأهمية في المرحلة المقبلة، ذلك أن المحاسبة والتغيير الجذري للنظام التي طالب بها الملايين من الجزائريين، ينبغي أن لا تنسى محطات أخرى لا تقل أهمية، ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية تفرزه انتخابات شفافة، تشرف عليها هيئة مستقلة تعنى بتنظيم كل العملية الانتخابية، وكذا مراقبتها إلى غاية انتخابه وتسلمه المهام من رئيس الدولة.
وفي ظل الحركية الكبيرة التي تشهدها الساحة الوطنية، فإنه يرجح انطلاق الحوار قريبا على جميع المستويات من أحزاب سياسية ومجتمع مدني الذي ينظم ندوة وطنية اليوم تشارك فيها نقابات تمثل مختلف القطاعات، حوار يكلل بتقديم مقترحات يعول عليها في تحقيق توافق يكون بمثابة أرضية تمهد لاستحقاقات، للانطلاق في مرحلة جديدة بعيدا عن ترسبات الماضي.
