مسلسل التوقيفات قد يمتد الى خريف السنة الحالية

الفساد يحتل صدارة المشهد السياسي والاجتماعي في الجزائر

نورا لدين لعراجي

 حداد ، كونيناف ،طحكوت و عولمي ... شجرة تغطي العصابة

 الضبطية القضائية للدرك أمام رهانات تفكيك الألغام قبل تفجيرها

سجلت قضايا الفساد واستعمال السلطة وتبديد المال العام المواضيع الأكثر جدلا وحضورا في المشهدين السياسي والاجتماعي،فلا ينتهي مسلسل توقيفات الشخصيات الوطنية سابقا والمتورطة في بؤر الفساد ، إلا ويستمر مسلسل التوقيف ليمتد الى مديري المؤسسات العمومية والمرافق الجامعية والبنوك  لكشف المزيد  من الألغام  ، أبطالها يظهرون في الواجهة فجأة دون إثارة، قد تسبق هدوء عاصفة الحصاد،التي لاتزال تمنجل الضالعين والفاسدين عبر إدارات عمومية وخاصة.

تطرح في الآونة الأخيرة الكثير من الأسئلة المتعلقة بمثل هذه الملفات الخطيرة ويتساءل الرأي العام عن عمل مصالح  الضبطية القضائية التابعة لجهاز الدرك الوطني،التي تتعامل مع قضايا بهذا الحجم ، أطرافها متعددون انطلاقا من مواقع وحيثيات وتفاصيل هذه الاختلاسات والاختلالات المالية التي مست اماكن متفرقة.
ان جوهر التساؤل يتعلق بالحيز الزمني  القصير لمعالجة مثل هذه القضايا ، التي تحتاج الى ميكانيزمات وآليات تساير التطور التكنولوجي الرقمي ، لان الجريمة لم تعد بمفهومها الكلاسيكي العادي ، بل انها اخذت حيزا غير ذلك ، في ظل العالم الرقمي ، ما يستوجب من القاضي التكيف مع متطلبات العصر ومواكبة منظومة التشريع القانوني والقضائي وفق ذلك ،   ومع تواجد ملفات ثقيلة أرقاما وأوراقا ، لم تشهدها المنظومة ألقضائية من قبل ، ولم تعهدها اروقة المحاكم ، إلا في حالات تعد على اصابع اليد ، مثل قضية الخليفة ، وقضية 3200 مليار المتورط فيها رجل الاعمال عاشور عبد الرحمان ، ومادون ذلك لا تبدو قضايا الاختلاسات والفساد تشبه ذلك.
 بتطور المجتمعات وظهور طرق رقمية حسابية يصعب اكتشافها ، تكيف رجال الضبطية القضائية في المصالح الامنية على مثل هذه الطفرات الرقمية ، وجعلهم على طرفي القضايا مهما كانت اطرافها ونطاقها.

قوى غير دستورية تمكنت من التوغل في دواليب السلطة

انه منذ تولي الرئيس المستقيل بوتفليقة رئاسة الجمهورية، ظهرت اولى قضايا الفساد المالي في البلاد بحماية القوى غير دستورية ، التي تدخلت في كل شؤون الدولة وصارت تمتلك مفاتيح الخزينة العمومية بمباركة السلطة السياسية.
منحت هذه القوى غير الدستورية لنفسها صلاحيات يفتقدها حتى مديري البنوك انفسهم ،ويأتي في مقدمة هؤلاء علي حداد مثلا ، هذا الأخير صار السلطة الآمرة والقوة الناهية،حيث رهن اقتصاد البلد في حجم مقولة « من لحيتو بخرلو « وعوض أن توجه اموال الاستثمار في دفع عجلة التنمية والنهوض بالقطاعات الحيوية ذات الصلة بالمورد المالي ،تخبطت الإدارة العمومية المتواطئة في إفلاسها بتواطوء مباشر.، وتحولت اموال البنوك الوطنية الى وجهات مجهولة وأغراض خاصة.
ليس بعيدا عن رجل قاد منظمة «الافسيو» دون وجه ذي حق ،بل إنه صنع لنفسه هالة نرجسية مكنته من الاستحواذ على ممتلكات عمومية في كل ولاية ؛وصار مكتبه محجا للوزراء والسفراء، اما بعض ولاة الجمهورية فكان يوم المنى بالنسبة لهم لو رنت هواتفهم وكان المتصل حداد ، فبعضهم  لولاه لما كان لهم الحظ تقلد مهام مسؤولية لم يحلموا بها اطلاقا.
يأتي  ملف الاخوة كونيناف في المرتبة الاولى، من حيث  القوة والحضور ونفوذا في هرم السلطة ألسياسية، ورغم أن اسمه لا يتداول في الصالونات والإعلام والسياسة،ذلك لأن مهامه اكبر من ما يصبوا  اليه غيره، فهو يفضل الظل والعمل في محيط مغلق إلا على شلة معينة تمتلك هي الأخرى الضوء الأخضر للاقتراب من دائرته من بينهم وزراء وولاة جمهورية هم اليوم في قبضة العدالة .
ويأتي طحكوت،عولمي، ملزي في مراتب اخرى ثانوية ليس بمقدار سابقيهم؛ لكن  سجلهم في الفساد حافل بذلك بل احيانا يفوقهم في تفاصيل الاستفادة من الريع وتحويل العملات وتبيض الأموال.
مصالح الضبطية القضائية لجهاز الدرك لم تتوان في مواصلة التحقيقات اثر تلقيها الشكاوى من النيابة العامة ، فكان لها مواصلة التحقيقات في الشأن ذاته ، محتفظة بالملفات المرسلة الى النيابة العامة في ارشيفها ، بعد تهاون او تخاذل النيابة العامة  من مباشرة ذلك ، بإيعاز من الوصاية التي كانت هي الاخرى رهينة هاته العصابة.
صيف ساخن  لسنة 2019 وقد يمتد مسلسل التوقيفات والتحقيقات الى خريف السنة الحالية ، حيث يتزامن الموعد مع الانتخابات الرئاسية التي من المفروض تجرى في شهر اكتوبر على اقصى تقدير، وبانتخاب رئيس جمهورية جديد سيكون الحديث لمرحلة اخرى بنكهة الشرعية الدستورية .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024