بعد استنزاف المؤسسات المصرفية نهبا واختلاسا

رؤساء ومديرو البنوك الجزائرية في فوهة البركان

نورالدين لعراجي

 «الكود» بطاقة سحرية تؤتى أكلها كل حين   بإذن أصحابها
صنعت أروقة محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة اهم الاخبار المتعلقة بمحاربة الفساد ؛ولا يمر يوم إلا ونستيقظ على ملفات جديدة أصحابها نزلاء بالمؤسسات العقابية تم توقيفهم بسبب تهم قيدتها ضدهم النيابة العامة، ولعل الاشخاص الذين يدخلون اروقة سيدي امحمد، يتحولون مباشرة الى متهمين لضلوعهم وتورطهم في عديد القضايا، إما عن طريق إصدار تعليمات للجهات المسؤولة، او استعمال السلطة في تسهيل الاستفادة من قروض لرجال أعمال دون وجه حق.


قضية الحال التي عرفت أطوارها المحكمة اول امس، عجلت بإيداع الرجل الاول للجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية ABEF والرئيس المدير العام للبنك الوطني الجزائري «BNA «عبود عاشور مؤسسة الحراش رفقة مجموعة كبيرة من اطارات المؤسسة المصرفية، بما فيهم مديري الوكالات البنكية التي سهلت استفادة رجال الأعمال من قروض قدرتها مصادرنا بالثقيلة جدا، وان كان قاضي التحقيق قد وضع إطارين تابعين لوزارة الصناعة يمارسان مهامهما حاليا، والمدير العام السابق لترقية للإسثمار رهن الحبس المؤقت، لهما ضلوع في التهم الموجهة لبقية الاطراف.
يعتبر الرئيس المدير العام للبنك الوطني الجزائري، بمثابة الرئيس التقني والمراقب والمشرف عن اية عملية تحويل يتم بموجبها منح قروض، ما يتطلب العودة اليه لاستشارته وضمان الموافقة النهائية من طرفه،خاصة إذا كان المستفيد من القروض قد سبق له وأن تحصل على نفس القروض من مؤسسات بنكية أخرى وهو ما يتنافى والقوانين المصرفية والمالية في البنوك.

استفادات لنفس الغرض من مؤسسات متفرقة يتنافى والقوانين المصرفية

ولعل قضية مجمع «سوفاك» المسيرة من طرف الأخوة عولمي تعتبر واحدة من بين اقوى القضايا المطروحة في محاضر الضبطية القضائية لجهاز الدرك،باعتبارها مؤسسة مفلسة لم تلتزم بدفتر الشروط الموضوع رهن عمليات الاستفادة من القروض وتهربها من الوفاء بالخدمة تجاه تسديد ذلك في اجال محددة، ونظرا للعجز في فواتير الخدمة الموفرة من طرف البنك، حولت هذه الاخيرة الأموال إلى الخارج لشراء عقارات وامتيازات وقفت عليها الضبطية القضائية، حيث تعتبر في نظر المشرع الجزائري بقضايا فساد مالي لان اصحابها لم يقوموا بما يستجيب وبنود الاتفاق الأولي.
 فيما تبقى الكثير من الحيثيات والتفاصيل الدقيقة مبهمة بفعل فاعل، لتضليل عمل الضبطية والإفلات من المتابعات القضائية،حيث يمكن ادراج حالة واحدة لجأ فيها صاحب مصنع «سوفاك» الى تضخيم فواتير في القطع الغيار غير الاصلية لممارسة المماطلة في التسديد، بالرغم من ان قانون الصفقات التجارية يحتوي على بعض البنود تجعل من الطرفين «البنك والمستفيد» توقيف سريان الاتفاق لوجود حالة غير منتظرة في الاتفاقية ؛وهنا يتدخل عامل الوقت، فيلجأ المستفيد من القروض الى إبرام التزام ثانوي او ما يعرف في قانون الصفقات ب الاتفاق المبدئي « المكمل « يتم بموحبه اعادة صياغة مادة من الاتفاقية وهي صريحة العبارة وذلك بتواطؤ من مسيري البنك تحت أوامر فوقية طبعا وهي القوى غير الدستورية.

قطع غيار مغشوشة فاقدة للأهلية وغير اصلية

كما يمكن اضافة في نفس السياق ان صاحب مؤسسة استيراد السيارات التزم في الاتفاقية بتوفير قطع الغيار الاصلية لنوعية السيارات والمركبات ذات الماركة الألمانية لكنه ونظرا للطلب المتزايد عليها من طرف الزبائن، يلجأ هذا المتعامل الاقتصادي الى التحايل على القانون وعوض توفير ذلك يقوم بإبرام الصفقة مع شريك صيني، ليوفر له الكمية المطلوبة بأقل سعر واقل تكلفة وبكميات غير محدودة، وهنا يدخل المتعامل في التحايل على الدولة وعلى الزبائن والقانون ايضا.
لا تخضع قطع الغيار الى نفس المواصفات الاصلية، فبمجرد استعمالها تفقد قدرتها على تحمل الصدمات وسرعان ما تتعرض الى العطب، ومنه شلل في بقية الأجزاء الأخرى بالمحرك ؛ما يتسبب في خسائر كبيرة يتكبدها المستفيد بشكل اكبر ولعل القضية التي رفعها المستفيدون من سيارات النقل الكبيرة من المجمع تبقى الحلقة الاضعف في ملف المعني، بحيث تم الاستعانة بقطع غيار غير مطابقة للمعايير العالمية والتقنية، ما تسبب في تعطلات كثيرة لأصحاب المركبات.

تقارير الخبرة دقت ناقوس الخطر في 2015 وملف المتابعة حبيس الادارج

تحوز» الشعب» على نسخة من الخبرة التقنية الصادرة من خبير المناجم المعتمد من طرف وزارة العدل والاتحاد الجزائري لشركات التأمين وإعادة التأمين «ع.م « يقول فيها: « يوم 24 اكتوبر 2015 قمنا بفحص المركبة وتبين لنا انها نفس المركبة الحاملة للخصائص التقنية المدونة على البطاقة الرمادية وكذا في الحكم المسلم لنا، « يضيف الخبير بعد مسافة 8 كلم سير تبين لنا انه بعد تشغيل المحرك لمدة 25 دقيقة انطفأت اضواء شاشة الاظهار الرقمية وتوقف تشغيل كل من المنبه الصوتي، الاضواء، ماسح الزجاج الامامي، ومحرك رافع زجاج الابواب ويبقى المحرك يشتغل بصفة عادية، «بالإضافة يقول الخبير في تقرير خبرته المقدم امام الجهات القضائية، « سماع صوت غير عادي على مستوى نظام الحقن، ثم ظهور تشوه اسفل الهيكل للجهة اليمنى للمركبة «
وفي فقرة اخرى يقول الخبير المعتمد من طرف وزارة العدل « بعد فحص المركبة عبر الماسح الضوئي تبين انه، بعد مرور حوالي عشرة دقائق من اقلاع المحرك انقطع التواصل بين الحاسب « الذاكرة المركزية وكل من المركز الكهربائي المبرد والعداد وتنطفئ انارة شاشة هذا الاخير «.
هذه واحدة من بين التقارير التي قدمها الخبير المعتمد لدى مجلس قضاء تيبازة ومحكمة الشراقة، وهو خبير في الميكانيك العامة والسيارات والأخطار الصناعية، بحضور «ب.م.ن» رئيسة قسم المنازعات بشركة «سوفاك» ممثلة عن مديرها العام.

27 ساعة من التحقيق تكشف حجم الفساد والثراء وما خفي أعظم

لعل وقوف مراد عولمي صاحب مجمع «سوفاك» امام قاضي التحقيق في اول جلسة سماع كشفت حقيقة هذا المجمع وذهنية التسيير الانفرادي والتهرب الضريبي والمالي من سلطان القانون، تورط فيها الوزير الاول السابق احمد اويحيي، وزراء سابقين تمت احالة ملفاتهم على المحكمة العليا من بينهم الوزيرين السابقين للصناعة والمناجم يوسف يوسفي وبدة محجوب، اختلفت التهم الموجهة للمتهمين 17 بين إساءة استغلال الوظيفة ومنح امتيازات غير مبررة للغير وأخذ قروض بغير وجه حق.وهي التهم التي تم تكييفها بعد دراسة ملف القروض الضخمة التي استفاد منها الإخوة عولمي لإنجاز مصنع تركيب السيارات الألمانية بالجزائر.ولعل المشرع القانوني يمنع الجمع بين استفادات لمؤسسة واحدة لنفس القضية والغرض، لكن ما هو في الحقيقة عكس ذلك اطلاقا، ما يطرح التساؤل الجوهري بأي حق تسمح بمثل هذه الممارسات والتسهيلات.
لعل قادم الايام يحمل معه مستجدات اخرى، تحوم حولها الشكوك والتأويلات، وان حملت في مضمونها نفس مواصفات الفساد والمفسدين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024