الفرنسية لغة قطرية ليست بالعالمية، خيشان لـ «الشعب»:

إدراج الإنجليزية قرار سياسي ظرفي، صائب من الناحية الشكلية

سهام بوعموشة

اختيار الأنظمة للغة بناء على ورشات عمل تشتغل مطولا

هل مقترح تطبيق إدراج اللغة الإنجليزية كمادة أساسية في التعليم هو قرار سياسي أم خدمة للبحث العلمي؟ وهل سيلقى القرار في حال تطبيقه استجابة كبيرة من طرف الجزائريين؟ هي تساؤلات أجابنا عليها الدكتور محمد خيشان أستاذ تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر في ظل تزايد الترويج لهذا المطلب مع موجة الحراك عبر مواقع التواصل الاجتماعي والذي تبع بخرجة لوزير التعليم العالي في سابقة الأولى من نوعها من خلال إجراء تصريحاته باللغتين العربية والإنجليزية وهو ما لقي استحسانا كبيرا..

أكد الدكتور خيشان أن كل الدراسات تثبت أن اللغة الإنجليزية هي لغة المال والأعمال، المعرفة، الاقتصاد والسياسة، كما أن هذه اللغة معروفة تاريخيا بتوفرها تحت طائلة الدول الناطقة بها في إشارة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
وأضاف أستاذ تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر أن كثيرا من الدول أدركت أن اللغة، هي ليست أداة تطور وإنما هي وسيلة بواسطتها نستطيع نقل المعارف الجديدة التي تصل إليها مراكز الدراسات والبحوث والمخابر الأمريكية والبريطانية، مشيرا إلى أن هناك دول كانت السباقة للانتصار للغة الإنجليزية كلغة بحث وعلم وتربية كالصين، الأرجنتين، الهند، جنوب إفريقيا وغيرها من الدول التي تجاوزت عتبة التخلف.
وقال أيضا إن الكثير من الدول الأوروبية المتطورة ليست لغتها الإنجليزية، لكنها شعرت أنها إن لم تتعاطى مع المعارف الإنجليزية يمكن أن تتأثر في الكثير من المجالات، لذلك نجدها استدركت دون عقدة في التعاطي مع هذه اللغة، وحسبه فإن هذا لا يعني أنها أهملت لغتها الأم من بينها ألمانيا.
في هذه النقطة أشار الأستاذ الجامعي إلى أن فرنسا في عهد ساركوزي، عندما فشل في المرور إلى العهدة الثانية تقرب من المركز الثقافي البريطاني بباريس وبشهادة الصحف الفرنسية، وحين سئل من أحد الصحفيات عن محاولة الاندماج في اللغة الإنجليزية أجاب بصريح العبارة:» بعد 30 سنة اللغة الفرنسية لن يكون لها أي مستقبل، وإنما المستقبل هو اللغة الإنجليزية». موضحا أن اختيار الأنظمة للغة من اللغات يكون بناء على ورشات عمل تشتغل مطولا ولفترة طويلة حتى تحدد الأهداف الحقيقية من ذلك الاختيار للغة ما.
واعتبر خيشان قرار إدراج اللغة الإنجليزية هو قرار سياسي ظرفي، محاولة النظام السياسي لامتصاص غضب الشارع، وقرار صائب من الناحية الشكلية قائلا:» الفرنسية في اعتقادي بقيت تتحرك إلى حد ما في ثلاثة دول في العالم دون حساب فرنسا الدولة الأم، موجودة في السنغال، الجزائر وجزء من سويسرا وبلجيكا، ما عدى ذلك فالفرنسية لغة نستطيع القول عنها لغة قطرية لا تمت بأي صلة فيما يسمى اللغة العالمية، وهي لغة ليست حية نستطيع أن نجد مكانا لنا في فضائها»، مضيفا أن كليات الطب والاقتصاد والسياسة في فرنسا أنشأت ورشات خاصة بالترجمة تقوم بترجمة كل ما يكتب في هذه المجالات من معرفة بالمخابر الأمريكية والبريطانية إلى اللغة الفرنسية لتقديم خدمة للباحثين الفرنسيين.

ضرورة إيجاد فضاءات علمية، لسانية تدرس إمكانيات تجسيد هذا المشروع

ويرى الدكتور خيشان أنه لابد من التفكير في الآليات التي تدفع بنا للتمكن من رصد مقدمة النجاح في هذا الاختيار، خاصة وأن طريقة التكوين على مستوى الجامعات الجزائرية وقطاعات التربية ما تزال تستخدم معامل أكبر للغة الفرنسية على حساب الإنجليزية، وهذا ما وصفه بالانبطاح ويدل أن فرنسا مازلت ماسكة بزمام الأمور من الناحية السياسية في الجزائر.
في هذا السياق دائما شدد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، على ضرورة إيجاد فضاءات علمية، لسانية، لغوية تدرس إمكانيات تجسيد هذا المشروع بدءا بفتح المجال واسعا لانتشار المراكز الثقافية البريطانية والأمريكية في الجزائر، وكذا التفكير في كيفية تخفيض سعر التمدرس في هذه المراكز وتشجيع الجزائريين كباحثين وطلبة في كيفية الاندماج في هذه اللغة التي تعتبر أهم لغة من حيث الانتشار.
وعن مدى استجابة الجزائريين لهذه اللغة الحية، أكد خيشان أنها ستكون استجابة كبيرة دون شك قائلا:» حتى نحن كأساتذة ظروف العمل معوقة ولكن نتوق لإيجاد آليات لتخصيص جزء من وقتنا للتسجيل في المراكز الثقافية، لكن السعر لا يلائم الباحثين، حيث أن سعر المستوى الواحد 30 ألف دج وهذا ثمن باهظ لا يساعد حتى الطلبة».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024