أستاذ الحقوق و العلوم السياسية ، بوداعة حاج مختار:

التهجم على الجيش و التشكيك في مواقفه شكل من أشكال المؤامرة

معسكر: أم الخير.س

الحوار من أجل وثيقة جامعة و استرجاع الثقة الضائعة

« جزء كبير من مطالب الحراك الشعبي يرتكز على المطالبة بتنحية رموز النظام ، في المقابل لا بد أن يعي الجزائريون أن التمسك بالأشخاص لا يعني سوى التمسك بالمؤسسات الدستورية تجنبا لأي انزلاق يؤدي إلى تدويل القضية تحت غطاء الفراغ الدستوري «، هكذا شاء الأستاذ المحاضر في الحقوق والعلوم السياسية بجامعة معسكر، أن يلخص أهمية الحوار الوطني الجامع كمنفذ وحيد ورئيسي للأزمة التي تمر بها البلاد منذ أشهر، في حديث شيّق جمعه بـ«الشعب».
أكد أستاذ الحقوق والعلوم السياسية بوداعة حاج مختار،عن تفاصيل المعضلة التي تمر بها البلاد، أنها نتاج تراكمات لأخطاء إدارية و سياسية ارتكبت في فترة سابقة ، حيث يأتي الفساد وسوء التسيير الإداري لاسيما المحلي على رأسها، لافتا أن 80 بالمئة من الإشكالات ناتجة عن عجز الادارة المحلية عن حل مشاكل المواطنين، وهذا ليس تصغيرا من حجم المطالب التي طرحها الحراك الشعبي.
وأوضح الحقوقي المتحدث، أنه كحلول ممكنة لهذه الإشكالات لا بد من إعادة النظر في التسيير المحلي و الحكامة المحلية، من خلال الذهاب إلى انتخابات محلية يكون الهدف المتوخى منها التأسيس لمجالس محلية بسلطات أوسع ، بذكره أن أي حل أو مطلب شعبي قائم على تطبيق المادة 7 و 8 لا يكون إلا بمخرج الانتخابات ، و عليه يلخص الأستاذ بوداعة الحاج مختار الحلول الممكنة في انتخابات نزيهة تنظمها و تشرف عليها هيئة مستقلة يتفق في آليات تشكيلها الحوار المزمع إطلاقه .
وأشار أستاذ الحقوق و العلوم السياسية أن الحوار الوطني الجامع هو السبيل الوحيد للخلاص من المشاكل و التجاذبات الحاصلة بين السلطة و الحراك الشعبي ، مشيرا ان من مهام لجنة الحوار المعلن عنها ، تعزيز آليات الشفافية التي تتم بها العملية الانتخابية من خلال لجنة او هيئة مستقلة تضطلع بمهمة تنظيم الانتخابات باعتبار انشاء جهاز مماثل كسبيل لتخلي السلطات العمومية عن مهمة تنظيم الانتخابات.
وفي السياق تطرق المتحدث – باعتباره عضو سابق بلجان الإشراف على الانتخابات – إلى مسألة محدودية دور اللجان المستقلة لمراقبة الانتخابات في فترات سابقة، موضحا ان هذه اللجان لا طالما قدمت تقارير سلبية عن تغول الإدارة لكن تقاريرها كانت تبقى طي الأدراج  ولا يؤخذ بها بعين الاعتبار، مشيرا بإلحاح شديد انه لا بد من تفادي الأخطاء المرتكبة من خلال رفع يد الإدارة عن مسالة تنظيم الانتخابات ، زيادة على النظر في بعض أحكام الدستور و بعض القوانين و المراسيم التنظيمية ، فضلا عن منح حق الطعن للمترشحين و إعادة النظر في القانون العضوي للانتخابات و قانون الجمعيات ، كضمانات حقيقية من شانها أن تعيد ثقة المواطن المفقودة في الواجب الانتخابي .
و أشار الأستاذ بوداعة أن السيادة الشعبية كمطلب أساسي للحراك الشعبي لا تكون إلا عبر آلية الانتخاب التي ستكون في صلب الحوار ، مؤكدا على أهمية عمل اللجنة في الاستماع للفعاليات السياسية و المدنية لبلورة وثيقة جامعة تطرح للمناقشة على مستوى ندوة وطنية ، الأمر الذي من شانه تحقيق مطلب سيادة الشعب ، بل و حتى يمكن من تنظيم انتخابات رئاسية بمعايير الشفافية و ضمانات تحقق الإقبال على الواجب الانتخابي و نتائج يقتنع بها الجزائريين .

التنازلات لتقارب وجهات النظر و تغليب المصلحة العليا للوطن

وحسب الأستاذ المحاضر بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة معسكر،فإن كل هذا يستدعي تقديم بعض التنازلات من أجل خلق تقارب في وجهات النظر وتغليب المصلحة العليا والعامة للوطن، التي يبدو انها محاطة بتكالبات خارجية ودولية لا يمكن إغفالها.
في سياق متصل  بالحديث عن التجاذبات السياسية والمستجدات الطارئة على الصعيد الوطني في ظل مبادرة الحوار الوطني الجامع، يعتقد الاستاذ بوداعة الحاج مختار، أن نية وموقف المؤسسة العسكرية المنحاز لصف المطالب الشعبية سليم ولا غبار عليه ، معتبرا أن التهجم على المؤسسة العسكرية والتشكيك في مواقفها شكل من أشكال المؤامرة التي بات يغذيها غياب الوعي السياسي الكافي لفهم ما يحاك ضد الجزائر.
واكد في سياق ذي صلة أن التمسك بالأشخاص ليس بالضرورة مساندة لهم إنما هو تمسك بمؤسسات الدولة تجنبا لمسألة الفراغ الدستوري الذي يتيح المجال أمام إعلان التدخل الخارجي في القضية الوطنية، ولفت المتحدث أن الجزائر تمر اليوم بمرحلة تاريخية بل مرحلة انتقالية فعلية تمت في إطار الدستور.

استقلالية السلطة القضائية لضمان تطبيق القوانين ومحاربة الفساد

كما يتصور المتحدث منفذ البلاد إلى برّ الأمان، قائما من خلال سبيل الحوار الجامع، على أن يعالج الحوار مسائل جمة منها مسألة استقلالية السلطة القضائية لضمان تطبيق القوانين ومحاربة الفساد، بذكره ان القانون الاساسي للقضاء يمنح استقلالية نظرية للقاضي، مشيرا أن هناك ملفات فساد ثقيلة نخرت الاقتصاد الوطني لا يمكن ان تبقى طي الأدراج نظرا للحالة الاستعجالية.
وأضاف الاستاذ بوداعة أنه لا بد أن نعزز الضمانات الممنوحة لاستقلالية القضاء في مرحلة لاحقة بفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية وتفعيل دور الأجهزة المساعدة للعدالة لمكافحة الفساد على غرار المركز الوطني لمكافحة الفساد والمجلس الوطني للمحاسبة الذي يلعب دورا مهما في مراقبة المال العمومي، إلى ذلك يقول المتحدث أنه لا بد أيضا من وضع هيئة وطنية مكلفة بمراقبة الصفقات العمومية و الفصل بين مسألة ابرام الصفقات ومسألة تنفيذها والرقابة عليها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024