مقاربة واقعية في مجلة «الجيش»

مـؤامرات محترفي الدسـائس

فنيدس بن بلة

 

 

 

وفية لخطها السياسي ومبادئها الثابتة تجاه القضايا الراهنة وما يتعلق بالشأن الوطني، جددت مجلة «الجيش» في عددها لشهر أوت الجاري، موقفها الثابت معيدة للأذهان خارطة طريق سارت عليها من زمان، وظلت أبدا مرجعية للمؤسسة العسكرية ومنظومة الدفاع في أبعد مداها وأوسعه.
جاءت المجلة ثرية بمواضيع، جديرة بالمطالعة والمتابعة، ترصد نظرة المؤسسة العسكرية القبلية والبعيدة في الخروج من أعقد أزمة تعيشها جزائر الاستقلال، تستدعي تكاتف الجهود، التجنيد وتضحية ثانية استجابة لنداء الواجب والوطن.
من هذه المنطلق، جاء تأكيد المجلة صريحا على ما ظلت القيادة العليا للجيش تنادي به وتحرص على تجسيده قولا وعملا :» مرافقة الحراك الشعبي المستمر في مسيرته السلمية منذ 22 فيفري الماضي، مرافعا للتغيير السياسي والإصلاحات العميقة التي تمنح الجزائر قوة إضافية تجعلها في مكانة جيواستراتيجية أحسن وأقوم في مواجهة التحديات والاستجابة لمطالب جيل صاعد يتطلع للديمقراطية وبناء الوطن من زوايا أخرى أكثر واقعية، شفافية، إنصافا ومسؤولية.
جاء تأكيد المجلة الصادرة في أبهى حلة، تزينها الألوان الوطنية الثلاثة، على مسائل حسمت وفصلت فيها المؤسسة العسكرية، مبطلة مفعول دعايات قوى مناوئة للتغيير، الضاربة على وتر الفوضى المروجة بلا توقف لبقاء الوضع على حاله الستاتيكي، محاولة تطبيق بوفاء، نظرية «المؤامرة»، تجسيدا لما ظل يتداول عبر شبكات التواصل الاجتماعي من أفكار لما يعرف «بالفوضى الخلاقة» التي وظفت واستثمرت في دول عربية، سقطت جملة وتفصيلا في ما اصطلح عليه خطأ بـ «الربيع العربي».
مجلة «الجيش» التي فككت هذه الألغام واحدة واحدة، أحبطت مناورة من يحاول إحداث فجوة بين المؤسسة العسكرية والشعب، أثبتت للمرة المليون، كم هي علاقة هذه المعادلة متينة. وكيف هو هذا الرباط المقدس، ترسخ عبر الأزمة والعصور، فكان ميزة نوفمبر الثورة، السيادة والحرية، لا تقوى على إضعافه أية أطراف عدائية مهما بلغت من درجة نفوذ وتأثير.
العلاقة بين الشعب والجيش ما فتئت تزداد صلابة وتماسكا، وتبرز في الواجهة كلما طرأت أزمة في الجزائر، وكلما طفت على السطح تعقيدات ظرف وصعوبات مرحلة. فليس هناك ابتكار أو اكتشاف، إذا دوت أصوات الحراك في مختلف جهات الوطن، ووصل مداها إلى أبعد الأصقاع :»جيش، شعب..خاوة خاوة».
هذا الكلام الذي عبرت عنه الحشود في مسيرات الجمعة والثلاثاء، بملء الفم ويتواصل ترديده وتناول عبر مختلف قنوات الإعلام التقليدي والافتراضي، هو الجواب الشافي الكافي للمشككين في قدرة الجزائريين من محترفي الدسائس على علاج مشاكل الوطن باستقلالية قرار وسيادية رؤية دون وصفات خارجية. هو الجواب لهؤلاء الذين أخطأوا التقدير والحسابات ويواصلون إدراة ظهرهم لحقائق الأشياء والواقعية، مراهنين بعناد على حلول غير دستورية مدخل الفوضى والانسداد.
عكس هذا التوجه، أعطت «الجيش»، مقاربة بديلة دستورية في حل الأزمة، تبرز مدى مرافقتها للحراك في مسعى البحث عن مخرج توافقي، مراهنة على الحوار الوطني الذي يرفع فيه مستوى النقاش، تبرز ثقل المسؤولية وتفرض الاقتراحات الواقعية البناءة نفسها،خيارا أكثر أمنا وضمانا لخروج البلاد إلى بر الأمان قوية بأبنائها، مقتدرة بأفكارهم ومقارباتهم التي تسقط أمامها النظرة الذاتية كأوراق الخريف وتعلى مصلحة الوطن.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024