في انتظار ردود سلطة مراقبة الانتخابات على المرشحين

معمعة الصراع بين القضاء والقضاة تخرج الغسيل للعلن

نورالدين لعراجي

مطرقة العدالة ورغبات النقابة ترهن حقوق المواطنين في التقاضي

لا تزال الأجواء السياسية في الجزائر تعيش أوج ذروتها في التنافس بين حرب البيانات تارة  وشد الحبل تارة أخرى، بعدما أودع الفرسان إلى العرس الانتخابي استماراتهم برغبة خوض غمار الرئاسيات المقررة في  12 ديسمبر، لنهاية حلقة أبشع سيناريو للفساد عرفه الجزائريين في نظام غير كل الصور المرافقة للدولة ولهيبتها، وتخطي مرحلة حاسمة ودقيقة تعتبر من أهم المراحل في بناء الدولة الوطنية تبناها الحراك الشعبي في 22 فيفري بإسقاطه العهدة الخامسة ومحاسبة المجرمين من رؤساء حكومات، وزراء وشخصيات لها ضلوع في ذلك.

تعكف السلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات على تفحص الاستمارات المقدمة، حول استيفائها الشروط والضوابط القانونية طبقا لقانون الانتخابات من عدمه، أسبوع سيكون كافيا لكي يتلقى الذين تخطو عتبة الستين ألف توقيع، الرد بشأنها إن هي سليمة أو مسها ريب وبالتالي إحالتها إلى أصحابها بالإضافة إلى التأكد من الحالات المقترحة المعروضة، إن هي حقا جديرة بأن تكون ضمن الحزمات التي رافقت الراغبين إلى تولي منصب القاضي الأول في البلاد. في هذا الأسبوع الذي يراه أصحاب الرغبة أطول أسابيع السنة لأنهم سيكونون على أعصابهم بين الانتظار وحبس الأنفاس، تزداد التعبئة وراء الوسائط الافتراضية.

أروقــــة العدالـــــة...وحـــرب البيانات

منذ تولي الوزير زغماتي إدارة جهاز العدالة، وهذه الأخيرة تعرف ترددات وصفها العارفون بخبايا «قصر أعالي الابيار» أنها تحدث لأول مرة في الجزائر، من معالجة قضايا الفساد والزج برموز النظام البوتفليقي السابق في السجن، جاءت غريبة لم يعهدها المجتمع الجزائري ولم يألفها منذ عقود من الزمن؛ بل أن القضاء كان بين أيدي الدولة البوليسية تديره كيف ما شاءت وتطور في عهد الرئيس المنتهية عهدته إلى لعبة بين يدي البارونات، بل إن أغلب المؤسسات كانت تديرها هذه الفئة المحسوبة على محيطه.
تغير سلطان القانون من متلق للأوامر إلى منسلخ من أوامر الهاتف فأربك الكثير ومنح جرعة أنسولين متدفقة بالثقة تجاه هذا الجهاز، الأمر الذي لم يرق البعض من الأطراف التي كانت تتغذى على صدقات هذه العصابة؛ فأدركت أن الأمر سيأتي عليها طال الزمن أم قصر، لذلك بدأت في تجنيد عناصرها لإثارة البلبلة والفوضى عبر مسيرات تطالب فيها بإطلاق سراح السجناء وباليتها ما فعلت لأنه رب عذر أقبح من ذنب.
في الجهة الأخرى تعرف السلطة القضائية بعض التشنجات بين أفراد الأسرة،  فمسيرات أصحاب الجبة السوداء لم تهدأ احتجاجا على ما سبق ذكره، لكن النواحي الجهوية خرجت عن طوعها وأبرقت بيانات تفند فيها ما ذهبت إليه منظمة المحامين ناحية العاصمة ولعل بيان باتنة الموقع من طرف عميد المحامين عمر شريف، أماط

اللثام وكشف المستور وتوضحت نوايا مسيرات الجبة السوداء بالعاصمة.
في أقل من 72 ساعة من إشرافه على افتتاح الدورة العادية للمجلس الأعلى للقضاء، وصرح زغماتي بأن أكثر من 2989 قاض ستمسهم الحركة، كما كشف أن بعض القضاة بقوا في مناصبهم لأكثر من ربع قرن، بل إنهم فعلوا ذلك رفقة أزواجهم، حيث كشف لأول مرة أن بعض قضاة الجمهورية يتمتعون بمزايا بغير وجه حق.
في أول حركة مست القضاة مانحة الأوكسجين للكثير منهم حرية التنقل إلى أماكن عمل تقتضيها  أخلاقيات المهنة ومكرسة في المواثيق، لم يستسغها البعض ممن ألفوا العمل في الشمال الأمر لم ينته هنا بل إنه تعدى إلى التشويش على الحركة حيث يقول» س.ع»  قاض في ولاية بأقصى الجنوب إنه فرح بها  لأنها أنصفته وزملاءه، وسيتنقل إلى الشمال بعد طلبات عديدة قدمها قصد التحويل لكنها باءت بالفشل ككل مرة، مما أثر سلبا على السير الحسن لإدارة المحاكمات وتدهور حقوق  المتقاضين.
تقول «ن.ك» قاضية إنه مضى على بقائها في منصبها أكثر من سبع سنوات بعد أن تقدمت بطلب إلى المعنيين برغبتها في الحركة، لكن طلبها

لم يلق استجابة رغم أحقيتها في ذلك، متسائلة كنا نجهل أي المعايير يعتمد عليها في إجراء الحركة.
ويستمر مسلسل البيانات والبيانات المضادة، وليس بعيد عن البيان الذي أصدرته نقابة القضاة محتجة على الحركة حتى أبرق مكتب تندوف بيانا يتبرؤون فيه من مزاعم رئيس النقابة ويصفون الاحتجاج بغير القانوني، متسائلين في الصدد ذاته، أين كانت النقابة في وقت مضى،حيث تعرض القضاة إلى الإهانة والإحالة على التقاعد والطرد التعسفي والتحويلات غير الشرعية، وزارة العدل هي الأخرى في بيان لها أبرقته بعد اكتشاف مزور يحمل توقيعها، يقول إنها جمدت الحركة وتناولته المواقع الإلكترونية وهو» فايك نيوز»، حيث تبرأت منه وأوضحت أن الأمر دبر بليل للتهويل وخلق الفوضى.   
أليس الأهم الآن هو ترك هذه الخلافات جانبا والنظر في الموعد الرئاسي، الذي بلا شك سوف يضمن الحقوق والواجبات في إطار الشرعية التي كرسها الدستور، مع  تدعيم استقلالية القضاء والفصل الحقيقي بين السلطات وسن تشريعات جديدة مفيدة للبلاد، يكون القضاة هم سيف العدالة البتار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025