الدكتور بلحاج محمد أستاذ التاريخ بجامعة وهران١ لـ الشعب :

نوفمبر مرجع لبناء جزائر الغد

وهران: براهمية مسعودة

على الشباب الإقتداء بأسلافهم في صنع القرار

جدّد الدكتور بلحاج محمد، أستاذ التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية بجامعة وهران 1 «أحمد بن بلة»، تأكيده على الدّور المحوري الذي لعبته الجزائر، دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا في مساندة الحركات التحررية والقضايا العادلة عبر العالم، داعيا الشبابَ إلى التشبّت بتاريخه العريق والإقتداء بأسلافهم في صنع القرار داخليا وخارجيا.

قال الدكتور بلحاج: «ليس بالجديد والغريب على الشعب الجزائري، أن يواصل النضال من أجل الوطن وكل القضايا العادلة في المنطقة والعالم، لذا فقد بقي هذا الشعب الأبي محتضنا للفكر التحرري، ليس على مستوى المؤسسات الرسمية أوعلى المستويات الشعبية فحسب، فبعد الاستقلال ساهم الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، باعتباره من أبناء الشعب، مساهمة غير مشروطة في حربي ٦٧ و٧٣ ضد الصهاينة».
وتابع قائلا: «يشهد القاصي والداني، أنّ الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي بمثابة الدرع الواقي للشعوب المستضعفة عامة والعالم الإسلامي خاصة، وقد دفعت الثّمن غاليا بتحطيم أسطولها الذي توجه معظمه لمساندة الأسطول العثماني والمصري ضد القوات البحرية البريطانية والفرنسية والروسية في معركة نافارين «، كما أشار نفس المصدر إلى رسالة وجهها مسلموغرناطة إلى سليمان القانوني الذي كان خليفة المسلمين في القرن الـ16، مشيدين بالجزائر التي قالوا عنها أنها بلد الحق، نظرا لمناصرتها للأندلسيين الفارين من بطش محاكم التفتيش الإسبانية».
وعلى ضوء ذلك وجه الأستاذ بلحاج، رسالة إلى الشعب الجزائري، مخاطبا إياهم: «لا يمكن أن نعتزّ بانتمائنا لأمتنا وثقتنا على مواجهة كل التحديات، إلا من خلال معرفة ماضيها، وقد أصبح البعض من شعبنا، وكأنهم يشكّكون في الثورات الجزائرية، أوكما قال الشاعر الكبير مفدي زكريا في شأنهم: «وقمنا نضاهي صحابة بدر»...فهؤلاء الذين استطاعوا أن يمرّغوا وجه فرنسا الاستعمارية، قادرين على صنع المعجزات..»
زعماء الجزائر الأقدمين مثقفين ومهتمين بالتاريخ
وأفاد ذات المتحدث، أن «المناضلين وزعماء الجزائر في ذلك الوقت كانوا مثقفين، ويولون اهتماما بالغا بدراسة التاريخ والحركات التحررية عبر العالم، ولاسيما التاريخ الجزائري منذ المقاومات الشعبية ضد فرنسا، سعيا منهم لعدم السقوط في أخطاء الماضي، وهذا ما يفسر الأعمال الفدائية التي شهدتها مناطق متفرقة من الوطن في غرة نوفمبر 1954، محاولة لإسماع صوت الثورة، فكان لهم دورا بارزا في التحولات التاريخية».
وفي هذا الصدد، لفت الباحث إلى أنّ بيان أول نوفمبر 1954، يشير إلى ثورتي المغرب وتونس، بهدف حثّ الشعب الجزائر على اللحاق بالركب، منوها في الوقت ذاته إلى العلاقات والصداقات الوطيدة التي كانت تجمع أحمد مصالي الحاج، الملقب بأب الحركة الوطنية الجزائرية مع الفاعلين الأساسيين على الساحة السياسية الإفريقية وحتى في آسيا وأمريكا اللاتينية، على غرار العسكري والسياسي الفيتنامي «فونجوين جياب» والقائد الثوري «هوشي منه»، وغيرهم من الزعماء الذين كانوا يتحلّون بروح المقاومة ضد الاستعمار.

«ثورتنا حق ضد الباطل»... ستظل مرجعنا إلى الأبد

وأوضح الدكتور بلحاج محمد،»أنّ دراسات المقارنة بين ثورات العالم، تثبت وجود قواسم مشتركة، ولكن هناك ما يجعل الثورة الجزائرية تنفرد بخاصياتها، ومن بين أسرار عظمتها، أنها استطاعت أن تحافظ على الوحدة الوطنية، ناهيك عن مشروعية القتال وعدالة القضية، والأكثر من ذلك أنها كانت وما زالت ملهمة لكل الشعوب المقهورة في العالم والشعب الفلسطيني الأبي خير مثال على ذلك».
واستطرد قائلا: ستظل مرجعنا إلى الأبد، أنّ ثورتنا ثورة حق ضد الباطل، ولم تكن ثورة جوع، كما كانت تدعي السلطات الفرنسية من خلال مشروعي «سوستال» و»قسنطينة»، وغيرها من السياسات التي كانت تسعى من ورائها إلى القضاء على الفقر، كوسيلة للقضاء على الثورة التحريرية، موضحا بأنّ بيان أول نوفمبر، لم يخلوا من عبارات «العنف» و»الشراسة»، نظرا للقطيعة القائمة مع الاستعمار طيلة 124 سنة، بسبب سيطرة السلطة الكلونية على مصادر الرزق ومحاولاتها المستميتة لإقصاء الشعب الجزائري وطمس معالم شخصيته وإنكار وجوده، فاضطر الشعب الجزائري وجبهة التحرير الوطني لتعطيل كل المفاوضات مع الفرنسيين ومواصلة الكفاح حتى سنة 1962».
وعاد ليؤكد بأنّ «الثورة الجزائرية، ساهمت بشكل كبير في تسريع أحداث التحرر في عديد الدول، وعلى رأسها المغرب وتونس سنة 1956، لما سخّرته فرنسا الاستعمارية من إمكانيات وجهود للسيطرة على الجزائر»، لافتا إلى أنّ معظم غرب إفريقيا حصل على الاستقلال في 1960، وهذا ما يعترف به الكثير من زعماء هذه القارات الذين كانوا متأثرين بالثورة الجزائرية، رغم أن ثوراتهم لم تكن بنفس الشراسة في الجزائر، وفق تعبيره.

دعوة إلى تعزيز الثقة بالنفس، من خلال الرجوع إلى ماضي

وفي الختام، دعا الدكتور بلحاج محمد، الشباب الجزائري إلى تعزيز الثقة بالنفس، من خلال الرجوع إلى ماضي صنّاع ملحمة الجزائر من الرعيل الأول الذين أسّسوا لهذا التوجه الثوري منذ أن وطأت أقدام الفرنسيين أرض الجزائر في سنة 1830، آملا في أن يستلهم جيل اليوم مبادئه من بيان أول نوفمبر للخروج من الأزمة وبناء جزائر الغد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024