كلمة العدد

خنجر الطائفية

فضيلة دفوس
12 نوفمبر 2019

ما يثير الانتباه في الاحتجاجات التي تهزّ العراق ولبنان، أن الشباب المنتفض هناك، حدّد مصدر أوجاعه، ومكمن الخلل في أنظمته، ورفع صوته عاليا يطالب بوأد الطائفية التي باتت كالخنجر يمزّق أوصال الشعب الواحد ويشتّته إلى طوائف ومجموعات متنافرة متباعدة، تنشغل بحروبها على السلطة واقتسام الثروة دون مبالاة بما يتكبّده الشعب من مظالم وما يتعرّض له من تمييز وهدر للحقوق.
الشباب في العراق ولبنان لم يكتف بالدعوة إلى تغيير السلطة التي تحكمه، ولا بمحاربة الفساد ومعاقبة المفسدين، لكنّه يصرّ على تطهير النظام وتخليصه من سرطان الطائفية ومن داء الوصاية والارتهان للخارج، فسيطرة المنطق الطائفي على زمام الأمور وعلى مفاصل البلد، جعلت لبنان والعراق على حدّ سواء ومنذ عقود طويلة رهينة بين أيدي قوى إقليمية ودولية ومحطّ تجاذبات وساحة لتصفية صراعات دولية أكبر من حجم الدولتين،التي عاشت إحداهما حربا أهلية مدمّرة مازالت إرهاصاتها وآثارها متجذّرة إلى الآن، وتعرّضت الثانية إلى غزو ثم احتلال أتى على الأخضر واليابس ولم يترك وراءه غير ألغام الفرقة والفساد والموت.
الشعب اللبناني وبمختلف انتماءاته الطائفية والسياسية أظهر وعيا كبيرا في حراكه، حيث اجتمع كلّه حول كلمة واحدة، وهي إنهاء سياسة المحاصصة الطائفية التي جعلت البلاد بأكثر من موقف ديبلوماسي وسياسي خارجيا، وحوّلته إلى ساحة نفوذ وصراع لأكثر من محور اقليمي، أما الحكومة فيها، فلا تقوم إلا على أساس الترضيات والتزكيات الخارجية والداخلية.
ومثل اللبنانيين، استنفر العراقيون ضد سياسة التبعية للخارج، ودعوا إلى تحرير البلاد من الوصاية التي رهنت القرار السياسي بيد جهات إقليمية ودولية ّ همّها الوحيد، تحقيق مصالحها دون الالتفات إلى ما يتكبّده أبناء الرافدين من ويلات ومعاناة.
 لقد وضع الشارع في لبنان والعراق بوعي كبير أصبعه على الجرح، وقرّر إعادة النظر في الدولة الطائفية التي أكدت إفلاسها، لبناء الدولة الديمقراطية التي تقوم على الكفاءات لا على الولاءات، والتي يكون الجميع فيها بمختلف انتماءاته الطائفية والمذهبية متساويا تحت سلطة القانون.
وفي الأخير تستوقفني حكمة الشاعر والكاتب اللبناني الكبير جبران خليل جبران، الذي انتفض ضدّ الطائفية، حيث قال «ويل لأمّة كثرت طوائفها.. ويل لأمّة مقسّمة إلى أجزاء وكلّ جزء يحسب نفسه فيها أمّة».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19872

العدد 19872

الأربعاء 10 سبتمبر 2025
العدد 19871

العدد 19871

الثلاثاء 09 سبتمبر 2025
العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025
العدد 19869

العدد 19869

الأحد 07 سبتمبر 2025