ثمن جل أعضاء المجلس الشعبي الوطني الحاضرون، أمس، لمناقشة مشروع قانون يعدل ويتمم القانون المتعلق بالتنظيم الاقليمي للبلاد، إجراء استحداث 10 ولايات جديدة بجنوب البلاد، خلال جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس، سليمان شنين، معتبرين أن هذا المشروع «يجسد فعليا مسعى تقريب الإدارة من المواطن».
في بداية الجلسة، أكد رئيس المجلس مخاطبا النواب أنه «لا يمكن اقتراح تعديلات على المشروع الذي تمت المصادقة عليه منذ أيام من قبل مجلس الأمة»، مستدلا بنص القانون العضوي المنظم لعمل مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني.
وفي عرضه لمشروع القانون، أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، صلاح الدين دحمون، أن مثل هذا المشروع «جاء ليجسد الالتزام الذي قدمته السلطات العمومية للمواطنين من أجل التكفل بانشغالاتهم، انطلاقا من قناعة راسخة بأن تنمية ولايات الجنوب، على غرار مناطق الوطن الأخرى، هي من أهم التحديات الراهنة والممر الذي لا مناص منه لتنمية بلادنا وإعطاء نفس جديد لاقتصادنا وتنمية الأقاليم ككل».
يذكر أن هذا القانون ورد متضمنا 5 مواد تعدل 16 مادة ويتمم بـ 10 مواد تقترح في مجملها استحداث 10 ولايات جديدة ليرتفع بذلك عدد الولايات إلى 58 وتحديد عدد بلديات كل ولاية، بالإضافة إلى الأحكام الانتقالية التي تضع التدابير اللازمة لتسيير هذه الولايات.
وفي هذا الإطار، أوضح وزير الداخلية أن زيادة 10 ولايات «جاء بعد دراسة معمقة وتقنية وعلمية ومرحلية قامت بها المصالح المختصة»، مشيرا إلى أنه «سيتم إعادة النظر في التقسيم الإقليمي تدريجيا حسب الأولويات والمخصصات المالية، حيث أن الدراسات جارية على مناطق الهضاب العليا بهدف تنصيب المقاطعات الإدارية الجديدة».
وطمأن دحمون بالمناسبة نواب الشعب قائلا إن كل الانشغالات المطروحة «متكفل بها، سواء في مشروع هذا القانون أو في المشاريع التي تحضر مستقبلا، خاصة من حيث توفير الموارد البشرية الكفؤة».
وأشادت جل مناقشات النواب بمضمون مشروع القانون باعتباره «يجسد مسعى تقريب المواطن من الإدارة والتكفل بالتالي بانشغالاتهم اليومية».
وفي هذا الخصوص، دعا النائب عن الحركة الشعبية الجزائرية، البكاي الهمال، إلى «سرعة تنفيذ هذا المشروع لما له من آثار إيجابية على التنمية المستدامة للمناطق النائية في جنوب البلاد»، مؤكدا أنه «من الضروري برمجة ترقية بعض المناطق إلى بلديات بغرض تحسين ظروف معيشة سكان المناطق الحدودية الجنوبية».
وقالت النائب فطيمة كرمة عن التجمع الوطني الديمقراطي إن هذا التنظيم الإداري الجديد «سيعطي دفعا جديدا للتنمية في بلادنا وترقيتها من خلال استحداث مناصب شغل دائمة ومؤقتة وإنجاز مشاريع استثمارية تحقق التنمية المستدامة».
واستفسر بعض أعضاء المجلس الشعبي الوطني من جهة أخرى عن «أسباب استحداث ولايات معينة دون أخرى وعدم رفع عدد البلديات مقارنة بتزايد الكثافة السكانية، إضافة إلى مصير المجالس الولائية المنتخبة جراء هذا التنظيم الجديد».
واعتبر النائب إلياس سعدي عن حزب جبهة التحرير الوطني أن هذا التقسيم «جاء مجحفا في حق بعض بلديات الجزائر العاصمة التي تعاني من التهميش والعزلة».
وفي رده على انشغالات النواب، جدد وزير الداخلية تأكيده أن هذا المشروع «تاريخي وهام وسيرفع لا محالة الغبن عن ساكنة المناطق الجنوبية»، مذكرا بخلفيات إعداده في إطار «الاستراتيجية الوطنية لتهيئة الإقليم التي اعطت أولوية كبيرة لمسعى إعادة تهيئة المناطق الجنوبية خاصة منها الحدودية».
وتابع دحمون أن مشروع القانون «أعد وفق منهجية علمية وتقنية مدروسة كلفت بها مكاتب الدراسات التابعة لقطاعه بالتنسيق مع عدد من الشركاء واعتمدت فيها معايير وتحديات خلق توازن حقيقي بين كل أقاليم البلاد بما فيها على وجه الخصوص المعايير الأمنية والاقتصادية وخصوصيات كل منطقة».
وأضاف أن النتائج الأولية والمباشرة التي توجت الدراسات في هذا السياق، أكدت ضرورة «إعطاء هذه المناطق استقلاليتها وتزويدها بكل الوسائل والمرافق اللازمة بهدف خلق الثروة ومناصب الشغل فيها وجعلها بالتالي أقطابا متميزة في التنمية المستدامة».
وبالمناسبة، كشف ذات المسؤول عن وجود دراسات أخرى حاليا تتعلق بترقية وتطوير مناطق الهضاب العليا من أجل الرفع من وتيرة التنمية بها، وهونفس الأمر —كما قال— بالنسبة للمناطق الجبلية ومناطق الشريط الساحلي وبعض المدن الكبرى، على غرار سيدي عبد الله وبوغزول والمنيعة وحاسي مسعود التي قال عنها إنها أصبحت «مراقد وفقط».
كما أعلن الوزير عن مشروع إنشاء 44 مقاطعة إدارية خاصة بالهضاب العليا وبعض البلديات الداخلية، مشددا على أن «المهم بالنسبة لنا هوتقريب المواطن من الإدارة وجعل كل مناطق البلاد مناطق استقرار وتنمية اقتصادية حتى يعم الخير على الكل».
وعن سؤال يتعلق بتأطير الولايات الجديدة، أفاد دحمون أن هذا المشكل يمكن حله باللجوء إلى خريجي المدرسة الوطنية للإدارة والمدرسة الوطنية للمدينة، لافتا إلى أن وزارة الداخلية تتوفر على «أزيد من 90 بالمائة من الإطارات من ذوي المستوى العالي وممن لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة».
أما عن انشغال النائب سعدي بخصوص بعض بلديات الجزائر العاصمة، فأوضح الوزير أن هذه البلديات «تعاني حقيقة من التهميش والتردي وبأن قطاعه منح مبلغ 20 مليار دج للولاية للتكفل بالأحياء العتيقة للجزائر العاصمة».
ولم يفوت معظم المتدخلين الفرصة لدعوة الشعب الجزائري للذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 12 ديسمبر و»تفويت الفرصة على من يكيدون للجزائر»، مؤكدين أن انتخابات الخميس المقبل ستشكل «انطلاقة جديدة لجزائر الحريات والديمقراطية».
وكان أعضاء مجلس الأمة قد صادقوا بالأغلبية الخميس الماضي على مشروع القانون الذي يعدل ويتمم القانون رقم 84 - 09 المؤرخ في فبراير 1984 المتعلق بالتنظيم الإقليمي للبلاد بعد أن طرأت عليه تعديلات مست أربع مواد.
ومست هذه التعديلات المادة 52 مكرر 6 التي تنص على إضافة ثلاث بلديات وهي الحجيرة، العالية والبرمة إلى ولاية تقرت، إلى جانب تعديل المادة 52 مكرر 9 التي تقضي بإبقاء بلدية المنصورة تابعة لولاية غرداية بالنظر لقربها منها بدل ضمها إلى ولاية المنيعة التي تبعد عنها بـ 200 كلم، إلى جانب تعديل المادة 55 شكليا باستبدال مصطلح ولاية قديمة إلى ولاية سابقة وكذا تعديل المادة 51 التي تنص على إضافة بلديات لولاية غرداية.