كان قويا بقدسية هذه الأرض الطيبة

ڤايـد صالـح.. حمـى الجزئــــر ورحـل

فتيحة كلواز

الموت الذي أبعده عن الجزائر بهيئاتها وشعبها غيبه، يوم أمس، عن الوجود، الفريق أحمد ڤايد صالح في ذمة الله، هي الحقيقة التي كنت أظنها إشاعة كتلك التي كنا نسمعها هنا وهناك بغية إثارة البلبلة،... دقائق فقط حتى أعلن الخبر رسميا «وفاة الفريق أحمد ڤايد صالح صباح يوم الاثنين»، الصدمة كانت كبيرة لأن القوة التي جابه بها كل تلك الضربات القوية التي أرادت بالبلاد والعباد شرا جعلته البطل الذي تترسخ صورته في أذهاننا، لكن هو قضاء الله وقدره مات تاركا وراءه رجلا خُلد اسمه بحروف من ذهب على صفحات تاريخ الجزائر المعاصر.
رغم حالة الحزن التي كانت تسود الجو العام بعد إعلان خبر وفاته إلا أننا تعلمنا من الرجل أن الواجب فوق أي اعتبار، سألنا بعضا من الشخصيات عن الرجل الذي كان دائما وفيا لعهد الشهداء الذين حارب معهم جنبا إلى جنب لإخراج المستعمر، هو الرجل الذي عرف دائما أن دماءهم الزكية الطاهرة ستكون درعها المنيع، كان الرجل قويا بقدسية هذه الأرض الطيبة فكان كما كان من قبل مجاهدا ومرابطا من أجل الجزائر، هو «الرباط الرباط» حتى آخر نفس في حياته فأدى الأمانة وصان الوديعة وحقن دماء الجزائريين كما وعد منذ عشرة أشهر.
 د.طايبي: رجل جمع بين الحدة والبساطة
لن أتجاهل عمق التأثر الذي كان عليه البروفيسور محمد طايبي عند اتصال «الشعب» به فقد كان يتكلم بصوت حزين لكنه لم يتوان في إعطاء شهادته في هذا الرجل الذي قال فيه إنه فوجئ بخبر وفاته لكن هكذا تصاب الأمم في أعز أبنائها، لقد بشره الله بجهادين جهاد تحرير وطن وجهاد رفع همّة أمة بعدما أصابها الهوان، فأدى أمانته كاملة وساهم بقدر كبير في إرجاع الروح إلى وطنه،... روحه اليوم تزف على دموع البلاد كأنها تعلن نهاية المهمة التي حملها على عاتقه من أجل حماية الجزائر، كان قائد الأركان يجمع بين الحدة والبساطة وبين الصدق والمصداقية، هو ذخيرة من الذخائر الصافية التي استنفذت قوتها على الوطن في قامة أركان جيش يُعتد به، تركه وراءه حصنا يصدُ الأعداء ويزعج الشامتين، مجاهد ترجل وقائد منتصرٌ خطفه الموت من الجزائر، فالرحمة عليه وتحية له من الله العزيز القدير الذي وحده تأتي من فضله الرحمات».
عرعار: التزم بمبدأ الحفاظ على أمن الجزائر
وصف عبد الرحمن عرعار رئيس المنتدى المدني للتغيير وفاة الفريق أحمد ڤايد صالح، بالمصيبة الجلل وأن الجزائر فقدت برحيله قامة من قاماتها الحصينة فقد كان ملتزما بمبدأ الحفاظ على أمن واستقرار الجزائر رفقة كل من المؤسسة العسكرية، الطبقة السياسية الفاعلة والمجتمع المدني، قال إنه عايش تلك اللحظات المهمة التي عرفتها الجزائر طوال العشرة أشهر الأخيرة في مسار الحوار وإخراج الجزائر من النفق المظلم الذي دخلته، إلى غاية محطة الرئاسيات وتأسيس سلطة انتخابات، كل ما قدمه إلى الجزائر بالحفاظ عليها والوفاء بعهده بعدم إراقة قطرة دم واحدة للجزائريين هي بمثابة صدقة جارية لهذا الرجل الذي أنقذها من الانقسامات وحالة اللاأمن هو موقف سيكتبه التاريخ بحروف من ذهب، لذا علينا كشباب أن نكمل المسار الذي بدأه بجعل الجزائر أكبر مهمة نؤديها بأمانة ووفاء لعهد الشهداء والمخلصين ممن ماتوا من أجل الحفاظ عليها.
كريكو: صدق الوعد والعهد
لم تخفي القانونية كوثر كريكو حزنها الشديد الذي قالت عنه إنها استيقظت على خبر الفاجعة التي ألمت بالجزائر معتبرة وفاة الرجل مصابا جللا، مقدمة في ذات الوقت تحية إجلال وتقدير للمؤسسة العسكرية بأكملها خاصة لهذا القائد الذي قاد البلاد رغم الأزمة الخانقة التي عاشتها الجزائر طوال عشرة أشهر كاملة مثبتا من خلال كل ما قام به من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الجزائر أن المصلحة العليا للبلاد هي الأولى وإن كانت على حساب صحته وعلى حساب حياته الخاصة،مؤكدة في ذات السياق أن الجزائر تفتخر بأن لديها رجالا من طينته، وبأمثاله ما تزال الجزائر ولاّدة .
قالت كوثر كريكو إن الفريق أحمد ڤايد صالح لم يمت لأنه ترك بصمة خالدة تعتز بها الجزائر هي إنقاذه الجزائر من الدخول في مرحلة تسودها الضبابية، الشعب الجزائري لن يوفي حق هذا الرجل لأنه من القلائل الذين شهدوا ميلاد الجمهورية الجديدة على يده وأنقذ الجيل الصاعد، كل ما فعله منذ أن كان مجاهدا في الحرب التحريرية جعله حيا بيننا، أخذ أمانته بعد أن وفّى بوعده لذلك عبرت عن امتنانها الكبير لهذا الرجل وتحيتها الخالصة للمؤسسة العسكرية والمخلصين داخلها الذين دعموا خيار الحل الدستوري وخيار إنقاذ البلاد من الأزمة السياسية.
وقالت كوثر كريكو إن الله لم يترك الجزائر الأرض التي سقتها دماء الشهداء الطاهرة تتجه إلى الهلاك لذلك سخر لها الخيرين والمخلصين من أبنائها ليضع هذا القائد الجزائر على السكة وبعدما اختار الصندوق رئيسا منتخبا، وأضافت أن هذا الرجل أسند لنا الأمانة بعدما أسندها له الشهداء والخيرون من المجاهدين ليودع هذه الأمانة الثقيلة التي تحملها رغم ظروفه الصحية، لذلك إن شاء الله سنكون على قدر شجاعته في تحملها والحفاظ عليها.
عمار عبد الرحمن: اعتراف بصدق نواياه
تأثر الأستاذ عمار عبد الرحمان كان واضحا من خلال ما قاله عن هذا الرجل فلم ينسى أن يعزي نفسي وكامل الشعب الجزائري بهذا المصاب الجلل بفقدان واحد من رجالات الجزائر، وقال إن ما يراه بصدق وأمانة هو أن الرجل وكأنه حمل رسالة وأداها حتى آخر مطاف فخرج من الباب الواسع، عندما كرمه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون وقلده أعلى وسام في الدولة أمام الهيئات الرسمية، وأمام الشعب كاملا فهذا بمثابة اعتراف رباني بصدق نواياه في الحفاظ على الجزائر، بل وصفها بأنها يد ربانية تدخلت لتنصف الرجل، وكأن يد الأقدار أرادت أن يأخذ الرجل حقه في الحياة الدنيا قبل الآخرة فسيرت مساره خاصة في العشرة أشهر الأخيرة تعهد فيها أمام الله وأمام الشعب بألا تراق قطرة دم واحدة من دماء الجزائريين، حافظ على الكيان الجزائري ووحدة شعبها فكان حريا به أن يخرج من الباب الواسع. وكأن الرجل كوفئ بطريقة عجيبة فخروجه يتمناه أي فرد باعتراف الجزائريين وليس العسكريين فقط، سبحان الله أنهى مهمته في الدنيا ليسلم أمانته لبارئها فهو ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة «منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا»، مرّ بالجزائر إلى بر الأمان ثم رحل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025