إن العين لتدمع والقلب ليخشع و إنا على فراقك يا ڤايد لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا...، إنا لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فجر أمس لم يكن كغيره ..موكب مهيب يجتاز في تلك اللحظات الطريق السريع الرابط مابين المستشفى العسكري لعين النعجة وقصر الشعب، حاملا جثمان الفقيد المجاهد الفريق ڤايد صالح. وهو ماضٍ إلى مثواه الأخير أين ألقى عليه محبوه النظرة الأخيرة، بعد إنطفاء شمعته ليبقى بريق إنجازاته ساطعا في ذاكرة الجزائريين.
عقارب الساعة كانت تشير إلى تمام 7:15 دقيقة عندما وصل النعش الحامل لأسد الوطن، موشحا بالعلم الوطني الجزائري، الذي كان مرافقا بتشكيلة من أبنائه من المؤسسة العسكرية، من مختلف التشكيلات والرتب، ليتم حمله على الأكتاف من قبل أفراد الحرس الجمهوري.
جثمان الراحل مسجى بالراية الوطنية وضع ببهو قصر الشعب من أجل نظرة الوداع الأخيرة. رئيس الجمهورية، وأعضاء الحكومة ومختلف الأسلاك النظامية والشخصيات السياسية وممثلين عن الهيئات الدبلوماسية المعتمدة في الجزائر والمواطنين حضروا لإلقاء النظرة الأخيرة تقدمهم الرئيس عبد المجيد تبون، وبعدها عبد القادر بن صالح رئيس الدولة السابق والطاقم الحكومي وشخصيات سياسية.
ولم يفوت محبو ورفاق فقيد الجزائر توديع روحه الزكية إلى مثواها الأخير والترحم عليه بقصر «الشعب»، حيث كان ملتقى العديد من الشخصيات الوطنية والتاريخية والدبلوماسية التي أشادت بخصال الرجل، الذي صنع تاريخ الجزائر في الماضي والحاضر.
تبون يودع الرفيق الفريق
دقائق معدودة على فتح أبواب قصر الشعب وإعلان بداية مراسم إلقاء النظرة الأخيرة على حامي الوطن أحد أبناء الثورة التحريرية، ليشاهد وصول موكب الرئيس تبون في تمام الساعة 08:00 صباحا، لإلقاء النظرة الأخيرة على الفقيد الفريق، وقد بدا الرئيس وهو يودع رفيق الدرب في السنوات الأخيرة متأثرا بشدة
ودعت الجزائر دولة وشعبا رمزا من رموز الثورة الجزائرية، الذي أفنى حياته في خدمة الوطن قبل وبعد الإستقلال، الرجل الذي وهب حياته فداء للوطن، ودافع عن الراية الجزائرية، فكان يمتاز بمواهب قيادية عرف بخصاله و تفانيه.
رئيس الجمهورية الذي كرم الرجل قبل أيام من وفاته وسلمه وسام استحقاق برتبة «صدر» نظير دربه الحافل بالبطولات في سبيل حماية الوطن، القائد الذي قاد الجزائر إلى بر الأمان هذا الأخير الذي حرص منذ نعومة أظافره على حب الوطن والتضحية من أجلها وأسهم في الذود عنه والكفاح من أجل إسترجاع إستقلاله كمجاهد ليكون أحد صناع الإستقلال ضرب فيها أروع الأمثلة في الفداء والجود بالنفس والنفيس في سبيل وطننا المفدى، عزى عائلة الفقيد من أولاده الذين كانوا يتواجدون ببهو القصر وهو كله تأثر بهذا المصاب الجلل.
رجل في قمة التواضع
كان قصر الشعب فضاء مفتوحا جمع بين المسؤولين والمواطنين الذين ترحموا عليه بعد أن شهدوا له، بإنجازات تؤكد على أن الرجل كان عظيما، مشيرين إلى أنهم لا يملكون في هذا المصاب الجلل إلا أن يعزو أنسفهم. وأجمع الكل على أنه كان رجلا في قمة التواضع خدم بلده في وقت كانت تمر فيه بأوضاع جد حرجة وبذلك لا يزال حيا في قلوب كل الجزائريين وقد دامت مراسم الترحم ما يفوق 4 ساعات.