تحديـان أمام وزارة التربيـة الوطنيـة:

مراجعــة المناهـج والحــوار مـــع الشريـــك الاجتماعـي

خالدة بن تركي

وسط غياب إستراتجية واضحة المعالم، عرف قطاع التربية صعودا ونزولا في السلم التقييمي بين رافض للمنهاج والبرنامج الذي يفوق مستوى التلميذ والإصلاحات التي أوقعت المنظومة التربوية في أخطاء كانت محل انتقاد الكثيرين الذين طالبوا بخطة عاجلة للنهوض بالقطاع الذي عرف تجاذبات حاولت بن غبريط امتصاصها من خلال فتح الحوار الذي أفضى إلى الاتفاق على بعض النقاط وإدراج عمليات جديدة في النظام المعلوماتي لتحقيق العصرنة والتخفيف من الضغط على الأساتذة.

بعد الانتقادات التي تلقتها الوزيرة السابقة حاولت هذه الأخيرة بعد مغادرتها الوزارة وتعيين عبد الحكيم بلعابد أن تعرض حصيلة إنجازاتها خلال فترة استوزارها كوسيلة لتوضيح الرؤى بين المنتقدين من مختصين أساتذة وأولياء بقولها «عند تعييني كوزيرة للتربية الوطنية، إصلاح المنظومة التربوية كان قد بدأ على أساس استنتاجات مقترحة من قبل اللجنة الوطنية لإصلاح هذه المنظومة في 2001 وكذا القانون التوجيهي في 2008.»لكن عدة اختلالات كانت تعرقل تنفيذ الإصلاحات التي أدت إلى تدهور متصاعد في بعض كفاءات ومهارات التلاميذ المتمدرسين.
واجهت الوزيرة الكثير من القيود المرتبطة بالإصلاحات الموروثة من الماضي البعيد والحديث والمرتبطة بحالة من الجمود تتعارض مع كل التغييرات التي دعا إليها برنامج اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية، حيث كانت هذه القيود جراء الضغط الأيديولوجي السياسي من قبل أطراف تعتبر المدرسة حكرا وكأنها غير مجبرة على احترام المبادئ البيداغوجية المعتمدة، هيمنة جماعات مصالح نقابية ذات فعالية ولعلها فريدة من نوعها في النظام التربوي متناسية في بعض الحالات الأهداف الأولية للمدرسة في الجزائر، سياق نمو ديموغرافي لم يكن يؤخذ بعين الاعتبار، والذي زاد من حدته التنقل الضخم للعائلات نتيجة الحصول على سكنات، مما أثر على نسبة توزيع التلاميذ في الخريطة المدرسية والاكتظاظ في بعض الأقسام، نقص التكفل بالخدمات والالتزامات التابعة للجماعات المحلية فيما يخص المدارس الابتدائية ما جعل غياب التوازن يحل في أغلب المدارس
وجدت وزيرة التربية الوطنية السابقة مع ازدياد الضغوط خاصة قبل مغادرتها الوزارة نفسها أمام تحدي إرساء الاستقرار في قطاع كثيرا ما عرف تقلبات، هذا في إطار إجراء اندماجي وعقد اجتماعي جديد كان من الضروري الاتفاق على مشروع توافق عليه النقابات اولا ثم منظمات أولياء التلاميذ وهو ما سمح  باستخراج الخطوط التالية صفة الشريك الاجتماعي تتوقف على التزام متبادل من أجل استقرار القطاع الذي يتطلب الصبر والالتزام والإخلاص وخاصة حبا كبيرا للأطفال.
ويضاف إلى التحديات العاجلة التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية تعميم التكوين للتغلب على العجز المسجل على مستوى الكفاءات المهنية والمجال الأخلاقياتي والمعنوي، وكذا في معرفة التنظيمات والقوانين التي تنظم العلاقات الداخلية والخارجية للمؤسسة التربوية؛ هذا التحدي العاجل الحالي الذي يجب رفعه لإدماج المدرسة بشكل أكبر في مسار الجودة الذي تكاد تفتقر إليه خاصة في سنة 2019 التي شهدت الكثير من الصراعات.
ووسط كل هذه التحديات والصراعات استلم عبد الحكيم بلعابد الحقيبة الوزارة في نهاية السداسي الأول من السنة الجارية وسط انتقادات وتقلبات كثيرة عرفها القطاع الذي شهد حالة من التوتر بعد قرار الأساتذة الدخول في إضراب مفتوح لمدة يوم ثم 3 أيام لتصبح المدرسة في فوضى كبيرة أثارت قلق الأولياء لتخلق في ظل غياب الحوار ما يسمى تنسيقية التعليم الابتدائي الحرة التي عوضت نقابة التعليم الابتدائي في الدفاع عن حقوقها وبعد الاجتماع المصيري الذي انعقد شهر نوفمبر الماضي والذي أشعل فتيل الأساتذة جاء الاجتماع الثاني نهاية السنة الجارية الذي دام ساعات طويلة انتهى بالاتفاق على جملة من المطالب أولها تطبيق المرسوم الرئاسي 14-266 وكذا الانتقال من الرتبة 11 إلى 12 لتكون بمثابة الخطوة الأولى نحو تحقيق الهدوء في قطاع عرف الكثير من التقلبات، أين قررت الوزارة التطبيق بداية من مارس القادم وانتهت الاضرابات واستؤنفت الاختبارات في وقت قياسي ومر الفصل الأول من السنة الدراسية بردا وسلاما لتجد الحكومة الجديدة نفسها أمام تحد كبير وهو بعث الاستقرار في قطاع عرف الكثير من التوتر.
ومن بين النتائج التي تبشر بالخير سبر الآراء الذي قامت به مديريات التربية الثلاث حول المنهاج وثقل المحفظة مع انتهاء الثلاثي الأول كبادرة هي الأولى من نوعها لإعادة النظر في هذين المطلبين اللذان شكلا أوليتين لدى الأولياء والتلاميذ الذين أتعبهم برنامج يفوق قدراتهم العقلية ومحفظة سببت لهم الكثير من الأضرار الصحية.
وبين هذا وذلك بالرغم مما شهدته المدرسة من صراع تبقى الحلول التي قدمتها وزارة التربية الوطنية في نهاية 2019 بصيص أمل في أنفس الأساتذة والأولياء وحتى التلاميذ لأجل انطلاقة جديدة خلال الموسم القادم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025