نجيب بيطام لـ«الشعب»:

إجراء استباقي... يقي الجزائر من مس وحدة نسيجها الاجتماعي

فتيحة كلواز

ثمن القانوني نجيب بيطام مبادرة رئيس الجمهورية المتعلقة بإعداد مشروع قانون يجرم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية، معتبرا إياها إجراء استباقيا جاء كنتيجة حتمية لفتنة لاحت بوادرها بقوة في ثلاثة شهور الأخيرة، فقد عكستها شعارات حملها الحراك ونشرتها مواقع التواصل الاجتماعي ما جعل الكثيرين يتخوفون من مس الوحدة الترابية ورموز الهوية الوطنية لأنها ترجمة حرفية لخطاب التفرقة والانقسام.
قال القانوني نجيب بيطام أن هذه المبادرة تتضمن إجراء استباقي لما عاشته الجزائر في الآونة الأخيرة أين لاحظنا انتشار بعض الظواهر اعتبرها جد خطيرة تمس بالوحدة الوطنية للمجتمع الجزائري، ولاحظ أن الحراك في بدايته جاء بايجابيات كثيرة لكنه جاء أيضا ببعض الشوائب التي وقف عليها أثناء الانتخابات وفي مواقع التواصل الاجتماعي أين بدت ظاهرة تفرقة الجزائريين واضحة للعيان وهي أمور تضع الجزائر قاب قوسين من وقوع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد بل ستكون نتائجها وخيمة على نسيجه الاجتماعي ولحمته.
وفي نفس السياق، لاحظ بيطام انه وعلى غير العادة جاءت المبادرة استباقية فلم ينتظر حتى تضرب الجزائر في رموز هويتها ووحدة ترابها بل استبق ذلك بهذا الإجراء ما سيمنع عن البلد الفتنة والانقسام، فمع ظهور بوادر الفتنة الأولى جاءت هذه المبادرة للوقوف في وجه كل ما يمس وحدة الجزائريين سواء كانت معنوية أوترابية، مشيرا إلى أنها رأي صائب يستبق كل ما قد ينجر عن هذه الظاهر التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحمل في طياتها مظاهر العنصرية والتفرقة.
ومن النقاط المهمة التي تحدث عنها القانوني بيطام في حديثه إلى «الشعب»، الأولى اقتراحه بان يعدل قانون العقوبات بأن يضاف له ثلاث أوأربع مواد متعلقة بهذه المسائل لان إصدار قانون مستقل سيضعنا أمام سيولة في القوانين ما سيدخلنا في حالة من التضخم التشريعي.أما الثانية فهي ضرورة أن يتلاءم تشريع تلك القوانين مع مواد الدستور الجزائري ويجب أن تكون كذلك مستمدة من نصوصه التي تنبذ الكراهية والتمييز العنصري والعرقي والديني. مؤكدا في ذات الوقت أن مثل هذه النصوص التشريعية نجدها في فرنسا، بريطانيا كندا وكثيرا من الدول التي تحارب العنصرية والكراهية ولعل ما نراه من قضايا العنصرية والكراهية هو نتيجة لتلك القوانين، ونحن كمجتمع مسلم ليست لدينا هذه المشاكل، لكن متى ظهرت بوادر تلك الظاهرة التي تحطم المجتمعات وتخربها كان لزاما  وضع حد لها من خلال قوانين وتشريعات تجرمها.
المبادرة إذا جاءت نتيجة تنامي مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية والتي عرفت تناميا متسارعا منذ أشهر حتى وصل الأمر بالبعض إلى التشكيك حتى في رموز الهوية الوطنية وكذا الوحدة الترابية للجزائر، ارض اختلطت على أرضها دماء الشهداء الذين ماتوا من اجل جزائر حرة ومستقلة لم تكن أبدا بالنسبة لهم اختلاف المناطق التي جاؤوا منها مهما أومعيار لقياس جزائريتهم لأنهم كانوا رغم بساطة التربية التي تلقوها في القرى والمداشر وحواضر المدن تعلموا بل أيقنوا أنهم واحد لا يتجزأ وما اختلاف اللهجة ولون بشرة سوى ثراء ثقافي واجتماعي لبلد اغتصبت حريته وهويته.
تلك البساطة كانت بمثابة السهل الممتنع لأنها وقفت في وجه كل محاولات المستعمر في كسر وحدة الجزائريين فكانت لالا فاطمة نسومر امرأة جزائرية ثارت في وجه الاستعمار لم تكن يوما تعرّف نفسها بالقبائلية بل كانت دائما اللبؤة الجزائرية التي انحنى لشجاعتها وبطولاتها اكبر جنرالات فرنسا، الأمير عبد القادر مؤسس الجمهورية الجزائرية لم يكن أبدا رجلا ينتمي إلى مدينة معسكر بل كل جزائري أينما كان يرى فيه ممثلا عن مطالبه وهويته.
المتصفح لتاريخ الجزائر إذا، يجد أن ما يعيشه المجتمع في الفترة الأخيرة بعد تنامي خطاب التفرقة بين الجزائريين الذين وجدوا أنفسهم أمام نظريات تقسم الجزائر إلى عدة مناطق بل وصل بالبعض إلى انتقاء الشهداء الذين ينتمون إلى مناطقهم لرفع صورهم في حراك خرج كل الجزائريين على اختلاف مشاربهم ومناطقهم وانتماءاتهم في 22فيفري من العام الماضي،... جمع كل الجزائريين عبر كل التراب الوطني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب كلهم لرفع كلمة واحدة هي الجزائر.
لكن المتتبع لكرونولوجيا الحراك يجد تحولا في الشعارات والمطالب انحصرت في منطقة معينة بل رموز الهوية والوحدة الوطنية أصبحت وسيلة للتلاعب بمشاعر الجزائريين ما أدخلهم في متاهة التشكيك في كل شيء، الوطنية، الهوية،المجتمع وكلنا يعلم أنها الأساسات والقاعدة المعنوية لأي دولة أن اهتزت اهتز بناءها كله، لذلك كان من الضروري التحرك وبسرعة من اجل سد الباب أمام كل تطاول على وحدة الجزائر ورموز هويتها، لأننا وكما رددها عبد الحميد بن باديس لرحمه الله «شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب من قال حاد عن أصله أوقال مات فقد كذب».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024