تنامت في الفترة الأخيرة

خطاب الكراهية ظاهرة وجب إنهاؤها

فتيحة كلواز

عرف المجتمع الجزائري في الثلاثة أشهر الأخيرة تناميا ملحوظا في خطاب الكراهية، العنصرية والجهوية حتى أصبحنا نرى ونقرأ في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي اتهاما متبادلا بالعمالة والخيانة، وهي صورة حقيقية عن الهوة والشرخ الكبير بين أفراد المجتمع الواحد، بل قد يكون سببا إن تُرك بلا تحرُك سريع في فتنة ستأكل الأخضر و اليابس بل ستكون - لا قدر الله - القطرة التي ستقسّم الجزائر إلى دويلات صغيرة.
الجهوية إذا رغم كونها إرثا معنويا تركه المستعمر، إلا أنها استطاعت أن تتغلغل وسط المجتمع بطريقة مؤسفة تحولت مع مرور الوقت إلى أرضية خصبة يعبر عنها خطاب الكراهية والعنصرية، فكل فرد مما نسميه اصطلاحا «مجتمعا» يعتز بانتمائه إلى منطقة معينة، أما الباقي فهم مجرد سلالات هجينة بل وصل الأمر اعتمادها كمعيار أساسي وجوهري في قبول المصاهرة، الغريب في الأمر أن هذه «الجهوية» كانت إحدى الوسائل التي استخدمها المستعمر لضرب وحدة الجزائريين، إلا أنه لم يستطع ولنا في مختلف الثورات الشعبية والمقاومات وصولا إلى الثورة التحريرية التي كانت تتويجا لها فكان النصر بعد سبع سنوات من الكفاح المسلح.
هي دماء امتزجت على أرض جعلها الشهداء البررة طاهرة لا تقبل أن يتصارع عليها أبناؤها لأنهم كلهم جزائريون وفقط، هذه الحقيقة المُغيّبة حوّلت المجتمع إلى عقليات متشاحنة كشف الحراك وشعاراته عن خطرها لأنها تسير نحو الأسوأ، وهو الأمر الذي استدعى تدخلا استعجاليا من أجل الحد من هذه الظاهرة، فتشديد الوزير الأول، عبد العزيز جرّاد، على التعجيل في إعداد مشروع القانون المجرم لكل أشكال العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية، خلال ترؤسه اجتماعا للحكومة نهاية الأسبوع الفارط دليل قاطع على تهديد هذه الظاهرة تماسك النسيج الاجتماعي.
لن يختلف اثنان حول التأثير السلبي للجهوية والعنصرية في المجتمع، وهذا بالضبط ما يجعل من سن قانون يحد من كل أشكال التمييز والعنصرية يفرض على كل واحد منا احترام الآخر على اختلافه وخصوصيته، يجعل من الجزائر الوطن الوحيد لكل واحد منا والبلد الثري بتنوع ثقافاته وتقاليده وعاداته، وعوض أن يكون الاختلاف سببا في التفرقة يكون سببا للشعور بالفخر لأنه خُصوصية جزائرية بحتة.
يتّفق حول ضرورة سن قوانين للحد من الظاهرة، إلا أن أول خطوة تكون من الأسرة النواة الأولى لأي مجتمع سوي، فعندما يتعلم الصغار كيف يحترم الآخر وكيف يجعل معياره في حدود الأخلاق والكفاءة عندها فقط يمكن النجاح في بناء مجتمع يحترم بعضه بعضا، مجتمع متناسق ومتماسك يذوب أفراده في جزائريتهم بلا قيود أو ضوابط، لا ينتظر أفراده الردع والعقاب ليقبل الآخر، المهم من كل هذا أن تاريخ الجزائر كان دائما متميزا بصور قبول الآخر مهما كان عرقه أو ديانته.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024