مجزرة «ساقية سيدي يوسف»

قراءة تاريخية ترسخ لوحدة الشعبين الجزائري والتونسي

فتيحة كلواز

استرجع الشعب التونسي والجزائري ذكرى مجزرة «ساقية سيدي يوسف» الـ 62، ليفتح كتاب الماضي على صفحة رسخها التاريخ الإنساني من جديد في فصل عنوانه «انتقام الفشل»، صفحة تروي تفاصيل ضربة هوجاء لمستعمر أراد استرجاع هيبته العسكرية بقتل الأبرياء العزل، الذين راحوا ضحية قنابل أرسلتها الطائرات الفرنسية لتقطع حبل التضامن بين الشعبين، لكن هيهات أن تمحي القنابل والدبابات روابط قوية صنعها المصير المشترك.

في كل مرة يلتقي فيها المؤرخون والممثلون الرسميون عن البلدين يطرح سؤال مهم هو كيف يمكن لمجزرة «ساقية سيدي يوسف» أن تكون بوابة نحو المستقبل؟، كيف لماضي أن يكون الذخيرة التي تدفع بأجيال كاملة نحو مواصلة مسيرة مليئة بالمحطات المشرفة.
سؤال حاول المتدخلون في الندوة التاريخية «أحداث ساقية سيدي يوسف رمز التلاحم بين الشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي» التي نظمها المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وصورة التحرير أول نوفمبر 1954، أول أمس، الإجابة عليه، حيث قال ممثل وزارة المجاهدين وذوي الحقوق إن المجزرة هي رمز لتلاحم الشعبين التونسي والجزائري، حيث خطت الدماء التي امتزجت فيها صفحة مشرقة من العلاقات التي تربط بينهما، بل هي عنوان للأخوة الصادقة والتضامن الفعّال ومطية للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتوسيعها الى أبعد الحدود.
داعيا إلى التدبر في المعاني الجليلة لهذه الذكرى واستلهام الدروس التي كتبتها، معتبرا المصير المشترك أهمها، مطالبا الأجيال بتجسيدها على أرض الواقع، وأن يجعلوا منها محطة متجددة لانبعاث الوعي المشترك بضرورة العمل سويا على نهج واحد هو الغد الأفضل للأجيال.
وفي ذات السياق، دعا الممثل عن السفارة التونسية والقائم بالأعمال مستشار السفير التونسي بالجزائر لطفي غرياني، أن تكون هذه الذكرى جزءا من البرامج الدراسية حتى تدرسها الأجيال القادمة ليستمدوا منها العبر في تلاحم الشعبين، متمنيا أن تكون تونس والجزائر في يوم من الأيام بلدا واحدا، شعبا واحدا، علمهما واحد.
واعتبر الأستاذ بن يوسف تلمساني أن مجزرة «ساقية سيدي يوسف» فرصة لأخذ العبر والدروس من أجل تطهير المغرب العربي من الأزمات بحلول داخلية، يضعها أبناء المنطقة ليست مفروضة أو مُمْلاَة عليه من الخارج، قائلا إن الجميع اليوم يحاول أن يستذكر الجريمة النكراء التي شهدتها ساقية سيدي يوسف، التي رسخت مقولة الرئيس بورقيبة عندما صرح «إن خيرت سأنحاز إلى الجزائر» في الذاكرة المشتركة بين البلدين، خاصة عندما رفض تدويل الحدود التونسية الجزائرية، كاشفا أن المجزرة كانت من بين الأسباب التي سرعت بسقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة.
قال أستاذ التاريخ عثمان منادي من جامعة سوق أهراس في تصريح لـ»الشعب» إن التاريخ هو مصدر عزة الأمة لذا وجب المحافظة عليه، لأنه حلقة بين الماضي والمستقبل بل همزة وصل لإخبار الأجيال بأن هذه الأرض الطيبة مسقية بدماء الشهداء والمجزرة جزء من تاريخ لا ينبغي التفريط فيه، معتبرا أن الاحتفال جاء من أجل مستقبل وحدة الشعوب والمصلحة والمنفعة المشتركة، وكذا لتذكر حجم الوفاء بين الشعب التونسي والجزائري، مذكرا أن الذي يزور المناطق الحدودية لا يشعر أبدا أنه دخل حدودا جديدة بسبب التطابق الذي يصل إلى حد التوأمة في كل تفاصيل الحياة، كاشفا أنه إذا عدنا إلى التاريخ نجد علاقات الشعبين ممتدة منذ 6000 سنة قبل الميلاد، لذلك وإن كانت الذاكرة هي مجزرة إلا أنها أعطتنا درسا متكامل الأركان عن الأخوة والتضامن.
وحث الأستاذ محمد واصلي من تونس في تصريح لـ «الشعب» الجيل الصاعد بأن يكون مطلعا على تاريخه حتى يتشبع بالوطنية ويتعلم حب الوطن، كي لا يرتمي في أحضان الدول التي تكيد للشعبين الجزائري والتونسي المكائد، طالبا من السياسيين أن يعتبروا من التاريخ حتى يرفعوا جميع الحواجز الإدارية التي تصعب من تنقل المواطنين بين البلدين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19478

العدد 19478

الجمعة 24 ماي 2024
العدد 19477

العدد 19477

الأربعاء 22 ماي 2024
العدد 19476

العدد 19476

الأربعاء 22 ماي 2024
العدد 19475

العدد 19475

الإثنين 20 ماي 2024