استرجـاع الأموال المنهوبة

آليـــات قضائيــة ملائمـة

نور الدين لعراجي

بعد مرور مخطط الحكومة أمام نواب قبة البرلمان السفلى، رغم امتناع كتلة الافافاس وصوتت الأغلبية الساحقة، ولعل الانشغال الاكثر حضورا في الشارع والوسط الإعلامي، هو كيفية العمل لاسترجاع الاموال المنهوبة، والمقدرة بحوالي 200 مليار دولار، ضاعت من الخزينة العمومية، حيث تأسست في ظل  النظام السابق امبراطورية فساد مالي.
ولعل الشروط التي ذكرها الوزير الأول جراد أمام النواب، كآلية يمكن من خلالها استرجاع الأموال المنهوبة، هي مصادرة الأملاك والأرصدة بالخارج  وإجلائها، وإثبات الأملاك والحسابات الضالعة في المال الفاسد وتحديد مكانها، توفر منطوق الأحكام النهائية، وأخيرا تفعيل بنود الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالمساعدة القضائية، خاصة مع الدول التي تنضوي تحت الاتفاقيات المبرمة مع الجزائر.
لكن على الدول الأخرى غير المنخرطة في بنود الاتفاقية الاستجابة والقبول لذلك، مثلما هو الأمر مع هونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة، عكس الدول الأوروبية التي تبقى الآليات فيها قائمة، تكفي فقط الإجراءات القانونية  المدعومة بتقارير الخبرة المالية وقرار الجهات القضائية.
وبما أن الجزائر حديثة العهد في القضايا الاقتصادية من هذا النوع، فإن المتابعات القضائية خارج المجال الإقليمي تتطلب الكثير من الإجراءات، بالإضافة إلى افتقادها الخبرة الميدانية، فإن أرضيات استرجاع الأموال تخضع أيضا لميكانيزمات حديثة يكفلها القانون، ولا يمكن لأي  متهم الإفلات منها.
ذلك أن المنظومة المصرفية تتطور بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بحركة تنقل رؤوس الأموال من وإلى بنوك بلدان أجنبية، وتحويل الأموال فيها يتم بشكل رقمي وعالي المستوى، فلا يمكن مراقبة آثارها في حالة سحبها لوجهة أخرى غير معلنة.
إن تفعيل الاتفاقيات الدولية مرهون بصدور الأحكام القضائية بحق المتهمين رهن الحبس الاحتياطي، وأغلبيتهم متابعون في عدة قضايا وجميعها تتعلق باستغلال الوظيفة، المشاركة في تبييض الأموال، التهرب الجبائي وقبول مزايا بغير وجه حق، إلى غيرها من القضايا التي تدخل في خانة الجريمة الاقتصادية، أبطالها شخصيات حكومية، سياسية واقتصادية سابقا، تحاكم طبقا لأحكام قانون الفساد.
يبقى عامل الزمن مطروحا بشدة، خاصة إذا عمد المتورطون رهن الحبس إلى الطعن بالنقض على مستوى المحكمة العليا، في الأحكام القضائية الصادرة في حقهم، فإن الرد، سيكون مابين السنة أو ثلاث سنوات، وهو ما يطيل من عمر مدة استرجاع الأموال المقدرة بعشر سنوات، ومحكومة بمدة التقادم التي طمأن بشأنها جراد، حيث ستتولى وزارة العدل من حيث المنهجية وضع نظام عملياتي لتنفيذ هذا المسار وتأمين مسعى استرجاع أموال الشعب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024